9 نيسان في الميزان - سالم سمسم مهدي
9 نيسان في الميزان


بقلم: سالم سمسم مهدي - 08-04-2017
كلما يقترب منا يوم التاسع نيسان نتذكره كما كان عام 2003 ذكريات لا تخلو من الألم ولا تنقصها المرارة خاصة وإنها اقترنت بوعود كاذبة وأيمان خادعة ذكرتنا بذلك القّسَم الذي صدقه ابونا آدم وغادر بسببه الجنة ...

وكما ان والدي ذلك الانسان البسيط الثقافة الكبير العقل قال لي اكثر من مرة : لا تصدق وعود امريكا لأنها حامية وراعية لإسرائيل وأنهم سيأتوننا لا محال ولكنه مع هذا كان يقول لي أمنيتي أن أشهد نهاية صدام ...

ولأن لا ذل كقهر الرجال الذي كنا نعيشه ايام الطغيان ويواجهنا في الشارع والمدرسة والكلية والقرارات الجائرة بقطع اليد واللسان والأذن ومفارز الجيش الشعبي التي كانت تقطع علينا الطرق كل يوم كي تسوق الناس الى حروب عبثية لا ناقة لهم فيها ولا جمل ومن خلفهم كانت تتربص فرق الاعدام التي تردي كل من ينجو من هذه الحروب سالماً بنفسه...

كل هذا مع ان وعود تحويل العراق الى جنة كانت تطلق امام العالم ككل ولأنها انطلت على الشعب الأمريكي الذي حذروه من اسلحة صدام ودفع من دم قلبه ثمن تنفيذ هذه الوعود ( ذهبت مكاسب الغزو إلى ثلة من المنتفعين ) فأننا أيضاً صدقنا ما قيل لنا ودفَعَنا لذلك اكثر حرارة الجمر الذي كنا نمسكه بأيدينا بسبب تصرفات عدي وكل ابناء الطبقة الفاسقة ...

ما حصل في 11 / أيلول في أمريكا لابد أن يقود إلى حدث أكبر وكان ذلك رأس صدام مع تغيير كبير في الخريطة السياسية في المنطقة وهذا ما تم تطبيقه بكفاءة ولكن كان بالإمكان استثمار هذا التغيير والحصول على نتائج افضل بالنسبة لنا نحن المعنيين بالتغيير ...

لم يحصل ما كنا نصبو اليه لأسباب عدة اهمها أن الطبقة التي ظهرت للواجهة بتخطيط امريكي لم تكن مؤهلة لإدارة شؤون بلد مثل العراق ولا حتى تلك البلدان الفقيرة في مجاهل افريقيا والسبب الثاني امريكا ذاتها التي لم تكن موفقة في تشخيص الوضع العراقي او لأنها تبنت سياسة الفوضى الخلاقة وخلطت الامور في بلد يتمتع بمزيج وخليط سكاني على امتداد التاريخ فكان المسيحيين والأقليات السكانية الاخرى اول من دفع ثمن هذه الفوضى ...

لقد بانت علامات هذه الفوضى منذ اللحظات الاولى لدخول القوات المتحالفة مدينة البصرة عندما ترك للصوص والحواسم حرية غزو الثروة الوطنية والاستئثار بها على حساب رصيد الشعب والدولة العراقية ولم تكلف هذه القوات نفسها مسؤولية حتى اصدار بيان ينهى عن ممارستها فضلا عن ان هذه القوات رفضت حتى اعلان تعليمات اوامر منع التجول للحد من هذا التداعي ولم تُغلق الحدود لمنع تهريب الاموال وكل الممتلكات المنقولة لدول الجوار....

فكان هذا التجاهل السبب في فتح باب الفساد على مصراعيه في كل العراق ليصبح سلوكا مارس الحجم الضخم منه القيادات الجديدة التي نصبتها امريكا على كراسي السلطة لينتشر بعد ذلك التهميش الذي واجهه من شمله برد فعل عكسي بالانضمام الى كل قوة تعلن انشقاقها او معارضتها لأسلوب الحكم الجديد والذي شجع عليه بطأ حركة هذه القيادات والتي تشبه حركة السلحفاة في بلد يحتاج الى سرعة الغزال لتمشية اموره ...

في الوقت الذي كان فيه العراقيين يتطلعون لحياة افضل يستحقونها بعد كم هائل من الخسائر البشرية اصابتهم بحروب لم يتعرض لها اي بلد اخر على المعمورة فإذا بهم يجدون انفسهم في اتون صراع جديد ابتدأ من القمة بين أطراف العملية السياسية الفاشلة لينتقل بسرعة فائقة الى القاعدة الشعبية التي قلدت من يعتقدون انهم يمثلونهم بإخلاص وما كانوا لهم ناصحين بل ان اخلاصهم محصور بأنفسهم ...

اذن الفساد والقتل والتدمير والحروب وتعطيل قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة وتراجع البطاقة التموينية وازدياد عدد الارامل والأيتام وانهيار البنية التحتية ومطاردة الموظف على راتبه وملاحقة المتقاعد على رزقه المحدود هو ما حصده المواطن العراقي ...

بالمقابل حظى الوطن بطبقة سياسية جديدة بديلا عن قيادات البعث وأخذت تمارس ما كان يمارسه من سبقها .

أن ما دفعنا لكتبة هذا المقال هو ان الولايات المتحدة ما زالت غير جادة في رسم سياسة ناجحة في العراق تُخلص شعبنا الجريح مما هو فيه من كثير ألم لأنها تستطيع أن تطارد الذين هرّبوا الاموال في كافة انحاء العالم وتعيدها للخزينة شبه الخاوية وكذلك تستطيع ان تفرض على الاطراف الملتوية الجلوس في المكان الصحيح والابتعاد عن تسميم الاجواء وأيضا تستطيع ان تأخذ من الدول التي ساهمت بتدمير العراق مثل ما اخذت من صدام ودفعته لهذه الدول اذا متى ما حصل هذا نستطيع ان نقول ان امريكا قد عملت ما عليها من التزام بإعطاء الشعب حقوقه الصحيحة في التعبير والانتخاب .

سالم سمسم مهدي



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google