التاسع من نيسان يوم التحرير - راغب الركابي
التاسع من نيسان يوم التحرير


بقلم: راغب الركابي - 09-04-2017
تمر علينا الذكرى الرابعة عشرة لتحرير العراق من هيمنة وسطوة الحزب الواحد والحاكم الواحد ، لم يكن يوم التاسع من نيسان يوماً عادياً أو يوماً ككل الأيام ، كان يوماً مجيداً بكل إعتبار تحررت فيه قوى الشعب وفتح المجال أمام الجميع ليعيشوا الحياة من غير ظلم أو أستبداد ، كان ذلك هو الهدف وكان ذلك هو الشعار ، وكان شعبنا بكل فئاته ومكوناته ينظر ويتراقب لذاك اليوم الذي يتحرر فيه وينطلق من أجل البناء والإعمار ، لكن شيئاً من هذا لم يتحقق بالفعل فالحرية المقصودة لم تتحقق و العدالة المقصودة لم تتحقق وفقد الشعب الأمن والسلام ، وأنتهكت خلال تلك الاعوام المنصرمة الكرامات وأهدرت الأموال في غير حق ، وشاع في البلاد الفساد وكثر اللصوص من كل جهة ولون ، وتنادى أعوان الشيطان من كل جانب لتهديم كل أمل للعراقيين بالحياة ، وفي هذه المحنة التي يعيشها العراقيون ، كثر القيل والقال فمنا من أعتبرها مشكلة جاء بها الأجنبي ، ومنا من أعتبرها تدخل من قبل الجيران ، وثالث منا قال سببها تفشي الطائفية ونمو الكراهية لدى فئات الشعب المختلفة ، التي لم تحسن التعامل مع مرحلة التغيير ولم تؤمن بالتغيير أصلاً ، والحق أقول : إن من دمر العراق الشعب والدولة هو هذه الراديكالية الإسلاموية التي تكلمت في السياسة بروح المنافق ، وتحدثت بأسم الدين بشخصية الفاجر ، و لم يكن لديها سوى هاجس التخويف من الأخر وحب الأنا ، مما جعلها تعيث في البلاد الفساد وتحدث بين أبناء الشعب أخاديد الخلاف الدموي ، فصار للفساد أشكال وألوان منه ماهو إقتصادي وسياسي وأمني وعشائري وووألخ ، إن اولئك الساسة المفسدين لم يشكروا النعمة التي وضعوا فيها ، ولم يتوجهوا بحسن نية ولا لمرة واحدة إلى حل مشكلات الناس بل جاءونا بكل ماهو مستفز ومثير للسخط والأشمئزاز ، جاءونا بأشياء الهدف الخفي منها والمعلن هو تدمير روح العراقيين وكسر شوكتهم ، ولم يحسن من تصدوا للأمر أولئك المراهقين من توجيه الأنظار نحو البناء بل شجعوا الفساد لهم ولجماعتهم حتى كثر الفساد في البر والبحر ، وكان شعارهم ذلك المثل الشعبي الشائن - شيلني وأشيلك - حتى أنقرضت الهيبة والكرامة للدولة وللحكومة معاً ، فصعد جيل من الموتورين والحاقدين ليكون لهم كلمة الفصل في الشأن السياسي والديني والإقتصادي والأمني وحماية الممتلكات والناس ، فكان العراق والعراقيين مع موعد مع القدر لحكومة من قطاع الطريق أقصد - داعش - في الموصل والأنبار وصلاح الدين ، واقتربت كثيراً من أطراف بغداد التي كادت تسقط لولا حنكة اللحظة الأخيرة في تلافي الخطر ، كانت داعش يوماً أسوداً في تاريخ العراق كلفت العراقيين دماء وشرف وكرامة كثيرة ، وكلفت الروح العراقية التراجع والإنقباض والتمهيد للتشقق والإنفلات والتواطئء .
في يوم التحرير نتذكر روح العراقيين ووثبتهم وهم يسحقون الصنم ويتجاوزوا روح الإنهزام والخوف ، في يوم التحرير نتذكر الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الحرية والعدالة والسلام ، نتذكر نساء العراق الصابرات على الضيم ، ونتذكر قواتنا المسلحة البطلة وهي تلملم الجراح على أمل إستعادة الدور والريادة والكبرياء ، نتذكر الشباب والشابات الذين كانوا يحلمون بعراق مختلف ومغاير ، في يوم التحرير لا بد من التذكير بالأهداف التي ناضل العراقيين من أجلها ، ونتذكر الوطن الذي هو أغلى من كل غال ، نتذكر كيف أريد له أن يكون راكعاً مستسلماً ذليلاً ، وقد سعى في ذلك بعض الساسة من فاقدي الضمير والشرف .
ان يوم التاسع من نيسان ليس يوماً عادياً كما قلنا وليس هو يوم كباقي الأيام لا ، هو يوم كان الفيصل بين إرادتين وبين منهجين ، وكان لذلك أثره ليس في العراق وحسب بل في المنطقة عموماً ، ولولا ذلك اليوم لما كان ما كان في مصر وتونس واليمن وسوريا ، صحيح إن أرهاصاته كانت سيئة على العرب ، لأن العرب أنفسهم لم يؤمنوا بالحرية ولا بالديمقراطية ، إنما هم شعب جاهلي يعيش الخرافة والثرثرة والكلام عن الماضي ، ولهذا لم يتثقفوا بثقافة الديمقراطية ، ولازال حسهم في أكثره قبلي ديني عتيق فاشل وفاسد ، ولهذا سقط الأختبار في ما يسمى ببلدان الربيع العربي ، وهاكم هي سوريا غارقت في بحر الظلمات ، وغدت في المسرح العام مرتعا لكل جريمة وكل دمار ، أننا كليبراليين ديمقراطيين سنظل نحترم روح التحرير في ذلك اليوم ، وسنظل ندافع عن روح الشعب وإرادته في الحرية والعدالة والسلام ، وسندفع في هذا الإتجاه ما أستطعنا إلى ذلك سبيلا ، لن يحد من نشاطنا ومُناداتنا كل هذه العيوب وكل هذه الإنكسارات ، لأننا نؤمن بأن حرية الشعوب تحتاج إلى الكثير من هذا وذاك ، إن أملاً يراودنا بأن روح التحرير ستحكم منطقتنا وإن عراق غير هذا سيظهر للنور ، يكون فيه التعايش ممكن ويكون فيه الإنسان قيمة محترمة غير مصدعة ، ولهذا نحن مع حرية الشعوب في تقرير المصير فثقافة الماضي وكلامه العتيق لا يسمن ولا يعني من جوع ، دعونا نتقبل الواقع الجديد مهما كان لأن من المفيد البحث عن السعادة ولكن ليس على حساب الأخرين ..
ليوم التاسع من نيسان كل التقدير ولشهداء العراق كل محبة ولشعبنا في العراق كل إعزاز على أمل أن نتخلص كلياً ونهائياً من هذا الواقع المر لنعيش كما كنا نحلم بالغد الجديد ...

راغب الركابي



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google