صناديق التبرعات.. بنوك الفقراء الصغيرة.. تسعى إلى تغطية احتياجاتهم
صناديق التبرعات.. بنوك الفقراء الصغيرة.. تسعى إلى تغطية احتياجاتهم


2016-08-21 01:18:56
بغداد - هدى العزاوي

في أحد محال التسوق المنزلي في بغداد، وفي مكان مميز ينتصب صندوق كتب عليه «مؤسسة.. كفالة ورعاية اليتامى»، ويقول صاحب المحل، وهو منهمك في تلبية طلبات زبائنه: «يحظى هذا الصندوق المقفل بدعم الكثير من زبائننا، وأغلبهم يضعون فيه ما تيسر لهم من نقود كل وفق استعداده ورغبته، ولا علاقة لنا بما فيه، فهو تابع لمؤسسة خيرية تهتم بالعمل الإنساني، وتزورنا في نهاية كل شهر لتأخذ ما تجمع فيه، وتسلمنا إيصالا بالمبلغ المسحوب».ويضيف صاحب المحل: «لسنا الوحيدين الذين نضع هذا الصندوق، فالكثير من المحال بدأت تشارك المؤسسات الخيرية في مساعيها لدعم الفقراء والأيتام والأرامل بهذه الطريقة البسيطة والسهلة والمتحضرة، وهذه الشرائح تحتاج منا الدعم الدائم لمساعدتها على تجاوز مصاعب الحياة».

ويقول الحاج هاشم جايان نعمة مدير فرع الرصافة لمؤسسة.. لرعاية الأيتام: «هدف المؤسسة هو دعم الأيتام بكفالتهم برعاية من مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)، وكانت هناك عدة مشاريع ومقترحات كان من بينها صناديق التبرعات المتعددة، منها ما هو عبارة عن صندوق بلاستك صغير الحجم أخضر اللون وآخر بحجم متوسط والثالث أكبر حجما ومصنوع من الحديد يوضع في العيادات الشعبية والجامعات والأماكن المزدحمة، وقبل توزيع الصناديق تم أخذ المأذونية من قبل سماحة السيد بإعطاء حكم شرعي وفيه فتوى المال، إذ يعد المال مقبوض الصدقة في اللحظة نفسها التي يوضع فيها في الصندوق، ونحن نقوم بإيصاله الى من يستحقه بإذن من سماحة السيد، وتم إدراج هذه المأذونية في الصندوق».

فعل الخير

وتقول إحدى المتسوقات التي فضلت مناداتها بأم حسن: «أضع في هذا الصندوق ما تيسر من النقود القليلة، لكني أحرص على الاستمرار في ذلك، فلا أكاد أنقطع عن هذا السلوك، وأعتقد ان المبالغ مهما كانت صغيرة فهي تتجمع في النهاية كحبات المطر لتصبح مياها كثيرة يمكن الاستفادة منها».
وتضيف أم حسن مبتهجة «وضع 250 دينارا في الصندوق أفضل من تركه فارغا، ثم علينا ألا ننسى ان هناك الكثير من الناس الذين يسعون لفعل الخير، وهذا ما سيحقق نتائج طيبة لاحقا».
ويقول السيد علي الطالقاني متولي جامع الحجة المنتظر (عج) معتمد المؤسسة في حي تونس ببغداد: «تأسست المؤسسة نتيجة العمليات "الإرهابية"، وكانت في بدايتها تدعم أيتام العمليات "الإرهابية"، ثم شملت جميع الأيتام بمن فيهم أيتام الحشد الشعبي، وترعى المؤسسة الأيتام عن طريق الكفلاء وحسب رغبتهم في كفالة أي عدد من الأيتام والطريقة التي يودونها وفق أربع فئات: كفالة اعتيادية بقيمة 75 ألف دينار شهريا، وكفالتا ذوي الاحتياجات الخاصة وشهداء الحشد الشعبي وقيمة كل منهما 100 ألف دينار شهريا، وهناك كفالة المتفوقين 120 ألف دينار شهريا».
ومن جهته يؤكد مدير فرعة الرصافة أن «هناك لجانا مختصة تشرف على متابعة الصناديق الصغيرة والمتوسطة الحجم، فتقوم بإحصاء ما فيها من مبالغ وعملات أجنبية وقطع ذهب، وترسلها الى اللجنة المالية في المؤسسة التي تقوم بدورها بتوزيعها بين مستحقيها، أما صناديق الحديد في الجامعات فتتابعها لجنة في مكانها نفسه بالتعاون مع اللجنة الأمنية أو أستاذ أو دكتور في الجامعة يأتي مع اللجنة ويوقع على وصل تسلم المبلغ، ويتم تحرير صك بالمبلغ المجموع في الصندوق».

مشاريع الأمل

ويقول أحمد جعفر صاحب محل لبيع المواد الغذائية: «بعد طلب الكثير من أصدقائي وزبائني بوضع هذا الصندوق، قمت بالسؤال عن هذه المؤسسة للتأكد من حقيقتها، فلم أجد من يشك بنواياها أو ينتقص من مصداقيتها، ومنذ سبعة أشهر تواصل هذا العمل الخيري من دون مشاكل ولا معوقات».
ويضيف جعفر مسترسلا «هناك أيضا بعض من يقومون وفق اجتهاداتهم الشخصية بجمع التبرعات بعيدا عن أية مؤسسة، فيقومون بتوزيع صناديق صغيرة ايضا لجمع الأموال للعائلات المتعففة والمحتاجة، ويسلمون وصولات مختومة للمتبرعين لتحقيق مبدأ الثقة، ويشرف على مثل هذه النشاطات عدد من الوجهاء والناس الموثوقين في أغلب المناطق الشعبية، كي تكون العملية بعيدة عن الشكوك وعن أطماع ذوي النفوس الضعيفة».
ويضيف الطالقاني «تبدأ الكفالات بالأطفال وحتى سن الـ 15 عاما، وتراعي المؤسسة تحقيق شروط عمل البر والتقوى الاعتيادية، أما المتميزون أو المتفوقون فتنتهي كفالتهم بتخرجهم من الكلية، وهناك سهم الصدقة الجارية وقيمته 25 ألف دينار، والهدف من جمع مبالغ الأسهم هو تأسيس ورش يتلقى فيها الأيتام تدريبا عمليا لإتقان مهنة تنفعهم في المستقبل كالخياطة والنجارة والأعمال اليدوية، وهناك دورات سياحية ودينية، وفي كل عام تقام
حفلات تخرج توزع فيها الجوائز بين الطلبة الناجحين والمتميزين».

الصدقات والانفاق

(قل لعبادِي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانيةً من قبل أَن يأْتي يوم لا بيع فيه ولا خلال)، ويقول جل وعلا في سورة البقرة (وأَنفقوا في سبيل اللّه) اختصر الباحث الإسلامي السيد محمد الكوفي إجابته عن أهمية الصدقة بآيتين من القرآن الكريم ويشير الكوفي الى أن "الإسلام أكد على فضل الصدقات والإنفاق في سبيل الله تعالى، وحث على مساعدة الفقراء والمحتاجين، ودليل على ذلك قول الله تعالى: (يا أَيها الذين آمنوا أَنفقوا مما رزقناكم)، وأكد ريحانة المصطفى على أهمية الصدقة وما تدفعه من بلاء عن صاحبها فقال (ص) «الصدقة تدفع ميتة السوء»، وقال في حديث آخر: «كلكم يكلم ربه عز وجل يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أمامه فلا يجد إلا ما قدم، وينظر عن يمينه فلا يجد إلا ما قدم، ثم ينظر عن يساره فإذا هو بالنار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد أحدكم فبكلمة لينة».
ويشير المعلم المتقاعد حسين كاظم الى تجارب عالمية في هذا المجال موضحا «الصدقات معروفة ومفروضة ومستحبة في كل الأديان السماوية، ووضعت من
أجل التكافل والتآزر الاجتماعي في السلم والحرب، وهي تسد حاجات المحرومين والمحتاجين وتخفف من ضغط تقلبات الأيام والأوضاع، وأتذكر ان الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب العالمية الثانية واجه نقصا في مادة الألمنيوم التي تدخل في صناعة الطائرات، فتبرع الناس بأواني الطبخ حتى امتلأت الساحات والمصانع بها، وتجاوزت البلاد
تلك الأزمة، فالتبرعات سلاح فتاك إذا ما أحسن استخدامها».
ويضيف الكوفي «أكد الله سبحانه وتعالى على الصدقة بشكل عام كما أشرنا في ذكر بعض الأيات القرآنية سابقا، أما إذا أردنا أن نتكلم عن بعض الظواهر الجديدة أمثال انتشار صناديق الصدقات والتبرعات فهذا الأمر يحتاج الى التأكد والتثبت حتى لا تذهب التبرعات والصدقات الى جهات مجهولة وربما "إرهابية" أو ربما عصابات نصب واحتيال، وبدلا من أن تعطي الصدقات الأجر والثواب تتحول الى وبال وندامة».

حكمة التجارب

ويضيف الطالقاني «هناك لجان خاصة بالمؤسسة وظيفتها التحقق من أن هناك عائلات متعففة أو لديها ايتام ودور اللجان هو الكشف والمقابلة لكي يتحقق الاطمئنان الكامل بشأن استحقاق الكفالة والشمول الشهري بالحصول على مواد عينية وتبرعات وعلى مدار السنة، وهذا العام تعامل موفدنا الى الصين مع معمل لتجهيز ملابس وأحذية للأطفال الأيتام سترسل الى المؤسسة، والمشروع يتطور يوما بعد آخر».
ويقول فراس حسين صاحب صيدلية: «وضعت هذا الصندوق رغبة مني في فعل الخير، وعمل الخير يستحب فيه عدم الإفصاح عن الفاعل تجنبا للرياء، إذ يتم توزيع المبالغ بين المحتاجين من دون الرجوع الى أصحاب المحال الذين تكفلوا بوضع هذه الصناديق، فوجودها مجرد وسيلة لجمع الأموال وليس لغرض تعقب العائلات المتعففة والأيتام، ولا نسأل لمن تذهب هذه الأموال، بعد أن لمسنا المصداقية من خلال الوصولات التي تقدمها اللجنة، وعرفنا ان هناك الكثير من العائلات التي تمد لها المؤسسة يد العون والمساعدة، ونحن نحتفظ بهذه الوصولات كمستمسك في حالات الإخلال بالشروط المتفق عليها، وقام بعض الخيرين بوضع زكاة الفطر وغيرها من الأموال في هذه الصناديق نتيجة ثقتهم بمصداقية هذا العمل الخيري».
ويختتم مدير فرع الرصافة للمؤسسة حديثه قائلا: «لدينا شهادة النفع العام منذ العام 2013 من مجلس الوزراء، وهي لا تعطى إلا الى مؤسسة معروفة وذات نفع عام،
ونحن مؤسسة مستقلة عن الحكومة وعن باقي المؤسسات المعروفة، واجبنا رعاية الأيتام الذين بلغ عددهم 35 ألف يتيم في محافظات العراق ما عدا كردستان، وقد بدأنا منذ مدة طويلة برعاية أيتام الحشد الشعبي، وقمنا بتوزيع 12 شقة كتجربة أولى لعائلات شهداء الحشد الشعبي وأعددنا 42 شقة جديدة في منطقة «كسرة وعطش» لهذه
العائلات، ونقوم بزيارات ميدانية في كل منطقة ونتابع المسجلين لدينا منذ لحظة تسجيلهم ونسأل عنهم المختار والجيران، ونتأكد من خلال الشهادة أو الوثيقة المدرسية من استمرار الأيتام المسجلين على الدراسة لأن الجانب التربوي مهم جدا، ونتابع كذلك الجانب التربوي والصحي والديني».

الصباح



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google