القصة غير المروية عن دور الزرقاوي في تشكيل داعش
القصة غير المروية عن دور الزرقاوي في تشكيل داعش


2016-05-22 18:18:00
بغداد

قبل ولادة تنظيم داعش، كان هناك شخصٌ أسمه أبو مصعب الزرقاوي، الجهادي المتطرف والعقل المدبر للحرب الاهلية التي مزقت العراق بصرف النظر عن الغزو الامريكي واخفاقاته، تلك الحرب التي خلفت عشرات الالاف من القتلى الابرياء.

الزرقاوي، صاحب الستراتيجية الوحشية الساعية لتحقيق "الدولة الإسلامية"، اليوم وبعد مرور عشر سنوات على وفاته، يدّعي اتباعه انه صاحب الرؤية الاولى لإنشاء ما يعرف بإسم "الدولة الإسلامية" التي تشمل حتى اللحظة اراضي عراقية وسورية.

من هو الزرقاوي؟، وهل من الممكن تفادي صعوده؟، فيما يلي ستة أشياء عن حياته قد لا تكون معلنة ولاول مرة.

الأسم الحركي للزوقاوي: "الرجل الاخضر"

نشأ الزرقاوي في مدينة الزرقاء الأردنية وهي مدينة صناعية يبلغ تعداد سكانها ٨٥٠ الف نسمة، في بداياته عمل في متجرٍ للتسجيلات الصوتية وبعدها اقيل من عمله، لينتمي فيما بعد الى العصابات المحلية لاسيما انه سيئ السمعة واشيع عنه انه يعمل في مجال المخدرات فضلاً عن انه قواداً ايضاً.

كان جسم الزرقاوي مليء بالوشم "التاتو"، لدرجة انه حصل على لقب "الرجل الاخضر" لكمية الحبر التي غطت جسده. في فترةٍ من حياته، استقر الزرقاوي في السجن بعد اتهامه بحيازة الاسلحة، من هنا بدأ الزرقاوي بالتحوّل الفكري كما يقال عنه، فتغير الى شخصٍ مؤمن وورع واخذ يحفظ آيات من القرآن الكريم، لتبدو حياته جدية الى حد كبير.

حينما اصبح الزرقاوي اكثر تديناً، بدأ يعلم ان الوشم المرتسم على جسده امراً خاطئاً، لذلك وبمساعدة اشخاص تم تهريب شفرة حلاقة اليه في السجن، ليقوم بانتزاع الحبر من جسده بواسطة تلك الشفرة، وفقاً للفيلم الوثائقي الذي نشرته صحيفة الواشنطن بوست الامريكية الذي جاء بعنوان: "التاريخ السري لتنظيم داعش في الخطوط الامامية".

أسامة بن لادن كان متأثراً به

بعد إطلاق سراحه من السجن في عام ١٩٩٩، سافر الزرقاوي الى افغانستان حيث كان يأمل لقاء اسامة بن لادن. ووفقاً لندى بيكوس، المحللة السابقة في وكالة المخابرات الامريكية المركزية، فان الزرقاوي، حينما قرر الذهاب لقندهار العاصمة الافغانية، كان يريد لقاء بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، لكن الاخير رفض. وعند هذه النقطة بدأ الزرقاوي يعمل لوحده لانه لا يريد ان يُحسب على انه يعمل تحت امرة بن لادن، بحسب المحللة في وكالة المخابرات الامريكية.

فيما بعد، بدأ بن لادن بالتوصل الى الزرقاوي وباتت العلاقات بينهما تزداد ثقة لاسيما بعد أن ارتفعت مكانة الاخير في العراق، لذلك وجد بن لادن أن الزرقاوي هو البداية الجديدة في نهج الجهاد، حسبما توضح بيكوس.

كما حاول بن لادن استثمار اسم الزرقاوي كعلامة تجارية لتنظيم القاعدة، لان التنظيم لم يقم بأي شيء منذ احداث 11/9، فكان الزرقاوي فرصة مثالية لبن لادن للعودة الى الميدان.

في عام ٢٠٠٤، تعهد الزرقاوي بطاعة بن لادن، وسمّيت جماعته بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، وبات يعرف بهذا الاسم.

وكالة "CIA" كانت تخطط لقتل الزرقاوي قبل الغزو الامريكي

في عام 2002، جاء الزرقاوي الى معسكره الارهابي في شمال العراق، وهي الفترة التي سبقت الغزو الامريكي للبلاد، في هذه السنة بالتحديد كان الزرقاوي مراقباً من وكالة المخابرات الامريكية، وهذا ما تحدق عنه سام فاديس، الذي كان يدير الفريق المشرف على تحركات الزرقاوي حينذاك، فيقول، ان مسلحي التنظيم كانوا يعملون على تحضير الاسلحة الكيماوية والبيولوجية، فضلاً عن تحضيرهم الكثير من المواد الكيماوية في مخيمٍ يقمون فيه.

في هذه الاثناء اتبع البيت الابيض خطة هجوم للقضاء على الزرقاوي، قبل عدة اشهر فقط من الغزو الواسع الذي تحاول الولايات المتحدة تنفيذه على العراق، لكن الهجوم توقف بسرعة.

وهنا يستدرك فاديس ويواصل حديثه عن هذا الهجوم "لم يكن احد يعرف من الفريق المعني بتنفيذ الهجوم بانه سيتوقف عن تنفيذ العملية، لكنهم شعروا بالارتياح من ان واشنطن اتخذت القرار الصحيح حينما أوقفت عملية مقتل الزرقاوي واستئناف عملية الغزو على العراق". فهذه واحدة من الامور الغامضة التي لاتزال طي الكتمان في ادراج وكالة المخابرات الامريكية.

الدور الامريكي في رفع مكانة الزرقاوي

قبل غزو العراق، استلمت وكالة الاستخبارات المركزية مهمة التحقيق بشأن احداث الحادي عشر من سبتمبر، وفي بداية التحقيق، اعتقد مسؤولون في ادارة الرئيس بوش، ان هناك علاقة بين الرئيس العراقي صدام حسين وتنظيم القاعدة، لكنهم فيما بعد قالوا " لم نجد اي دليل على ان الزرقاوي كان في بغداد ويعمل تحت امرة صدام او له ارتباط معه".

وعلى الرغم من ذلك، خرج وزير الخارجية الامريكي السابق كولن باول، في خطاب له بشهر شباط من العام ٢٠٠٣ ، يقول فيه ان "الزرقاوي وبن لان يجريان اتصالات بالعراق، وإن العراق اليوم فيه شبكة ارهابية مميتة يترأسها ابو مصعب الزرقاوي وهو شريك متعاون مع اسامة بن لادن ورفاقه".

ويقول بيكوس محللاً خطاب الوزير باول "ذكر اسم الزرقاوي ٢١ مرة، وهذا يعني ان النهج الامريكي في التعمد على إبراز هذه الشخصية كان ممنهجاً، لان الواقع يقول أن الزرقاوي هو مخطط لكل العمليات الجارية في العالم والعراق، والحقيقة انه لم يفعل اي شيء في تلك السنة التي خرج فيها الوزير باول بخطابه".

شيخ الجزارين او زعيم التمرد في العراق

في آب من العام ٢٠٠٣، أعلن الزرقاوي التمرد المسلح حينما تبنى تنظيمه تفجير سيارة مفخخة انفجرت امام السفارة الاردنية، وبعد اقل من اسبوعين على الحادث، قيل انه استهدف مقر الامم المتحدة في بغداد، وكان هذا التفجير من شأنه أن يحفز البعثات الدبلوماسية على الخروج من العراق وغيرها من المنظمات الدولية.

بروس هوفمان، المستشار العسكري الامريكي السابق، يقول ان استراتيجية الزرقاوي كانت مبنية على اثارة العنصرية، كالاثارة التي جرت في امريكا والصراع الحاصل سابقاً بين السود والبيض، لان هذه العنصرية ستمكنه من حشد اكبر عدد من مؤيديه لدعم "قضيته"، وهذه واحدة من فقرات الزرقاوي في التمرد.

الجزء الثاني من استراتيجية الزرقاوي، كانت إشعال حرب أهلية في العراق، خلال تعمده مهاجمة المسلمين الشيعة، وهذا سيؤدي بطبيعة الحال الى حرب اهلية، لانه يعرف تماماً أن الشيعة سيبدؤون بالانتقام من تلك المهاجمة واستهداف السنة، وبطبيعة الحال سيلجأ السنة الى الجهاديين والتنظيم المتطرف لحمايتهم.

وفي رسالته الشهيرة، كتب الزرقاوي لبن لادن استراتيجيته المبيتة وكانت مفادها "اذا نجحنا في سحب البلد الى ساحة حرب طائفية، سيصبح من الممكن ان نترك السنة يواجهون هذا المصير". يقصد مصير القتل من قبل المسلحين الشيعية.

القيادة العليا في تنظيم القاعدة اختلفت مع استراتيجية الزرقاوي، فأرسلت في بريدها الالكتروني في شهر تموز من العام ٢٠٠٥، رسالة الى الزرقاوي كتبها أيمن الظواهري جاءت على النحو التالي: "العديد من المسلمين معجبين بهجماتك الشيعة، لكن الحدة في هذه الهجمات على مساجدهم، لن تكن مقبولة لدى عامة المسلمين ومهما حاولت تفسير ذلك، فان النفور ستحظى فيه تماماً". هذا التحذير من القيادة العليا لتنظيم القاعدة للزرقاوي لم يثنه عن نشاطه في استهداف الشيعة كعامل رئيسي في العراق.

بعد شهر شباط، أجاب الزرقاوي رسالة الظواهري، باعتداء ارهابي استهدف مزار شيعي في سامراء ذات القبة الذهبية، لتبدأ هنا الحرب الاهلية ليتغّير كل شيء في غضون ١٢ ساعة من تفجير مرقد الامامين العسكريين.

الزرقاوي اسس تنظيم داعش قبل ابن لادن

أبان الحرب الاهلية في العراق في عام ٢٠٠٦، كان الزرقاوي محور هذه الحرب لانه عقلها المدبر، لكن بعدها لم يقم بشيء على الاطلاق، فقام في محاولة منه لابراز اهميته التي باتت مفقودة، بالظهور لاول مرة في شريط فيديو مدته ٣٤ دقيقة، يظهر فيه موجهاً مساعديه وهو يمسك بمدفع رشاش امريكي ويصف نفسه بانه العقل المدبر لتنظيم القاعدة في العراق.

الزرقاوي من خلال الشريط المصور، بدا كأنه اعلان لتأسيس "الدولة الاسلامية" وهي الخطوة الاولى كما يعتقد نحو "الخلافة العالمية" فهو حاول ان يستبق بن لادن في تأسيس "الدولة الاسلامية".

ريتشارد باريت، المسؤول السابق في مكافحة الارهاب بالامم المتحدة يقول "شهد تنظيم القاعدة تراجعاً ملحوظاً في النشاطات الارهابية قياساً بنشاطات الزرقاوي في العراق".

وبعد اقل من شهرين، قُتل الزرقاوي في غارة امريكية شمال بغداد، لتبقى من جثة الزرقاوي وشماً حدد العلامات الفارقة التي استخدمتها القوات الامريكية دليلاً للتعرف عليه.

وبحلول نهاية عام 2011، كانت القوات الامريكية تستعد للانسحاب من العراق، بينما كان فلول جماعة الزرقاوي بدأت في اعادة بناء نفسها خلف زعيم جديد اسمه ابو بكر البغدادي، الذي يعد نسخة محدثة من الزرقاوي حينما قام بتوسيع رقعة نفوذ تنظيمه في العراق وسوريا.

وفي منتصف العام ٢٠١٤، استولى مسلحو البغدادي على القطعات العسكرية الكاملة من سوريا، فضلاً عن استحواذهم على مدن كبرى في العراق مما سمح للبغدادي ان يحقق حلم الزرقاوي في اقامة "دولة اسلامية" وبداية خلافة جديدة.

المصدر: مجلة "FRONTLINE" الامريكية

ترجمة: أحمد علاء



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google