جدتي سياسية محنكة؟! - سيف أكثم المظفر
جدتي سياسية محنكة؟!


بقلم: سيف أكثم المظفر - 02-04-2017
تلك المرأة التي عمرها، اجتاز عمر المملكة العربية السعودية، تجاعيد وجهها تحدثك عن عمق مجرى بلاد النهرين، وعروق أصابعها هي وحدها كفيلة أن تروي لنا نصف تاريخ، ذاكرتها الحديدية تنسج لنا قصص الزمان؛ هي أم لأحد عشر طفلا (فريق كرة قدم) لم تسعف احدهم طبابتها البدائية؛ فراح ضحية لجرح بسيط، اعتادت أن تدير شؤون المنزل وتربية الأولاد؛ بسبب انشغال الجد بالدراسة والسفر، حتى بلغوا أشدهم، لتجتاز ثمانينات القرن الماضي بصعوبة حتى أغرقتها حرب التسعين و واحد، ليتشظى أولادها بعيدا عن موطنهم الأم، كحال معظم أمهات العراق.
كانت شديدة، حدية، لا تجامل، كلماتها قاصفة، ونبرتها عالية، يرتعد الجدار إذا تحدثت، وتهتز الأرض إذا تحركت، تملك علاقات اجتماعية ودولية أكثر من كوفي عنان، تخاطبهم باللسان صريح، ولهجة شعبية، ولا تستحي من قول الحق، وباللهجة الدارجة(تحط كلمن طينة بخده)، سلاحها الإيمان وعتادها التوكل.
تملك من الدبلوماسية ما يعجز عنه الجعفري، هي تفرض لا بالقوة، وتقنع لا بالإجبار، أسلوبها دبلوماسي يجمع حولها الأصدقاء، سياسية مقتدرة، لا بالمعنى الحزبي الدارج، بل بالحياة السياسية للفرد الاجتماعي، كلا منا لديه سياسة تعاملية في المجتمع، وتعتبر السياسة فن تعاملي يدخل في تركيبه الذكاء والذي يدعى بالحنكة السياسية، نحن يوميا نتعامل بالسياسة، ونخوض في غمارها في ابسط الأشياء، أنت سياسي محنك عندما تشتري كيلو بطاطة بأقل من سعره المعروض، أو تقنع سائق التكسي بان يوم جمعة غير مزدحم فتقلل من أجرته، وحتى إقناعك لأخيك أو ابنك إن الاستغناء عن أي شيء ممكن إلا دراسته فهي ضمان المستقبل؛ يصعب تعويضه.
كل تلك الحالات وغيرها الكثير هي سياسة.. نتداول مجرياتها ونخوض غمارها، دون ملل أو كلل، لكن عندما نتحدث عن الوطن.. وكيف نبنيه ونعمره، وأين اقصر طريق نسلكه يمكن أن يصل بنا إلى مرحلة المسؤولية، لنغير واقعنا المتعثر، اغلب الشباب، تجده ينفر ويضجر ويقول جملته المشهورة (لحد يحجي بالسياسة ، أني لا أحب الحديث السياسي)، وهذا خطا شائع، لا اعلم من ادخله في عقولنا، وكيف اقنعوا شبابنا أن التحدث في أوجاع الوطن تعتبر نكاية, وترمى بخانة احد الأحزاب، كونك امتدحت عملا تجده بنظرك صحيح ويخدم الوطن.
أن من صور لشبابنا، بان السياسة شيء منبوذ ومكروه هم نفسهم من ادخل إلى عقولنا أن الفصل الدين عن السياسة، يصلح ما هدمه الفاسدون، الذين لا يملكون دين أصلا، لذا رفعوا شعارهم الخادع(باسم الدين باكونة الحرامية)، أنها لمؤامرة تحاك ضد بلدنا العزيز، لإبعاد طاقاته الشبابية، من التصدي لأمور السياسة، ولعب دور حقيقي ينقذ ما تبقى من جسد وطننا الجريح.
الشعور بالمسؤولية، و الوصول إلى الأهداف بالطرق السليمة، من خلال قراءة عناوين السياسة بصورة عقلائية، تحمل حب الوطن، وتداوي جراحه، سلسلة مرتبط بحلقات تكمل بعضها البعض، فلا يمكن أن تكون طبيب دون أن تدخل كلية الطب، ولا يمكن أن تكون معمارية ناجح بلا شهادة هندسية، كذلك بناء الوطن بحاجة إلى أناس أكفاء وطنيون، يتحملون المسؤولية على أتم وجه، قياديون إداريون، سياسيون، كيف نحصل على هكذا أشخاص دون خوض حياة سياسية تقرب إلينا الأهداف وترسم لنا الصور الحقيقة بعيدا عن صراع وتنافس الحزبي؟

بإتباع خط المرجعية الرشيدة والالتزام بمبادئها وتعاليمها.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google