بعد سنين من التذبذب بالتجهيز.. ماذا تبقى من مفردات البطاقة التموينية؟!
بعد سنين من التذبذب بالتجهيز.. ماذا تبقى من مفردات البطاقة التموينية؟!


2016-08-21 02:11:53
 تحقيق / قيس عيدان

اعتاد "أبو ضياء" على تسلم مفردات البطاقة التموينية غير مكتملة، فمرة من دون سكر واخرى من دون زيت وثالثة من دونهما. واذا ما استفسر من وكيل وزارة التجارة عن السبب فالجواب جاهز ومعد مسبقاً: لم نتسلم من وزارة التجارة إلا ما موجود أمامكم. "أبو ضياء" يتساءل: إن كان هذا واقع الحال، مثلما يقول الوكيل، فلماذا اصلاً كل هذا الجهد والتعب والتخصيص المالي الكبير الذي يُرصد للبطاقة التموينية التي تحولت الى لغز كبير ومحير؟

حلم الحصة.. كاملة
المواطن "ميثم عباس" من منطقة الكريعات يوضح لـ(المدى) معاناته مع الحصة التموينية ،التي عدّها غائبة عن البيوت العراقية بشكل متكامل، قائلاً: ان هناك مضيعة لعشرات المليارات من الدولارات التي تسرق من قبل بعض المسؤولين والتجار. موضحاً: ان تذبذب تسلم مفردات البطاقة التموينية يتسبب بمعاناة للكثير من العوائل الفقيرة التي تعتمد عليها.
فيما يذكر "صادق جعفر" انه لم يتسلم الحصة التموينية منذ قرابة عام، متابعاً: انتقلت من محل سكني الى منطقة اخرى، ولأن الحصة باتت من الأمور التي تحتاج الى (المعجزات) لتكتمل، ولصعوبة اجراءات النقل، قررت تركها الى حين. مضيفاً: انها تفتقد الى المواذ الغذائية الأساسية التي تحتاجها العائلة العراقية.

نوعيات رديئة.. لكننا نتسلمها
المواطن "عماد جنعان" -من سكنة حي الشماسية- يتساءل: لماذا لايتم توزيع مفردات البطاقة شهرياً، واين تذهب الأموال، لاسيما أن الوكيل يستقطع المبلغ كاملاً حتى لو تم تسلم مادة واحدة. مردفاً: ان حل موضوع البطاقة التموينية ليس بمستحيل لكن الذي يبدو ان هناك أيديَ تعبث بهذا الملف الحيوي بالنسبة للكثير من العوائل العراقية.
اما "ام سمير" فقد اشارت الى النوعية السيئة للمواد التي توزع في الحصة التموينية بين آونة واخرى، مبينة ان وضع عائلتها المعيشي غير جيد، لكنها مرغمة على شراء مواد غذائية أساسية اخرى من السوق كي تسد حاجات عائلتها، داعية الحكومة والجهات المعنية الى الاهتمام بهذ الملف الحيوي للكثير من العوائل.

تبديل المواد الجيدة ؟
الكثير من المواطنين "يفش غلّه" بوكلاء المواد الغذائية، ومنهم من يتهمهم بتبديل المواد وثالث بالسرقة وأخذ مبالغ اكبر. وكيل المواد الغذائية "محمود عبد الله" -من مركز تموين القاهرة- يذكر انهم ملزمون بدفع صك بكامل مفردات الحصة التي يقال انها ستوزع، مبينا: ان الصك يشمل مبلغ المواد التي لم نتسلمها منذ شهور: موضحا: ان ذلك ضمن تعلميات وزارة التجارة التي نعمل بها منذ تسعينات القرن الماضي.
وبشأن رداءة المواد التي توزع والتهم الموجهة للوكلاء يوضح: هذا ما نسمعه منذ اول ايام العمل بالبطاقة التموينية، مستدركاً: من أين يأتي الوكيل بهذه القدرة والإمكانية التي تمكنه من تغيير مواد غذائية مختومة. مستطرداً: ربما يحصل ذلك في مخازن الشركة العامة للمواد الغذائية او في الطريق من الميناء الى المخازن.

تنظيم العمل وضرورة التوزيع الجديد
استاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية "الدكتور على محمود" يوضح في حديثه لـ(المدى): من الضروري جداً ان يعاد تنظيم العمل بأسلوب استيراد المواد الغذائية وبآلية التوزيع في مفردات البطاقة التموينية بشكل أمثل. مردفاً: كون المؤشرات الاحصائية تشير الى وجود معدلات مرتفعة للتضخم الاقتصادي كذلك في حجم البطالة ، ولهذا ستؤمن البطاقة الكثير من الحاجات اأساسية لسلة العائلة العراقية الغذائية.
ودعا د. محمود الى دعم المشاريع الصناعية مع إيلاء أهمية كبيرة للصناعات الغذائية وكذلك للمشاريع الزراعية ذات العلاقة بدعم مفردات البطاقة التموينية. كما دعا الى ضرورة الاهتمام بسياسة الدعم المالي (برنامج البطاقة التموينية) وفقا للاعتبارات الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية للقضاء على المشكلات التي تواجه هذه السياسة. متابعاً: بما يضمن وصول المواد للمستحقين والاستفادة من الخبرات الدولية التي تستوجب أن تكون السياسة المطبقة تصاعدية لمحدودي الدخل والعاطلين عن العمل.

استخدام البطاقة الذكية
في حين ترى "الدكتورة فاتن صالح" أستاذة الإحصاء في حديثها لـ(المدى) أن الوضع الاستثنائي التي تعيشه معظم العوائل العراقية بسبب الأزمة المالية والحاجة الماسة للغذاء يدعو الى ضرورة اعادة النظر في القطاعات التي تسهم في توفير المأكل. مسترسلة: ومنها العمل على دعم الأفران والمخابز بحصة من الطحين تتناسب مع الكثافة السكانية وبآليات تحقق الغاية من البطاقة التموينية، مع ضرورة وجود متابعة وإشراف من قبل الوزارة للالتزام بالضوابط والمواصفات والمقاييس الرسمية.
واستطردت أستاذة الإحصاء: كذلك ضرورة تحديث نظام التسجيل بالبطاقة التموينية والتأكد منها بهدف وصول البطاقة التموينية لمستحقيها فعلا. مضيفة: والعمل على استخدام البطاقة الذكية في صرف مفردات البطاقة التموينية والحد من ظاهرة التلاعب والفساد والضغط على الإنفاق العام أسوة بما معمول به في بلدان كثيرة من العالم ومنها الدول العربية. لافتة الى اعطاء الأهمية القصوى لجودة المفردات المستوردة مع ضرورة اشتراك جهات أخرى محايدة لفحص مدى مطابقتها للمواصفات القياسية المعتمدة في العراق.

المسوحات الدورية ونسبة الفقر
الباحث "فائز عبد الله" دعا الى ضرورة تحديد مستوى الفقر في العراق أسوة بما معمول به في دول العالم من خلال إجراء المسوحات ووضع المؤشرات التي يمكن اعتمادها في قياس مستوى الفقر. متابعا: كذلك ضرورة إجراء المسوحات الميدانية الدورية التي تمكن من تحديد القدرة الشرائية الطبيعية ونسبة الإنفاق للأسرة العراقية لتكون مدخلاً في تحديث نظام التسجيل للبطاقة التموينية للتأكد من وصولها للمستحقين منهم فعلاً. مبيناً: ان هذا يتم من خلال تفعيل دور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية في فحص وتحليل مفردات البطاقة التموينية والتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات القياسية كجهة محايدة.

الإصرار على إذلال الفرد العراقي
اما "الدكتور وليد احمد السبع" فقد بيّن لـ(المدى): أصبحت البطاقة التموينية عاملاً في زيادة الفساد الاداري في المجتمع وترهل الأجهزة الإدارية وتزايد طفيلياتها، وبدلاً من ان تكون البطاقة التموينية حافزاً لتفعيل الاقتصاد وزيادة الانتاج أصبحت عاملاً لزيادة المشاكل وإذلال الفرد العراقي. مشيراً الى ان نظام العمل في تأمين المواد الغذائية والذى اتبع لسنوات طوال اثر سلباً على الاقتصاد الوطني. مؤكدا: كما انه اضعف الانتاج الزراعي والصناعي واضعف من قدرة القطاع الخاص في تولي مهمة توفير المواد الغذائية وابعاد اقتصادنا عن الاندماج في الاقتصاد العالمي.
واسترسل السبع: لقد صاحبت معالجة تأمين مفردات البطاقة التموينية اخطاء كبيرة في العمل وعدم استغلال كامل الامكانات الزراعية والصناعية المحلية في تأمين جزء كبير من مفردات البطاقة التموينية. مردفا: كذلك حرمنا من استغلال الأموال المتاحة لأن تكون عاملاً مهماً لتفعيل جانب الزراعة والصناعة والتجارة في العراق بدلاً من ان تكون عاملاً لإضعافه.

إعادة النظر وتشخيص الأخطاء
السيدة "زكية محمود" تقول لـ(المدى): منذ اكثر من عامين لم نتسلم الحصة التموينية بشكل كامل ولانعرف حقيقة مايجرى. مضيفة: قد نستلم مادة الرز والسكر وينقطع الزيت أكثر من اربعة اشهر . موضحة: ان الوكيل يتحجج بمختلف الحجج التي لاتسمن ولاتغني عن الجوع. واشارت الى انها تضطر الى شراء المواد التي كانت توفرها البطاقة التموينية من السوق مثل السكر وحليب الاطفال والتي ارتفعت أسعارها بشكل يثقل كاهل الأسرة العراقية. مستطردة: ان الأسرة العراقية أُثقلت بالكثير من الالتزامات بدءا من مولدة الكهرباء وليس انتهاء بالبطاقة التموينية. داعية الى اهمية اعادة النظر بالحصة التموينية وتشخيص الأخطاء التي تتسبب بكل هذا التلكؤ .

خطة لاكتشاف الخلل بعد 13 عاماً
وزارة التجارة من جانبها، ومن خلال دائرة الرقابة التجارية والمالية في الوزارة، اعلنت البدء بإعداد خطة الوزارة لعام 2017 تتضمن متابعة تشكيلات الوزارة وبيان نسبة الانجاز واكتشاف حالات الخلل والانحراف ودراستها ومعالجتها آنياً مع الأخذ بنظر الاعتبار مؤشرات العمل والملاحظات التي سجلت لمكتب المفتش العام. اذ أشار مدير عام الدائرة "حسن محمد جاسم" ، في تصريح صحفي، بأن خطة العمل تهدف الى تطوير واقع عمل الدوائر والشركات للوصول الى اهدافها في ضوء قانون رقم 37 لسنة 2011 وفق التخصيصات المالية المتاحة في موازنة العام الجديد .موضحا: ان خطة عمل قسم رقابة الفروع المقترحة تهدف الى زيارة الوكلاء والمطاحن والمجمعات الغذائية والمجمعات الانشائية والأسواق المركزية وسايلوات الحبوب ومراكز التموين والسيارات. مشيرا الى خطة عمل قسم الرقابة المالية في تدقيق الحسابات المخزنية وتدقيق خطابات الضمان وتدقيق غرامات المطاحن والإشراف على لجان جرد المطاحن اضافة الى تدقيق اجازات الاستيراد والتصدير وتدقيق المبالغ التسويقية وحوافز المساندين .

الصناعات الوطنية في البطاقة التموينية
في بداية العام الحالي، أعلنت الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية التابعة إلى وزارة التجارة، عن اعدادها خطة لتوزيع كامل مفردات البطاقة التموينية على المواطنين خلال العام الجاري 2016. ونقل بيان للوزارة، عن مدير عام الشركة قاسم حمود القول ان شركته باشرت بعمليات التجهيز للسكر المحلي على جميع وكلاء المواد الغذائية لسد النقص الحاصل في توزيع هذه المادة بسبب فشل التعاقدات السابقة التي أجريت في الأعوام السابقة ونكول بعض الشركات التي تعاقدت مع الوزارة. مضيفا ،حسب البيان،: عمليات التجهيز ستشمل جميع مناطق البلاد حيث وضعت الشركة واستناداً إلى متابعة الوزير خطة واضحة لتأمين المفردات “سكر، زيت، حليب الأطفال” والتي تقع ضمن مسؤولية الشركة في اطار المفردات الخمس التي توزعها الوزارة لأكثر من 37 مليون مواطن عراقي. وأوضح حمود ان الخطة الجديدة تتضمن توزيع كامل المفردات الغذائية على عموم المواطنين، بعد ان تم الاعتماد على المنتوج الوطني وآليات اخرى في التعاقد مع الدول ومع مؤسسات ومعامل عراقية في صناعات مختلفة. مشيرا إلى أهمية الإجراءات المتخذة من قبل لجنة التعاقدات المركزية في الحد من التعاقد مع الشركات التي فشلت في المرحلة السابقة والاعتماد بنسب كبيرة على المنتوج الوطني مع دراسة التعامل مع دول وابعاد الشركات الوسيطة.

صناعتنا يمكنها ان تسد الحاجة
الموظف "ضرغام حسن" بيّن انه تسلم في الأشهر الثلاثة الاولى من العام الحالي مادة السكر المحلية مثلما قال الوكيل الذي يتسلم حصته الشهرية منه. مطالبا ان تكون مفردات الحصة التموينية من الصناعات الوطنية المتوفرة ان كانت من القطاع العام او الخاص. مبينا ان ذلك يدعم الاقتصاد الوطني ويقلل من نسبة البطالة خاصة في الأرياف التي هجر اهلها الزراعة لعدم الجدوى منها بسبب الاستيراد العشوائي. فيما بين "محمد محجوب" -موظف في وزارة البلديات- ان الانتاج الوطني يمكنه ان يسد نسبة كبيرة من مفردات البطاقة التموينية.
مستدركاً: لكن ان حصل ذلك سيحرم الكثير من المسؤولين من (كومشنات) الصفقات التي تدر عليهم المليارات. لافتاً الى ان الكثير من المواد التي يتعاقد عليها يتم استبدالها بمواد رديئة. مشدداً ان هذا الأمر تم كشفه اكثر من مرة لكن يتم التستر عليه.

المدى



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google