جمال الضاري .. يسحب البساط من تحت الزعماء السنة ! - د . وضاح السيد
جمال الضاري .. يسحب البساط من تحت الزعماء السنة !


بقلم: د . وضاح السيد - 02-04-2017
من تابع زيارة رئيس اللجنة المركزية للمشروع الوطني ، جمال الضاري ، للولايات المتحدة مؤخرا" ، يلمس الحفاوة و الإهتمام اللذين حظيا بهما الزعيم السني الصاعد ، لدى أركان و مؤسسات الإدارة الأميركية الجديدة ، بل و بمؤوسسات الحركية السياسية الأميركية ، حيث إلتقى به أهم المعنيين بإدارة ترامب ، و كذلك أعضاء مجلسي الشيوخ و الكونغرس المهتمين بالشأن العراق ، بل هو حضر جلسة لمجلسي الشيوخ و الكونغرس ، ناهيك عن لقاءاته بمراكز الدراسات و وسائل الإعلام الأميركية ، و لجان الأمن و الدفاع في الكونغرس الأميركي ، و هو أمر لم يحظ به من قبل ، سياسي عراقي سواء أكان سنيا" أم شيعيا" ، فما بالك بمثل الضاري ، الذي هو أصلا" معارض للسياسة الأميركية في العراق و مانتج عنها من عملية سياسية كارثية ، أوصلت العراق الى حال التردي سياسيا" و أمنيا" ، و الإفلاس و الفساد إقتصاديا" ؟ ! 0
و من خلال متابعتنا لهذه الزيارة ، فإن الضاري تمحورت لقاءاته و إجتماعاته بالمسؤولين الأميركيين على نقاط عدة : أولها العملية السياسية الكارثية و الإقصائية ، الناتجة أصلا" عن الإحتلال الأميركي ، فعند لقائه بلجنتي الخارجية و الدفاع في الكونغرس ، نقل لهم وجهة نظره ، التي هي في نفس الوقت وجهة نظر العراقيين الذين هم خارج إطار السلطة بمختلف أطيافهم ، وهؤلاء تمت محاربتهم حتى في لقمة عيشهم ، و إبعادهم إقصاءا" عن العملية السياسية ، على الرغم من كونهم من أهم الكفاءات السياسية و الإعلامية و الإقتصادية ، ليس في العراق و حسب ، و إنما في المنطقة و ربما في العالم 0
وقد عرض الضاري لجوانب من رؤية المشروع العراقي لمكافحة الإرهاب ، التي ناقشها مع أعضاء مجلسي الشيوخ و الكونغرس ، ولجان الشؤون الدفاعية والأمنية والسياسة الخارجية فيهما ، وحول عدم إشراك المكونات والكتل السياسية المختلفة في القرارات المهمة التي تتخذها الحكومة العراقية ، إذ أكد الضاري لمجلة بوليتيكو المتخصصة بشؤون السياسة والدفاع التي تصدر في العاصمة الأمريكية واشنطن ، على ( إن تقسيم العراق او انفصال السنة تحت مبرر عدم إشراكهم ، لن يساهم في حل المشكلة العراقية بل سيعمقها ، والحل يكمن في فهم حقيقة العملية السياسية الحالية في العراق التي تقصي الجميع ، ولا تمثل إلا نفسها ، وفشلت في تقديم الخدمة والحماية لكل المكونات بما فيها المكون الذي تدّعي تمثيله ) 0
لكون العملية السياسية السائدة ، هي من نواتج الإحتلال الأميركي ، و ما بني على باطل فهو باطل ، إذ يقول الضاري في هذا الصدد ، ( ونقلت لهم أن الغزو الأمريكي للعراق كان خطأً والانسحاب منه بطريقة غير مسؤولة زاد من تعقيد المشكلة ) ، مركزا" على سياسات الإدارات الأميركية الخاطئة و غير المنطقية ، من خلال إستقاء معلوماتها من الحكومة العراقية ، و عدم الإنصات و الإستماع ، الى الذين هم من خارجها ، و هذا واقع أثر سلبيا" ليس في التعامل مع الواقع العراقي برمته ، و إنما ضاعف من أخطاء السياسة الأميركية ، و التشويش على منظار رؤيتها لما يدور في العراق حقيقة ، و هذا ما أثر على صدقيتها ، خصوصا" بعدما تُرك العراق لقمة سائغة للنفوذ الإيراني و لا أقول الهيمنة ، من جراء تعامل الإدارات الأميركية ، مع سياسيين من الجماعات الحاكمة ، هم متوزعي الولاء بين أميركا و إيران ، أو هي تتعامل بموقف رمادي مع هذا و ذاك ، وفقا" لمصالحها الشخصية و الآنية ، و على حساب الولاء للعراق الوطن ! 0
و النقطة الثانية التي أثارها الضاري أمام من إلتقاهم من المسؤولين الأميركيين و خصوصا" في مجلس الشيوخ ، هي دعم العراقيين الوطنيين ، من خلال تشكيل حكومة عراقية ، تعتمد المعيار الوطني و الكفاءة و المهنية ، حتى يكون بمقدورها التصدي للنفوذ الإيراني ، مشيرا" الى السياسة الأميركية الخاطئة ، التي هي مسؤولة عن تردي الأوضاع فيه ، و بعد أكثر من 13 عاما" على الإحتلال الأميركي ، الذي كان يفترض وفي أهدافه ، أن يجعل العراق بلداً ديمقراطياً وآمناً ومستقراً ومزدهراً وعنصر إشعاعٍ إيجابي للمنطقة والعالم 0
و قد أثار الضاري إهتمام الأميركيين في لقاءاته معهم ، عندما راح في عرض و تشخيص و تحليل الأوضاع ، و وضع الحلول التي يراها ناجعة في معالجتها ، فهو خاطبهم صراحة بالقول : إن تدمير الدولة ومؤسساتها أخرج العراق من دائرة التوازن الاستراتيجي في المنطقة ، ليتحول إلى دولة ينخرها الفساد و الطائفية والمحاصصة و السياسة الإقصائية ، فظهر الإرهاب مستغلاً هذه البيئة ليحتل عن ما يزيد عن ثلث مساحة العراق ، أمام أعين مئات الآلاف من عناصر القوات المسلحة ، فدفع السكان ثمناً باهظاً لاحتلال داعش لمناطقهم ، ثم أرغمت الحكومة والتحالف الدولي ، السكان ليقوموا على دفع ثمن أكبر مرة ثانية ، في عمليات تحرير مناطقهم من داعش ، التي حولتها عمليات التحرير إلى ركام فوق آلاف الضحايا المدنيين، فأصبحت ( عمليات التحرير ) تدمير وقتل وتهجير وامتهان0
كما أن الضاري قدّم رؤية استراتيجية للمشروع الوطني لإنقاذ العراق والقضاء على الإرهاب ، وخاصة داعش بضمان عدم عودته وعدم السماح بظهور أي تنظيم وريث لهذا التنظيم الإرهابي ، وجرت مناقشات تفصيلية كثيرة ومداخلات أغنت جلسة الكونغرس التي حضرها ، وعمّقت من الرؤية الشاملة للمشروع الوطني في إنقاذ العراق 0
و على كل حال ، إن صعود نجم المعارض جمال الضاري ، في دائرة القرار الأميركي ، تمنح دافعا" قويا" للإدارة الأميركية الجديدة ، في الإهتمام جديا" بضرورة مشاركة العراقيين الوطنيين في إدارة شؤون بلدهم ، و وضع حد لعملية إقصائهم من هذه المشاركة ، من قبل جماعات فاسدة أصلا" ، و تضع مصلحة الأجنبي و المصلحة الشخصية ، فوق كل إعتبار أو حس وطني 0
و عليه ، فإن إهتمام إدارة ترامب بالسياسي المعارض جمال الضاري ، له تداعيات سلبية على السياسيين السنة ، الذين لا يقلون فسادا" عن أقرانهم الشيعة و من الأطياف الأخرى ، خصوصا" و إنه أشهر الكارت الأحمر بوجودهم ! 0



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google