صناعة ( الآلهة ) و عبادتها عربية بأمتياز - حيدر الصراف
صناعة ( الآلهة ) و عبادتها عربية بأمتياز


بقلم: حيدر الصراف - 03-04-2017
في القديم من الأزمان كانت عدة شعوب و اقوام تعبد و تبجل و تجل ( الآلهة ) و تتوسل اليها في تلبية المتطلبات و الأحتياجات في زيادة النسل و وفرة الغذاء و النجاة من الكوارث الطبيعية كالأعاصير و الزلازل و الفيضانات و كان الناس الساكنين في بلاد ( الرافدين ) لهم آلهتهم المعبودة و المتعددة فكان ( تموز ) و كانت ( عشتار ) و كانت الجموع البابلية تستعد لمهرجانات ( الآلهة ) المقدسة في الشوارع و الساحات و كان النهرين واهبين الخصب و الخير و الحياة و كانت اقوام تقطن بلاد ( فارس ) و ما جاورها يحكمها الأمبراطور العظيم من ( الأكاسرة ) تعبد النار الملتهبة في المواقد و المشاعل و تجلها و تنظر اليها بأحترام جم و تقديس مهم في حق هذا الشيئ المبهم و كان جيرانهم من تلك الشعوب التي كان ملوكها اصحاب الجلالة ( القياصرة ) و كان لهم ايضآ عدة ( آلهات ) واحدة للحب و الأخرى للحرب و غيرها للخصوبة و الوفرة و الرخاء و كانت تحظى بكل الأحترام و التقدير و التقديس و كانت الطقوس الدينية تقام على شرفها في المعابد و تقدم لها الأضاحي في المذابح و دكات القرابين اما ( الأقباط ) فكان حكامهم ( الفراعنة ) هم الأرباب التي تقدم لها النذور و البخور و تنحر لها الذبائح و القرابين و كانت ( الأهرامات ) قصور تلك الآلهة بعد موتها و مكان بعثها من جديد في تلك القبور و كانت سلالات تلك الأسر الفرعونية تتوارث الحكم و الألوهية معآ في بلاد النيل الباذخ الثراء .

اما سكان ( جزيرة العرب ) فكانوا يصنعون ( آلهتهم ) بأيديهم من مواد مختلفة و اشكال و الوان متعددة و من ثم يعبدونها و يقدمون القرابين لها تضرعآ و تشفعآ و حتى كانت بعض من تلك ( الآلهة ) المصنوعة من مواد قابلة للأكل فعندما يجوع المتعبد فأنه قد يلتهم ( آلهته ) كما كانوا يفعلون فأنها لا تضر و لا تنفع لكنها تشبع .

حل الدين الجديد و حطم النبي ( محمد ) الأصنام المعبودة تلك الأوثان المنصوبة في الكعبة ( بيت الله ) و دعا الناس الى عبادة ( اله ) واحد غير مرئي و لا ملموس يسكن السموات في الأعالي فأستجاب القسم الأعظم منهم لتلك الدعوة و تركوا عبادة الأصنام المتعددة الى عبادة ( الله ) و لكن ذلك لم يدم طويلآ فبعد وفاة النبي و خلفائه سرعان ما اختلف الناس فيما بينهم مع ظهور المذاهب الفقهية التي تفسر ( الكتاب و السنة ) كل حسب رأي امامه و صاحب مذهبه و اصبح ائمة هذه المذاهب ( الآلهة ) الجديدة التي يدافع عنها المؤيدون و الأتباع بالنقاش و الحوار حينآ و بالحرب و القتال احيانآ فكانت دروب ( بغداد ) و ازقتها شاهدة على تلك المعارك الشرسة بين انصار المذاهب المختلفة .

نشئت و استقلت دولآ جمهورية النظام و اخرى ملكية الحكم على انقاض الدولة العثمانية الغابرة و رحيل المستعمر الأوربي و آلته الحربية عن المنطقة و اصبح رؤساء تلك الدول و ملوكها هم ( الآلهة ) الجدد اصحاب الحصانة و النيافة و الذين هم بمنأى عن النقد او المسائلة فهم فوق مصاف البشر و يمتلكون من الصفات الخارقة و التي ليست لغيرهم منها شيئ و كثيرآ ما كان المداحون من الشعراء و الأدباء و المطربين يتغنون بمناقب اصحاب السيادة و يكيلون المدح و الثناء و الأعجاب لأولئك القادة الملهمين حتى اصبح النيل من الذات الألهية اهون بكثير من أي كلمة نقيصة او عبارة سؤ تقال في حق أي من اولئك الزعماء فكانت السراديب الرطبة و المظلمة مصير المنتقدين الأوفر حظآ اما التعساء منهم فتكون الحبال المفتولة بعناية بأنتظار اعناقهم الطرية .

اما هذا الصنف من البشر الذي لا يستطيع العيش و الأنتظام دون حاكم جائر مستبد و عنيف يأمرهم بالزجر و العصا و يلهب ظهورهم بالسياط و العذاب ان هم عصوا امرآ او تنازعوا في قرار فكانت صناعة ( الأرباب الطغاة ) المهنة التي برعوا فيها و اتقنوا حرفتها فبعد تلك ( الآلهات ) المقدسات و التي كان من الواجب الأنحناء لها احترامآ و تبجيلآ و تقديم القرابين و النذور تيمنآ و تقديرآ و عندما لم تعد تلك القوى الغيبية الخفية قادرة على اكمال مهمتها في التخويف و الأجبار كان ( الحكام ) القدامى منهم و الجدد هم البديل الذي يكمل المهمة و ينجزها في جعل الرعية مجموعة من العبيد السذج و الأغبياء الذين لا حول لهم و لا حجة الا الأنقياد خلف القائد ( الراعي ) الذي قد يمضي بهم الى الهاوية السحيقة و هذا ما حدث في اغلب الأحيان فكان اولئك ( الرعاة ) من الحماقة و العته الشيئ الكثير ان تركوا ورائهم بلدانآ مقسمة و مهدمة و شعوبآ فقيرة متقاتلة و متناحرة و هم الآن في قبورهم تنزل عليهم اللعنات و الذكر السيئ في مثواهم و مستقرهم الأخير .

حيدر الصراف



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google