كيف للمفكر أن ينقاد للعاطفة على حساب تراتبية التوازن .. حسن العلوي نموذجا" ؟ ! - د . وضاح السيد
كيف للمفكر أن ينقاد للعاطفة على حساب تراتبية التوازن .. حسن العلوي نموذجا" ؟ !


بقلم: د . وضاح السيد - 09-04-2017
ظلت موضوعة التوازن بين الفكر و العاطفة ، محلا" للجدل و سبر الغور التقابلي للمعنى ، من قبل المفكرين و الفلاسفة ، خصوصا" و إن متبعي العقلانية يرون ، أن أنماط التصرف المفيدة للمجتمع مردها للفكر المنطقي البشري ، و على عكس ما ينادي به (روسو) مؤمنا" ، بتفوق العواطف على الفكر الخالص ، وغيره يتشبث بالعكس ، حتى جاء ( كانط ) فأراد بفلسفته الشهيرة التوحيد بين العواطف والفكر، وإنقاذ الإيمان من الفكر المجرد ، والعلم من تشكيك المتعصبين ضد العلوم الطبيعية 0
و الواقع إن نفور الفلاسفة و المفكرين من العواطف ، يعود إلى أنها وراء الأهواء التي آذت الإنسان ، و إن اختلاط العواطف أو الإحساس بالفكر الخالص ، يشوه التصرف والمعرفة، ربما إن عدم القدرة على العزل بين العقل والفكر والعاطفة ، نابع من إغفال المعاني الصحيحة ، لمصطلحات استعملها فلاسفة كبار ، مثل كانط حين تحدث عن الخليقة وآلهة النهي والأمر 0
أسوق هذه المقدمة ، لأتناول جانب التعاطف و الإنقياد ، في مقابل التثبت و التوازن في العنوان الفكري ، و عندما أشير الى نموذج فكري محدد ، لم يغب عن منظاري طيلة أربعة عقود و إن كان يسبقني عقدا" في الزمن العمري ، كما هو نموج المفكر حسن العلوي ، كي أستطيع أن أحدد مبتغاي ، الذي أرنو إليه ، من وراء عنواني الآنف ، لكون العلوي ( و هي مثلبة عليه بلاشك ) تحادر الى العاطفة و الشفافية ، متخليا" عن منصة العلو الفكري و الإنطلاق التراتبي أو التصاعدي ، ربما تكون حجته في ذلك : العاطفة و الشفافية و التواضع و الحس الإنساني ، مع إني أعتقد إن الفكرية العقلانية في تعاليها ، ذروة بعد أخرى ، إنما هي تجاوزت منصة العواطف الأفقية ، ببلوغها قاعدة الإنطلاق عموديا" ، كفكر يتصاعد بناؤه منطقيا" و لغة ، على الرغم من أن العواطف سبقته من خلال تأجبج محفزات البحث و التقصي ، و بغية قيام المجتمع و إدامة بقاء الإنسان تواصلا" ، بيد أن هذا الأمر ، لا يؤثر على الفكر المنطلق إجتراحا" ، و لن يكون هذا الفكر معنيا" بالإجترار 0
أقول هذا حتى لا يذهب العلوي ، في جعل الفكر مقترنا" بالعاطفة ، لأن مثل هذا الإقتران في رأيي المدروس ، يُبطيء و يُعطل من آلية التفكر الخلاق و التبصر النافذ ، و إلا كيف نستشف الفائدة من الكتابة عن ممثل ليس هو بمستوى يوسف العاني أو حتى خليل شوقي أو ناهدة الرماح ، كما هو واقع جواد الشكرجي ؟ ، الذي يكون هاجس العلوي في الكتابة الإطرائية ، و هنا يكون التحادر الفكري ، و على العكس من تناول العلوي للجواهري ، حيث يكون التصاعد البحثي و الخلاق ، لتكون معادلة التوازن مختلة ، ما بين الهبوط ( و بغض النظر عن الدافع ) ، و التصاعد الإستشرافي و المؤطر بتنويعات الكشف و الإستزادة التشويقية ! 0
فالعلوي في الحالة الآنفة ، عانى من أرباكات التوازن و التثبت و لا أقول الثبات على علو فكري خلاق ، و الدليل : فمن يكتب عن الخليفة عمر بن الخطاب ، و هو في هذا المستوى من القمة و التراتبية المتصاعدة و القامة المشرئبة الى فضاءات السمو المترامية ، عليه أن لا يستسهل النزول منها ، كما هو فعل في تضييع وقته ، عبر التشاغل و الإنشغال ، في الكتابة الضائعة ، عن ممثل إتسعت أم صغرت مساحتة في الدراما و المسرح أو التمثيل ، لا يشكل في حقيقة الأمر ، البيئة الحاضنة للفكر المنتج و الإستباط الإبداعي 0
إن مفكرا" بمستوى العلوي ، علينا كمثقفين و متابعين و معنيين ، أن نضع أمامه مطبات و حواجز ، كي لا يستهلك وقته الثمين ، في تناول جوانب هامشية و غير مفيدة ، حتى لو كانت دوافعه من العاطفة و التواضع و التوادد ، و إنما علينا حضه و تحفيزه ، كي يبحر من موانيء مشجعة و محرضة على الإبحار الى فضاءات الإنجاز الممكن و الواقعي ، و حتى يكون بمقدورنا إستثمار وقته ، بهدف خلق مديات متنوعة العناوين ، قابلة للتنفيذ في الواقع و الممكن ، و قبل هذا علينا إيجاد الآلية الإستفزازية الإيجابية ، في جعل العلوي يعكف على إيجاد لنا إطروحة مقنعة و دامغة ، كي يتسنى لنا ، إخراج الحكام السائدين ، لكونه كان ملهم هؤلاء في التهالك و التشبث بالحكم ! 0
حسن العلوي .. أجل كان ملهمهم ، عندما قدم في أحد مؤلفاته ، إطروحة : إستلام الحكم بالتبعية للأجنبي ، و المعارضة الوطنية في رفض التبعية ، و تفاصيل هذه الإطروحة إن العلوي قال : إن السنة أخذوا الدولة في حقبة الإحتلال البريطاني ، و تركوا للشيعة المعارضة الوطنية و الرافضة للهيمنة الأجنبية 0
شيعة السلطة إستفادوا من هذه الإطروحة في حقبة الإحتلال الأميركي و الهيمنة الإيرانية بعد ذلك ، عندما عكسوا الدور الشيعي أو بالأحرى قاموا بعملية تبادل الأدوار مع السنة ، عندما أخذوا الدولة أو الحكم سيان ، و تركوا المعارضة الوطنية للسنة هذه المرة ! 0
مشكلة حسن العلوي مع شيعة السلطة ، تتمثل في كونه بالنسبة إليهم مثل ( السمك المأكول المذموم ) ، و قد يأتي زمن يحتم على هؤلاء ، أن يبكون العلوي ندما" ، و لكن بعد فقدان سلطانهم و لا أقول دولتهم ، هذا البكاء لن يكونوا مضطرين إليه ، لو كانوا من باب الوفاء إحتفوا به ، عندما كان مقيما" بين ظهرانيهم ، و بالتالي الإحتفاء بالملهم من المكارم ، و لم يكن يوما" من الهزائم ، اللهم إلا إذا كانت الهزيمة مستكينة في قرارة أنفسهم ، الى يوم الدين ! 0



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google