ألأغتراب آلحقيقيّ (Depravity) - عزيز الخزرجي
ألأغتراب آلحقيقيّ (Depravity)


بقلم: عزيز الخزرجي - 03-04-2017
ألأغتراب آلحقيقيّ (Depravity)
غربتنا في هذا الوجود بدأت يوم إنقطعنا عن آلأصل ثمّ هبطنا إلى هذه الأرض ألدّنيّة مرغمين أو راغبين لا أدري بآلضبط .. ثمّ آلفناها بكل قسوتها و حلوها و مرّها!
لكن تلك الغربة تضاعفت و تعقّدت مع مجيئ آلبعث الصّدامي ثم الحكومات المتعولمة .. بل قبلهم .. مذ فتحنا عيوننا على هذه الحياة ..

و بدأتْ قصّتنا مع الله ..
إنها قصّة الدَّم و الدّموع و الهجر و الغربة ..
لقد رأيناهُ تعالى معنا, و لم يتركنا بعد أنْ تركنا الناس غرباء داخل مُدننا و وطننا .. حتّى المقرّبين جهلوا علينا حقّنا, لا لشيئ سوى لإيماننا بآلله و جهادنا في سبيله ضدّ الظلم..

و كانت قصّةً دامية بحقّ .. وغربتنا غربة قاتلة, و نحن داخل وطننا و أحضان عشيرتنا ..
فكيف كان ذلك و متى و أين و لماذا؟

عندما كُنا نواجه جيوش ألصدّاميين من الأمن و المخابرات و العسكر و الجيش الشعبي و الشرطة و الأمن العام و الخاص و آلأستخبارات و المخابرات و فدائيّي المقبور و جيوش الموظفين الخدم في آلمنظومة الأداريّة البعثيّة الذين لم يتقنوا سوى كتابة (التقارير) باسم البعثية العربية حتى على أتفه الأشياء, و نحن نواجههم سرّاً و علانية وجهاً لوجه و كم صبرنا و تواصينا على الحقّ ضمن خلايا الحركة الأسلامية التي لم تكن تتجاوز بضع عشر نفرٍ أمام شعب ضيّع (المشيتين), و هم يلهثون وراء لقمة خبز و بأيّ ثمن, و نحن في أوساطهم حيارى نتعرض للأعتقال و التشريد و القتل .. و رغم قلّة عددنا .. لكننا كُنّأ بحقّ عملة نادرة .. بل كل حركيّ كان يُعادل أمّة بكاملها ..
أمّة في رجل كما كان إبراهيم(ع) أُمّة قانتاً لله!

ألقاعدة الأساسيّة التي آمنّا بها, قضتْ بآلثورة آلشاملة كطريق وحيد لنيل السّعادة الأبديّة في الدّارين, خلاصتها هي أنك إذا أحسستَ بالغربة في مجتمعك، ثُرْ عليه كي تجعلهُ يشعرُ بالإغتراب عنكّ فيثورُ هو على نفسِه و ينضمّ إلى ثورتك عليه!

و صَدَقَ (جبران خليل جبران) في مقولته المشهورة و كأنّه عنانا بآلذّات, حين قال:
[لو رأيت الجّميع ضدّكَ و آلألوانُ غير لونكَ, و الكُلّ يمشي عَكْسكَ؛ لا تتردّد؛ إمشي وراء قلبك و تمسّك بمبادئكَ؛ و لا تأبه لهم .. حتى و إنْ أصبحتَ وحيداً .. لا تتردّد .. فآلوحدة أفضل من أنْ تعيش عكسَ نفسكَ لإرضاء غيرك]!

أنْ تضطَرَّ إلى العيش في بلد غير بلدكَ، و في مجتمع غير مجتمعك؛ قد يكون نوعاً من آلاغتراب اليسير .. ألبسيط ألذي تسهل ألسّيطرة عليه و التعايش معه .. لكن إضطراركَ للعيش في مجتمع لا يعترف بمشروعيّتك؛ بهويّتكَ؛ بتأريخك؛ بما تحمل من فكرٍ و قيمٍ؛ و ينبذ مُخرجات عقلك أو يمتهنها؛ لهو الأغتراب الحقيقي .. بل هو أشدّ أنواع الإغتراب تعذيباً لك و اختزالاً لإنسانيتكَ؛ لوجودك الكونيّ حتى لو كان هذا المجتمع يتكوّن من أهلِك و عشيرتِك الأقربين ..

إلّا إذا اخترتَ أنْ تكونَ ثائراً إيجابياً على واقعكَ و على مجتمعكَ هذا من ثمَّ، و رفضتَ أن تبقى مستسلماً سلبياً أمام إملاءاته، و خاضعاً خضوعاً كاملاً لثقافتهِ، فثورتكَ الإيجابيّة تعيدُ إنتاجَ علاقتك بالمجتمع على نحوٍ معكوس، لتغدوَ أنتَ آلأصل، و مجتمعكَ هو المغترب .. ألذي عليه أنْ يستجيب لمُخرجاتِ ثورتكَ الإيجابيّة كي يتحرَّر من إغترابه عنكَ!

فيا أصحاب آلفكر و آلعقول ألتي تُعاني ألأغتراب الحقيقي في مجتمعاتها؛ ثُوروا بإيجابيّةٍ، و كُفّوا عَنْ أنْ تكونوا مُتلقين سلبيين لإملاءاتها و خاضعين لثقافاتها، كي تجبروها هي على الإحساس بالإغتراب عنكم، فتبحث من ثمَّ عن وسائل للتحرُّر من هذا الاغتراب بالتفاعل معكم!
و ليعلم الله من ينصره و رسله بآلغيب, إن الله قويٌّ عزيز.
عزيز الخزرجي
مفكر كونيّ



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google