باحث بمنظمة مجموعة الأزمات الدولية: بقاء الموصل تحت حكم داعش هو الخيار الأقل سوءًا
باحث بمنظمة مجموعة الأزمات الدولية: بقاء الموصل تحت حكم داعش هو الخيار الأقل سوءًا


2016-05-03 21:52:18
اربيل

تحولت عملية استعادة المدينة العراقية من تنظيم داعش إلى عملية محفوفة بالمخاطر في ظل المنافسة السياسية على السلطة، بالرغم أن إطلاق النار لم يبدأ بعد.

بدأت معركة تحرير الموصل من يد تنظيم داعش، ولكن حتى الآن يشتعل الصراع على الساحة السياسية، بين الطوائف العرقية والدينية المتناحرة في العراق التي انخرطت في صراع على السلطة حول كيفية استعادة ثاني أكبر مدينة في البلاد.

حيث تحتشد الجماعات المسلحة الكبرى في العراق بدعم من الخارج، وهذه الأطراف هي العرب السنة المحليين المدعومين من تركيا، والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، والقوات الكوردية المجهزة أمريكيا لاكتساب موطئ قدم لها في البلاد.

والخلاف المحتدم حول من يدخل الموصل سيحدد القوة التي ستسيطر على المدينة حالما يتم طرد مسلحي تنظيم داعش منها، ولكن على الرغم من الاعداد للحملة التي بدأت منذ أكثر من عام، إلا أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لم يتوصل بعد إلى خطة سياسية متماسكة يمكنه من خلالها الربط بين الجماعات المتنافسة.

ويراقب المسؤولون في ادارة أوباما عن كثب المكائد السياسية التي تحاك ضد على مدينة الموصل ذات الأغلبية السنية، فيما يشعر مسؤولون امريكيون بالقلق من أي سيناريو يميل التوازن بعيدا لصالح طرف واحد من تلك الأطراف المتصارعة، خاصة عندما تميل الكفة لصالح إيران أو القوات الكوردية.

وقال أحد مسؤولي الإدارة الأمريكية إن الميليشيات الشيعية ذات الصلات الوثيقة مع إيران (والمعروفة باسم قوات الحشد الشعبي)، وقوات البيشمركة الكوردية، وقادة العشائر السنية، وقادة الجيش العراقي "لديهم رؤية مختلفة لكيفية الوصول الى هناك.. إذا كان هناك الكثير من قوات الحشد الشعبي أو عناصر البيشمركة ، فإننا سنقع في مشكلة".

وفي هذا السياق جاءت زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرًا، وهي الأولى منذ عام 2011، لتنسيق خطة واضحة لاستعادة المدينة مع دعوة القادة السياسيين للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن كيفية استعادة الموصل.

وعلى الرغم من شكوك قادة الجيش العراقي ومستشارين عسكريين أمريكيين، يصر هادي العامري، زعيم كتائب بدر، على تولي جزء محوري من المعركة يتمثل في محاصرة المدينة من الخارج لتأمين القوات العراقية التي ستدخلها، حيث أكد العامري في حوار مع صحيفة فاينانشال تايمز أنه "سيلعب الدور الأساسي في معركة الموصل". مشددًا على أن ميليشياته لن تدخل المدينة، ولكنها ستعزل وتطوق المنطقة، لتسمح للمقاتلين المحليين وقوات الأمن بالدخول الى الموصل.

وفي يوم 24 مارس، أعلن الزعماء العراقيين أنهم بدأوا هجوما على مدينة الموصل. ولكن وبعد مرور أكثر من شهر، وبصرف النظر عن بعض المناوشات في المناطق الريفية جنوب شرقي المدينة، قرب مخمور، لم تبدأ العملية الكبرى لطرد تنظيم داعش من الموصل، وليس هناك ما يشير لحدوث عمل عسكري وشيك.

ولم يكن التناحر الطائفي حول من من القوات ستقود الهجوم العسكري العامل الوحيد في تعقيد هجوم الموصل. فخلال الشهرين الماضيين، انشغل العبادي في الحفاظ على موقعه السياسي، كما أنه يسعى جاهدا لنزع التحديات التي يواجهها من الشيعة والتي تهدد سلطته في بغداد ، خاصة في ظل مخاوفه من استغلال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للغضب الشعبي جراء الفساد والبطالة بين الشيعة الفقراء، حيث قام المؤيدين للصدر بإحتجاجات حاشدة في بغداد وخارج المنطقة الخضراء، حيث تحتمي المكاتب الحكومية والبعثات الدبلوماسية وراء الجدران الخراسانية.

وفي محاولة منه لاستباق مطالب الصدر، اقترح العبادي تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط. ولكن رئيس الوزراء فشل في كسب تأييد البرلمان لهذه الخطوة، ويرجع ذلك جزئيا لتردد السياسيين الشيعة في التخلي عن امتيازاتهم.

وقال بِن كونابل، ضابط المخابرات الأمريكي السابق التابع لقوات المارينز، والمحلل البارز الآن لدى راند، بعد زيارة قام بها مؤخرًا للعاصمة العراقية بغداد "العبادي غارق تمامًا في أزمته الداخلية، ومن الصعب أن يقاتل أي شخص في حرب بينما هو مشغول بأمنه والتهديدات السياسية التي تحيط به بشكل مباشر على المدى القصير".

تدعم الولايات المتحدة وإيران حكومة العبادي التي يقودها الشيعة، كما أن كلا البلدين لا يأملان في سقوط الحكومة العراقية عندما بدأت الحملة ضد تنظيم داعش تكتسب بعض الزخم، ويتوقع مسؤولون أمريكيون أن يتخطى العبادي الاضطرابات السياسية، إلا أن محللين حذروا من أنه قد يظهر ضعفًا مما يجعله أكثر رضوخًا لضغوط الميليشيات الشيعية المتشددة.

وقال مسؤول كبير في الادارة الأمريكية " سيشعر العبادي بضغط هائل من إيران، لإعطاء القوات الشيعية دورا هاما في عملية لاستعادة الموصل.

وبينما يهدد الصراع السياسي بتأخير عملية الموصل إلى أجل غير مسمى، تتصاعد التوترات الطائفية والعرقية، مما يهدد الائتلاف الهش لمحاربة تنظيم داعش.

ونظرًا للحساسيات الطائفية والعرقية في الموصل، تفضل الولايات المتحدة والحكومات العربية والغربية تولي ميليشيا سنية زمام القيادة في المدينة. ولكن على الرغم من بذل واشنطن جهودًا متضافرة لمدة 18 شهرا لتسليح وتدريب وحدات من العرب السنة، فما زال المقاتلون السنة غير قادرين على القيام بهذا الدور بمفردهم.

ولا يزال الجيش العراقي مؤسسة هشة، ولا تتمتع بثقة أو ولاء العديد من العراقيين السنة الذين لا يزالون ينفرون من الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد. وقال خبراء وضباط في الجيش الأمريكي إن الجيش العراقي سيواجه تحديا كبيرا لتأكيد سلطته في الموصل إذا رفضت الفصائل المتناحرة نزع سلاحها واتفقت على تقاسم السلطة الذي كان أمرا بعيد المنال لسنوات.

وخلال العملية العسكرية في تكريت العام الماضي، قلق المسؤولون الامريكان من سلوك بعض الميليشيات الشيعية تجاه السكان السنة في المدينة. وتحققت هذه المخاوف عندما أحرقت المليشيات ونهبت المنازل في الضاحية الجنوبية والشرقية من تكريت. ولكن في الموصل، فالخصومات التاريخية بين القوات الكوردية والعرب السنة قد تخلق مشكلة أكبر. حيث يطالب الكورد بالأراضي الواقعة شرقي المدينة، حيث أجلاهم صدام حسين منها بالقوة خلال سياسات "التعريب" التي نفذها في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.

وتولي تركيا المجاورة أيضا اهتماما كبيرا بمرحلة ما بعد تحرير الموصل، ففي ديسمبر الماضي، ودون الحصول على إذن من حكومة بغداد، نشرت تركيا عدة مئات من الجنود وكتيبة مدرعة من نحو 20 دبابة في قاعدة عسكرية في جبل بعشيقة، الذي يقع على بعد عشرة أميال شمال شرقي الموصل. ولا تزال القوات موجودة هناك، رغم مطالبات الحكومة العراقية المتكررة بمغادرة البلاد.

وقبل أن ترسل تركيا تلك القوات، تمركز عدد قليل من المستشارين العسكريين الأتراك في قاعدة تدريب قوة قوامها 6500 مقاتل سني، بقيادة أثيل النجيفي وأخيه أسامة، اللذين ينحدران من أحد أبرز عائلات الموصل، فأثيل حكم محافظة نينوى سابقًا.

ليست وحدها السلطات العراقية التي تفتقر لخطة سياسية متماسكة لاستعادة الأمن وبعض مظاهر الحكم في الموصل، ولا يبدو أن بغداد والمجتمع الدولي على استعداد لمواجهة المهمة الإنسانية وإعادة الإعمار في حال خروج تنظيم داعش من الموصل. وعلاوة على ذلك، فقد خلق تراجع أسعار النفط أزمة مالية للحكومة العراقية، مما دفع نداءات عاجلة لمساعدات المانحين.

وقال نائب مدير برنامج شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى منظمة مجموعة الأزمات الدولية غير الحكومية روبرت بليتشر، بأن "بقاء المدينة تحت حكم داعش، في الوقت الحاضر، هو الخيار الأقل سوءًا بالنسبة لكافة الأطراف وهو السبب الرئيسي في تأخر المعركة حتى الآن، وربما حتى خريف هذا العام أو حتى ربيع عام 2017، فالجميع هنا يفضل استمرار داعش في الموصل عن خسارتها للأبد لصالح غريمه الإقليمي أو الطائفي أو العرقي".



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google