بقلم: محمد رضا عباس -
02-04-2017 ثم هناك علاقة صميميه بين الموسيقى والشعور بالسعادة والفرحة الغامرة لا يفهمها الا الاسوياء من البشر. الموسيقى كتاب يسرد قصة حضارات الشعوب , الموسيقى تريح المرضى من ألامهم و وحدتهم وبعدهم عن احبائهم , والموسيقى علامة من علامات الاحداث المفرحة , ختان الأولاد , زواج الشبان , وقدوم الأعياد و المناسبات الوطنية , والموسيقى تلهب المشاعر الوطنية عندما يتعرض الوطن او المقدسات الى الاعتداءات الخارجية . هل ننسى أناشيد فائدة كامل المصرية وكارم محمود في اغنيته الوطنية " امجاد يا عرب امجاد " او نشيد " الله أكبر" الذي اللهب الشعور القومي والوطني أعوام الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي؟ ما عداوة محافظ النجف مع الموسيقى؟ لماذا يمنع دخول الفرقة السمفونية الوطنية الى النجف ؟ هل جاءوا بسيارات مفخخة واحزمة ناسفة ام جاءوا بالآلات موسيقية تفرح و تبهج الصغير والكبير وتنشر الحب و السلام بين المواطنين ؟ ما هو العار والشنار التي جلبته الموسيقى الملتزمة الى شعوب الأرض ؟ لقد تعرفنا على العالم من خلال الموسيقى , فلماذا يريد سيادة محافظ النجف يحرم العالم على التعرف على ثقافة العراق , وثقافة محافظته ؟ هل وظيفة المحافظ هي محاربة الإرهاب الذي يريد ان يصبغ شوارع مدينته بدم الأبرياء او الموسيقى التي تجلب السعادة و السرور الى قلوب البشر؟ ثم اذا كان السيد المحافظ لا يحب الموسيقى , فلماذا يسمح بضرب الطبول في عاشوراء ؟ الكمان والطبل اداتان موسيقيتان , فلماذا حرم السيد المحافظ الأولى وحلل الثانية , بالوقت الذي تجلب الأولى الشعور بالراحة والفرحة و الثانية الحزن والاسى ؟ يا سيادة المحافظ الاحزان لا تبنى الأوطان , وانما الافراح هي التي تبني الأوطان وتبعث النشاط والراحة في نفوس الشعوب . دعني انقل لك ما قاله مؤسس الكنيسة البروتستانتية مارتن لوثر عن الموسيقى " ان الموسيقى لتثير كل انفعالات قلب الانسان , لا شيء في العالم اقدر من الموسيقى على ان تجعل الحزين فرحا والفرح حزينا , وعلى ان يكسب اليائس شجاعة , وانا لنعلم ان الشيطان يكره الموسيقى و يخشاها , الموسيقى واللاهوت هما وحدهما القادران على اسعاد النفوس القلقة و بث الطمأنينة فيها , وهذا يثبت ان الشيطان مصدر كل شقاء وهم , يهرب من الموسيقى كما يهرب من اللاهوت , ولهذا مارس الانبياء فن الموسيقى كما لم يمارسوا أي فن أخر , وعن طريق الموسيقى دعوا الى التقية بالتراتيل والمزامير ".
ثم هل هي من صلاحية المحافظ منع دخول السمفونية الوطنية ام مجلس المحافظة؟ متى نقضي على الفكر الديكتاتوري الذي زرعه الحكم المقبور؟ يا سيدي محافظ النجف , ان قرار منعك دخول الفرقة السمفونية الى النجف انما قرار حرب على كل جميل , واذا عندك مشكلة مع الجمال , فيجب عليك التنازل عن منصبك الوظيفي و الحزبي , لأنك أصبحت لا تمثل الاسوياء من أبناء محافظة النجف . المؤمنون يأتون الى النجف الاشرف لزيارة قبر سيد الاوصياء , ولكن عندما يرجعون من الزيارة يرجعون وهم يتحدثون عن جمال عمارة الصحن الحيدري الشريف ! ومن عمل على عمارة الصحن الشريف , بالتأكيد ليس انت , وانما الايدي التي تحب الجمال . أتمنى ان تلحق فقرة أخرى الى شروط مؤهلات المحافظ , وهي مؤهلاته الفنية , مثل دروس الفن , هوايته الفنية , و مشاركاته الفنية . اعتقد ان سبب انتشار العنف في العراق , إضافة الى الإرهاب هو ابتعاد المواطن العراقي عن الفن , وبالأخص الموسيقى . سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي لم تكن سنوات عنف ربما بسبب ان المواطن العراقي كان يصحى على أغاني السيدة فيروز وينام على أغاني السيدة ام كلثوم.
أتمنى على اهل النجف الكرام ولاسيما الطبقة المثقفة منهم الخروج الى الشارع والاحتجاج على قرار المحافظ الظالم , لان الحرب على الفن هو حرب على الجلسات العائلية , على ثقافة الشباب , وعلى اقتصاد البلد . لقد حاربت الكنيسة الاوربية الفن على أساس مخالفته لتعاليم الدين , تماما كما يدعي محافظ النجف لؤي الياسري ان العرض الموسيقي سوف " يسيء الى قدسية المدينة ". ولكن لم يقف الفن مكتوف اليدين في أوربا , الفن حارب النظام الأوربي (السياسة والكنيسة) كما قال المؤلف المصري اشرف إبراهيم " بسلاح السخرية , فاحتفل بعيد الاغبياء , وانتخب بابا او مطرانا للحمقى والبؤساء , واقام التمثيليات الملحدة , وانشد الأغنيات الفاحشة , ومارس العاب النرد على المذبح , وانشاء متحف الايروسية حيث الهرطقة والخلاعة والمجون , وصور الشيطان يقود الخطأة بينهم رؤوس ملكية متوجة , ورجال دين ذوي وجوه مضحكة واذان طويلة" . فهل سنندهش اذا استل رسام ريشته ليرسم لنا إرهابي بشروال أفغاني بصورة لؤي الياسري ؟
