أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٦] - نــزار حيدر
أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٦]


بقلم: نــزار حيدر - 03-04-2017
أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة!
[٦]
نـــــــــــزار حيدر
خلال سفرتي الأَخيرةِ الى العراق حدَّثني أَحدُ المواطنين قائلاً؛
قبلَ مدَّةٍ كنتُ جالساً وعائلتي وأَولادي [شابَّان وشابَّتان] أَمام التِّلفاز نُتابع خطاب أَحد [الزُّعماء] وهو يتحدَّث عن الشَّباب الذين هُم الثَّروة الحقيقيَّة التي لا تنضب للبلادِ فهم قادةُ المستقبل، على حدِّ وصفهِ، وكيف أَنَّهُ سيعمل كلَّ ما بوسعهِ لتشريعِ القوانين من أَجلهم لتنميتهِم وخلق الفُرص أَمامهُم ليجِدوا أَنفسهم فيتبوَّأُوا مكانتهُم ومكانهُم الطَّبيعي في قيادةِ المُجتمع!.
أَضاف المواطن؛
في الأَثناء إِنتبهتُ الى أَولادي الشباب، وقد إِنفتحت أَساريرهُم وعلَت وجوههُم الفرحة! مستبشرين خيراً بخطاب الزَّعيم!.
إِستمرَّ [القائد الضَّرورة] يسترسل في خطابهِ النَّاري عن الشَّباب والفُرص التي سيخلُقها لهم للتَّنمية ولقيادةِ!.
إِنتظرتُ حتَّى أَكْمَل خطابهُ لأُبادرَ أَولادي فوراً بالقولِ؛
إِنّهُ يقصد أَولادهُ ولا يقصدكُم! إِنَّهُ يُهيِّئ الظُّروف والأَسباب ليخلفهُ أَولاده الشَّباب في قيادةِ الحزب والدَّولة وهو لا يقصدكُم يا أَولادي!.
إِنتبهوا! لا تنخدِعوا بخطاباتهِم! فكلُّ ما يتحدَّثون عنهُ إِنَّما يقصدونَ بهِ أَنفسهم ولا يقصدونَ بهِ أَحدٌ من أَبناء الشَّعب!.
قلتُ لهم هذا لأَنَّنِي خشيتُ عليهم من الآمال الكاذبة والأَحلام الورديَّة التي يرسمها الزُّعماء عندنا للنشء الجديد!.
لقد خشيتُ على صحَّتهم! بسبب الصَّدمة، صدمة الأَمل والأَحلام!.
إِنَّ الدَّولة التي يحتكر فيها المسؤول كلَّ الفُرص لنفسهِ ولأَبنائهِ وأَحفادهِ هي ليست دولة مدنيَّة بأَيِّ شَكلٍ من الأَشكالِ!.
وهذا هو حال الوضع في الْعِراقِ للأَسف الشَّديد! فكلُّ الفُرص محجوزة للمسؤول ولمن يتعلَّق بهِ، طبعاً باستثناء فُرص الشَّهادة في ساحات الحَرْبِ على الارْهابِ فتلكَ فُرصٌ محجوزةٌ لأَبناء الشَّعب فقط وليس لأَبناء المسؤولين أَيَّة حُصَّة منها!.
أُنظروا كيف يهيِّئون الظُّروف لتولِّي أَبناءهم لمواقعهِم بعد هلاكهِم! وكيف يوطِّئون الأَسباب لتولِّي أَحفادهم مواقع المسؤوليَّة! حتَّى إِذا كانوا أَطفالاً رُضَّعاً يعتلون المنصَّة بحفَّاظاتهِم!.
إِنَّهم يتشبَّهون بأَفعال الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين! فهل يتوقَّعون أَنَّهم سيُلاقونَ مصيراً أَفْضَل من مصيرهِ؟!.
كثيرونَ منهم وزَّعوا الفُرص على أَبنائهم وأَنسابهم ومَن يلوذُ بهِم! في الوزارات والبرلمان والسَّفارات والملحقيَّات وفِي كلِّ مكانٍ، ليس على أَساس الخِبرة والكفاءة والقدُرات الذَّاتيَّة والشَّهادة العلميَّة وغير ذلك وإِنَّما على أَساس المحسوبيَّة والمنسوبيَّة والولاءات الشَّخصيَّة! ولذلك فليس غريباً إِذا أَخبرنا نائبٌ في البرلمان بأَنَّ نصف عدد الموظَّفين في مجلس النُّوَّاب [وعددهُم الاجمالي حوالي ٢٠٠٠موظَّف] لا يحملونَ الشَّهادة الابتدائيَّة! وجُلُّهم تقريباً من أَقارب الذَّوات العُليا في البرلمان!.
ويحدِّثني سفيرٌ في عاصمة إِحدى الدُّوَل العُظمى بالقول؛ إِنَّهُ اكتشفَ عند تعيينهِ سفيراً بأَنَّ أَحد الديبلوماسيِّين المُنسَّبين من الوزارة في بغداد لسفارتهِ كمُترجم لا يُجيدُ اللُّغة التي تمَّ تعيينهُ على أَساسِها!.
للأَسف الشَّديد فانَّ المواطن عندنا لا يتمتَّع بالفُرص وعلى مُختلفِ الأَصعِدةِ! خاصَّةً على صعيدِ التَّعليم! ولذلك يخسر الْعِراق الكثيرُ من الطَّاقات والكفاءات والعُقول الخلَّاقة لهذا السَّبب!.
إِنَّها تُبدع في بلادِ الغرب وتذوبُ وتنتهي في بلادِنا، لماذا؟! لأَنّها تتمتَّع بكلِّ الفُرص هناك أَمَّا في بلادِنا فلا تتمتَّع بشيءٍ منها!.
*يتبع
٣ نيسان ٢٠١٧
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google