ترجمة افتتاحية صحيفة بريطانية: هل تغازل امريكا مقتدى الصدر؟
ترجمة افتتاحية صحيفة بريطانية: هل تغازل امريكا مقتدى الصدر؟


2016-05-02 18:42:00
بغداد

المصدر: افتتاحية صحيفة الغارديان لهذا اليوم
ترجمة: أحمد علاء

وجهتا نظر الولايات المتحدة وبريطانيا بشأن هزيمة تنظيم داعش في العراق هي الاكثر إلحاحًا، بينما المواطنون العراقيون، يعتبرون أن الفشل الذريع والمستمر لرئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته في توفير الخدمات الأساسية، وغياب فرص العمل واجتثاث الفساد بين الطبقة السياسية السارقة للبلاد لا تقل أهمية عن مهمة هزيمة داعش.

الفجوة السياسية جعلت رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يصعد الى الواجهة بوصفه زعيم شيعي يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة، ولماذا لا يمتلك تلك القاعدة الجماهيرية وهو الزعيم نفسه الذي اشتبكت عناصره مع القوات الامنية بين عامي ٢٠٠٤ و٢٠٠٨، كاسباً سمعة غير مقبولة لدى ادارة الرئيس دبلو بوش في حينها؟.

حركات الاحتجاج اخذت بالتطور والنمو لاسيما في الاسابيع الاخيرة، لتبلغ ذروتها في عطلة نهاية الاسبوع الماضي، حينما دخل المحتجون المنطقة الخضراء متجاوزين الكتل الاسمنتية بعد إسقاطها أرضاً. وكالات الانباء تحدثت في حينها، عن وجود ٢٠٠ الف متظاهر دخلوا المنطقة الخضراء.

الصدر، لم يعد ذلك الرجل الذي تتوتر منه الولايات المتحدة كما كانت تتوتر منه سابقاً، فهو الآن رجل قومي عراقي يشدد على عراقٍ فيدرالي داعم بالوقت نفسه للعملية الديمقراطية من خلال الوسائل غير العنيفة قياساً بما كان ينتهجه سابقاً.

بصمات الصدر كانت واضحة في تحوّله السياسي، ففي عام ٢٠٠٨ قام بما يسمى بـ “تجميد” فصائله العسكرية المعروفة باسم “جيش المهدي”، وفي عام ٢٠١٤، فازت كتلة التيار الصدري المسماة بالاحرار بما لا يزيد على ٣٤ مقعداً في البرلمان العراقي، وباختصار يمكن القول انه الزعيم الشرعي لبلاد لطالما شهدت فوضى سياسية قاتمة.

بعيداً عن المساع التي تسعى للاطاحة بالعبادي، يقول الصدر انه يريد مساعدته في تنفيذ الاصلاحات ومنها إنهاء نظام المحاصصة الطائفية في تشكيل الحكومة التي نشأت في العراق بعد الغزو الامريكي، لان واشنطن كانت تعتقد ان نظام المحاصصة الطائفي “عادل” في تقاسم السلطة بين مكونات العراق، لكن حينما تسلمت تلك المكونات ادارة الدولة، فشلت في ادارتها بل اهتمت هذه المكونات في كيفية إثراء نفسها مالياً.

العبادي ورغم ضعفه، لكن يُنظر اليه على انه عاجز في ادارة الدولة التي مزقتها وقسمتها الجماعة المتشددة المعروفة باسم “الدولة الاسلامية” حينما اجتاحت مدينة الموصل في صيف العام ٢٠١٤، مما زاد من ازدراء الامر ببغداد من قبل زعماء سياسيين شيعة فضلاً عن تلويح الاكراد بالانفصال شمالاً، وهذا الحال دفع المحللون الى القول، أن المركز لا يمكنه الصمود اكثر.

الزعيم الصدر لطالما اعلن وقوفه الى جانب العبادي، لكن حراكه التكتيكي يشير الى تقويض سلطة رئيس الوزراء، في حين ان واشنطن تضغط على بقاء العبادي في منصبه، بعدما امضت شهوراً وهي تحاول الاطاحة بسلفه نوري المالكي الذي يُنظر اليه الى حد كبير بانه منفذ لاجندة ايران الخاصة. العبادي الذي زاره الاسبوع الماضي جو بايدن، نائب الرئيس الامريكي لفترة استمرت لساعات، توضح حجم الاهتمام الامريكي في العراق ولاسيما في كيفية إنهاء تنظيم داعش.

واشنطن وحلفاؤها الغربيون حتى الآن يشعرون بالقلق من أن الاضطرابات الى جانب المشاكل النقدية التي تفاقمت بسبب انخفاض اسعار النفط العالمية، ستقوض الهدف الرئيسي وهو هزيمة تنظيم داعش. ويقال، ان الجيش العراق اضطر الى ارسال قوة عسكرية من بغداد الى مشارف الموصل، للبدء بعملية تحرير المحافظة.

الأسبوع الماضي، اعرب باراك اوباما الرئيس الامريكي عن تفائله في قرب موعد استعادة السيطرة على الموصل بحلول نهاية العام الجاري، هذا التفاؤل مستند على أن واشنطن تري ان الجيش العراقي قادر على استعادة المدينة، لكن قلة الموارد وكثرة المعاناة وانخفاض الروح المعنوية التي لدى الجنود حالت دون ذلك.

هنا ممكن ان تغازل امريكا اتباع الصدر ولاسيما جناحه العسكري، فهو يمتلك على اقل تقدير قوة عسكرية لها خبرة في القتال على مواجهة مسلحي داعش، وهي القوة العقائدية ذاتها لها انجازات اكثر من الجيش العراقي ووقفات ضد الجهاديين الارهابيين، فأمكانية مشاركتها في تحرير الموصل بضوء اخضر امريكي - فيما لو حصل -، فسيرفع من ملف الصدر الشخصي.

عودة ظهور الصدر بوصفه زعيم وطني قوي، له ترحيب امريكي لدى واشنطن اليوم، رغم السنوات الثلاث التي قضاها الصدر في منفاه الاختياري في ايران، لكنه بات الآن حديثاً ايجابياً لدى غالبية لا تنتمي اليه ولطائفته، فتحوله الى تيار يقف بوجه النفوذ الايراني الذي استفحل بعد الانسحاب الامريكي من العراق، يجعل اللعاب الامريكي يسيل لهكذا تيار مستقبلاً. لاسيما ان هناك توترات حادة بين الصدر والفصائل الشيعية المنتافسة، بدليل اشتباك قوات الصدر مع الحشد الشعبي في مناسبات متفاوتة ونادرة لكنها مؤشر واضح على الخلاف.

تمتع الصدر بشعبة جماهيرية مقبولة حتى من السنة، سيدفع واشنطن الى التعامل معه رغم انه في نظرهم شخصية “مكروهة” ولطالما اطلقوا عليه لقب “ اخطر رجل في العراق” لكنهم سيتعاملون معه آجلاً.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google