أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٧] - نــزار حيدر
أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٧]


بقلم: نــزار حيدر - 04-04-2017
أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة!
[٧]
نـــــــــــزار حيدر
في الدَّولةِ المدنيَّة تتجلَّى بوضوحٍ ثلاثة أُسُسُ مهمَّة، وهي؛
التَّعايش
الحُقوق
المُواطنة
والعكس هو الصَّحيح، فاذا رأيتَ أَنَّ واحدةً أَو أَكثر من هذه الأُسُس مسحوقةٌ أَو يتمُّ العبثَ بها فتأَكَّد بأَنَّ الدَّولة غير مدنيَّة، لأَنَّ صفة المدنيَّة عابرة لكلِّ شيءٍ ولذلك تتجسَّد فيها هذهِ الأُسُس!.
لقد حدَّثنا ربُّ العزَّة عن فلسفةِ التعدُّد والتَّنوُّع والاختلاف بقولهِ تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
فالاختلافُ للتَّعارف والتَّعارف للتَّعايش والتَّعايش للتَّعاون والتَّعاون للتَّكامل والتَّكامل للنَّجاح والنَّجاح للتقدُّم والتقدُّم لتحقيقِ السَّعادة والرفاهيَّة وهو الهدف الأَسمى لحكمةِ الخلق ولذلك قَالَ تعالى {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا} وهو تعبيرٌ عن السَّعادة والرَّفاه في الدُّنيا.
وهكذا هوَ كلُّ إِختلافٍ في الخلقِ والكونِ، فهو يكون أَداةً من أَدوات السَّعادة إِذا أَنتجَ التَّعايش أَمّا إِذا كان سببٌ من أَسباب الفُرقة والتَّمييز والاقتتال فسيكونُ بالتَّأكيد مدعاة للتَّقهقر والتَّراجع والتَّخلُّف وبالتَّالي للتَّعاسة والمذلَّة.
فعندما يتحدَّث القرآن الكريم عن الضَّعف والمهانة في المجتمع، يسوقُ أَوَّل وأَهمِّ الأَسباب وأَقصد به الاختلاف.
يقولُ تعالى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
إِنَّ الصَّبر على التنوُّع والاختلاف لاستيعابهِ من أَجْلِ تحويلهِ الى مصدر قوَّة في المجتمعِ بدلاً من أَن يكونَ سبباً للتَّناحر هو مهمَّة العُقلاء، أَمّا المجانين أَو الذين في قلوبهم مرضٌ فيوظِّفون التنوُّع والاختلاف لإِثارةِ الفتنة!.
ولذلك نلاحظ أَنَّ القرآن الكريم يختتم آيات التنوُّع والاختلاف والتعدُّد بقولهِ عزَّ وجلَّ بالعبارة {لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} لأَنَّ العُقلاء هم وحدهُم الذين يسخِّرون التعدُّد والتَّنوُّع والاختلاف من أَجل التَّعايش للتَّعاون والتكامل! أَمَّا المجانين وما أَكثرهم في بلادِنا، فيعتبرونَ كلَّ تنوُّعٍ أَو إِختلافٍ سببٌ من أَسباب التمزُّق والتَّفرقة والتَّقاطع بين أَبناء المجتمع الواحد!.
يقول تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.
وياليتَ الاختلافُ والتعدُّد والتَّنوُّع بتأثيراتهِ السَّلبيَّة يقف عندَ حدِّ الجنس أَو العنصر أَو الدِّين والمذهبِ! إِنَّما هو اليوم يتنزَّل ويتنزَّل ويتنزَّل ليصل الى المنطقةِ والتَّقليد المرجعي والعشيرة والأُسرة ويتنزَّل أَكثر ليصل الى الحُسينيَّة والمسجد والنَّادي والمقهى وهكذا حتَّى يتنزَّل ربَّما ليصل الى الشَّقيق الذي هوَ من نَفْسِ الأَبوَين وإِلى الأَخ الذي هو من أَحدهِما فقط!.
في الدَّولة غير المدنيَّة فانَّ النَّاس تحسب لكلِّ تنوُّع وإِختلاف وتعدُّد وعلى أَيِّ صعيدٍ كان حساباً كبيراً ولذلك ترى أَنَّ التَّعايش بينهم هو من أَعقد الأُمور التي لا تتحقَّق إِلّا بشقِّ الأَنفُس! فما أَن تلتقي بأَحدهِم حتَّى يُبادركَ بسُؤالِ التَّعارف وهو الأَسوء؛
أَلأَخ مِن يا عَمام؟!.
أَلأَخ إِلمَن يقلِّد؟!.
أَلأَخ من أَي مُحافظة؟! من أَي منطقة؟!.
سُنِّي لو شيعي؟!.
مُسلم لو من الأَقليَّات؟!.
ومن أَيِّ حزبٍ أَو كُتلة؟!.
ومَن هو القائد الضَّرورة والعِجل السَّمين والصَّنم الذي تعبدهُ؟!.
وهكذا تُزَخُّ عليك الأَسئلة كالمطرِ النَّازل من ميزاب! ليبدأَ صاحبَنا بعمليَّة الفرز وتحديد الموقف منك في ذهنهِ!.
أَمّا في الدَّولة المدنيَّة فانَّ أَوَّل سؤَال يطرحهُ عليك الآخر إِذا أَرادَ أَن يتعرَّف عليك هو؛ عِلمُك، جامعتك، شهادتك، إِنجازاتك، نجاحاتك، وغير ذلك من الأَسئلة الحيويَّة التي يمكنُ البِناء عليها للتَّعارف والتَّعاون والتَّكامُل.
*يتبع
٤ نيسان ٢٠١٧
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google