الكلام المُباح (134) الرَّايَةُ الحَمْراء! - يوسف أبو الفوز
الكلام المُباح (134) الرَّايَةُ الحَمْراء!


بقلم: يوسف أبو الفوز - 03-04-2017
أحد الاصدقاء ذكر بأنه صباح 31 اذار، اعتقد أن "فيس بوك"، اكتسى باللون الاحمر، لكثرة ما رأى من ورود حمراء ورايات حمر تبادلها الشيوعيين واصدقائهم، كبطاقات تهنئة بمناسبة الذكرى الثالثة والثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي. ولأن علاقة صديقي الصَدوق أَبُو سُكينْة، بالتكنولوجيا عموما لا تتعدى شاشة التلفزيون والهاتف، ورغم اني مشغول بالانتقال الى بيت جديد ومن ايام انام بين الصناديق والاكياس، توجهت وزوجتي الى بيته لتهنئته، وكنت اخبرت جَلِيل بفكرتي فسبقنا الى هناك حاملين معنا باقة ورد احمر وعلب الحلوى، فوجدنا ان توجيهات أَبُو سُكينْة قد حولت البيت الى مكان احتفال.
قالت أَمُّ سُكينْة من الصباح طلب منها ان تضع صور الشهداء مؤسسي الحزب في صدر قاعة الضيوف، وما ان وصلت سُكينْة طلب منها تزيين صالة البيت بنشرة اضوية ووضع بعض البوسترات التي يبدو طبعتها من موقع الحزب الاليكتروني، وكانت الاغاني الثورية تهدر في البيت من مكان لا تراه. فتحول المكان الى قاعة احتفال حقيقية.
ما ان دخلنا وشاهدنا البيت الذي يلهث بالنظافة وتفوح منه روائح البخور حتى قالت زوجتي مازحة: اليوم يومك يا أَبُو سُكينْة !
تحامل على نفسه ونهض ليستقبلنا وهو يرفع صوته : "اليوم يوم كل العراقيين والناس المخلصين". تشابكت الايدي وطقت القبلات في الهواء وارتفعت الضحكات، وكان أَبُو جَلِيل اكثرنا صخبا وهو يواصل حديث سابق صار يوجهه الان للجميع: لو كنتم عشتم معنا تلك الايام واحنا ندور في الليالي وننشر الرايات الحمر على اسلاك الكهرباء؟
كان أَبُو سُكينْة، قد روى لنا مرارا كيف كانوا في شبابهم، ايام الحكومات السابقة، يرسمون على قطعة قماش حمراء منجل وجاكوج او نجمة خماسية، وشعارات ثورية ويضمونها مطالب الناس بالحرية والديمقراطية والخبز وحق العمل، ويثبتون قطعتي خشب على طرفي قطعة القماش، ومن طرف يربطون حبلا قصيرا ويضعون في نهايته حجرا او ما يناسب، ويتسللون في الليل، ويختارون أمكنة في وسط المدينة ويرمون الحجر بأتجاه اسلاك الكهرباء فيلتف عليها ويثبت وتبسط الخشبة قطعة القماس، وتتدلى الراية عاليا. وكانوا يقومون برمي اكثر من راية في عدة امكنة. وفي اليوم التالي، المصادف ذكرى تأسيس الحزب، تكون الرايات الحمر ترفرف في اكثر من مكان. ورغما عنها تساهم الحكومة بتنبيه الناس الى المناسبة ووجود الرايات حين ترسل سيارة اطفاء ومعها الشرطة لانزالها، فيتجمع الناس وتبدأ الاسئلة، ويكون بعض الشيوعيين جاهزين وكأن وجودهم صدفة لاخبار الناس عن المناسبة وما هية الرايات الحمراء.
وفكرت كم من مناضل استشهد لاجل ان تبقى هذه الراية خفاقة دائما ، وكم مناضل زج لاجلها في السجن، وكم مناضلين ساروا على هداها في ظل مختلف الظروف. هي ليست مجرد قطعة قماش وشعار، انها رمز لنهج وفكر يهدي الناس الى حياة جديدة، حرة وسعيدة ، وتشير ليس الى التضحيات والامنيات فقط بل والى العبر والدروس خلال سنوات النضال المتفاني في خدمة الشعب والوطن للتعبير عن مصالح الكادحين .
* طريق الشعب العدد 158 ليوم الاثنين 3 نيسان 2017



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google