2016-08-22 02:21:01 ذي قار – حيدر قاسم
تعود فكرة إنشاء مطار مدني في محافظة ذي قار، (380) كم جنوب العاصمة بغداد، الى ما بعد العام 2003، كما يقول المهندس علي عبد الجبار طارق الذي عمل في لجان إعادة الإعمار لمناطق جنوب العراق، مسترسلا:” أن فكرة التنمية المستدامة التي كنا نطرحها على الدوام، تبدأ من انشاء بنى تحتية حقيقية في المناطق التي يراد انعاشها اقتصاديا، وإعادة الحياة اليها من جديد بعد عقود طويلة من الإهمال الاقتصادي المتعمد بسبب السياسات الاقصائية المتبعة من قبل الأنظمة السابقة”.
ويشير الى “هذه الفكرة تبلورت كثيرا في محافظة ذي قار، لعدة أسباب، لعل في طليعتها هو وجود واحدة من أكبر القواعد الجوية في العراق، التي تستخدم للأغراض العسكرية، فضلا عن توفر المحافظة على موقع جيد بالنسبة لجغرافية العراق، كما تمتلك عوامل طبيعية تؤهلها لامتلاك مثل هذا المطار”.
ويؤكد طارق، إن الفكرة حين طرحت كانت أشبه، بحلم اكثر من كونها واقعية، الا أن الإصرار الذي لمسناه من ابناء المحافظة على مدى 13 عاما، كان جديرا بأن يحقق الحلم على أرض الواقع.
خيارات متعددة
واوضح المهندس طارق “ ان ثمة خيارات كثيرة كانت مطروحة ومتداولة للبدء بإنشاء المطار، وكان من بين الخيارات، هو مطار الجليبة العسكري وهو واحد من المطارات المهمة والكبيرة، يقع على الحدود الادارية بين محافظتي ذي قار والبصرة ويضم 24 ملجأ للطائرات، وقد تعرض لاضرار جسيمة في عام 1991 وحرب 2003، وكذلك فإن ذي قار تضم مطارا عسكريا آخر في قضاء الرفاعي يسمى مطار “ سيد أحمد”، وهو مطار عسكري ايضا ويبعد عن مركز القضاء عشرة كيلومترات، وهناك مطار عسكري آخر في قضاء قلعة سكر وهو مطار عسكري صغير مهجور منذ 2003 ولغاية الآن، وايضا هناك مطار صغير في ناحية الفضلية جنوب الناصرية يستخدم للأغراض الزراعية، كل هذه الخيارات كانت مطروحة، الا أنها استبعدت لأسباب فنية بحتة، حيث ان بعضها يحتاج الى مبالغ طائلة جدا، وكذلك فإن بعضها الآخر موقعه غير مناسب، فضلا عن اسباب لوجستية أخرى لا
مجال لذكرها”.
قاعدة الإمام علي ...الحل المثالي
ويلفت طارق الى “ان اختيار قاعدة الامام علي الجوية، كان الخيار الأمثل نظرا لتوفر عدة أسباب، أهمها العامل الفني حيث ان موقع هذه القاعدة يعد مثاليا بالنسبة للطيران، سواء العسكري او المدني، وكذلك وجود بنية تحتية متكاملة حيث يحتوي على مدرجين رئيسين، قياس 12,000 و 9,700 قدم، وكذلك ابراج مراقبة حديثة ونظام اضاءة متكاملة، كما ان المطار مؤمن بشكل كامل حيث انه يقع الى جانب قاعدة عسكرية كبرى في جنوب العراق مما يسهل عملية حمايتهِ وتأمين الرحلات المدنية فيه، فضلا عن قربه من أكبر مدينة اثارية في جنوب العراق مسجلة على لائحة التراث العالمي، وهي مدينة اور الاثرية وكذلك مدينة الوركاء، وايضا هناك مناطق سياحية أخرى في المنطقة”.
الرأي الفني العسكري
ولمعرفة الرأي الفني العسكري، تحدث مصدر في القوة الجوية العراقية، عن امكانية انجاز مطار مدني بالقرب من قاعدة الإمام علي (ع) الجوية، حيث اكد امكانية ذلك، موضحا: “حسب تعليمات المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAo) فإن التشغيل المشترك لأي مطار يجب ان يكون الجزء العسكري منه غير مسلح ولايحتوي على ذخائر ومتفجرات وفقط تكون طائرات عسكرية للنقل والاستطلاع او التدريب كما في مطار بغداد الدولي”.
ويضيف “ بخلافه فلن يعد المطار دوليا ولن يحصل على الرخصة وسيكون محليا فقط او بأفضل الاحوال اقليميا بين دولتين او اكثر، مبينا ان قاعدة الامام علي تحتوي على سرب 70 الاستطلاعي واسراب كلية القوة الجوية التدريبية ومن ثم فمن الممكن ان يكون مطارا دوليا بتشغيل مشترك”.
فرص النجاح
ولمعرفة الرأي الفني المتخصص ايضا، وعن امكانية نجاح مثل هذا المطار المدني، توجهنا بالسؤال الى وزير النقل الأسبق الخبير عامر عبد الجبار فأجاب قائلا : “ان مطار الناصرية المدني يمتلك فرصا واعدة للنجاح، لاسيما بعد ضم مناطق الأهوار والآثار في هذه المحافظة الى لائحة التراث العالمي في منظمة اليونسكو”.
واكد اسماعيل “ان حركة المسافرين ستكون قليلة في بداية افتتاح مطارالناصرية، لكنها ستنشط تدريجيا لاسيما بعد ضم مناطق الأهوار والاثار للائحة التراث العالمي ولتوقع تطور السياحة فيها، وكذلك لوجود شركات نفطية أجنبية تعمل في المنطقة”.
أيلول موعداً
وفي اطار تسريع انجاز هذا المطار، لاسيما بعد الانجاز الذي حققته اللجنة العليا لضم مناطق الأهوار والاثار للائحة التراث العالمي التي شكلها الدكتور رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بدأت ذي قار تطالب بإنجازه، الأمر الذي لاقى استجابة سريعة من قبل الحكومة الاتحادية، اذ وصل وزير النقل السابق عبد الحسين عبطان الى ارض مطار الناصرية المدني، معلنا المباشرة الفعلية بالاجراءات النهائية بانجاز المطار، ولم يكتفِ عبطان بهذا الاعلان، اذ حدد يوم 26 – ايلول – 2016 موعدا لافتتاح المطار.
فريق عمل
وبالفعل لم تمضِ ساعات على هذا الوعد حتى أعلن رئيس مجلس محافظة ذي قار حميد نعيم الغزي، عن وصول فريق من وزارة النقل والخطوط الجوية العراقية، لإكمال المراحل النهائية لافتتاح مطار الناصرية المدني.
وقال الغزي في بيان صحفي ان “الفريق وصل إلى المطار لوضع اللمسات النهائية لافتتاح المطار وذلك بعد أيام قليلة فقط من زيارة وزير النقل السابق إلى المطار والاطلاع ميدانيا على منشآته، موضحا ان الفريق سيقيم في قاعدة الإمام علي (ع) لحين إكمال انجاز بناء صالة المسافرين وإيصال الخدمات، والطريق المؤدي الى المطار، وذلك بالتنسيق مع إدارة القاعدة والدفاع الجوي”.
بنية تحتية
وفي اطار تسارع الخطى لإنجاز هذهِ المنشأة الحيوية، أعلن النائب الاول لمحافظ ذي قار عادل الدخيلي: “المباشرة بإيصال الخدمات البلدية والماء والكهرباء الى مطار الناصرية المدني، مضيفا”أن لجانا تم تشكيلها لمتابعة الخدمات الاساسية التي يحتاجها المطار وتزويده بالخط الكهربائي وإعداد دراسة كاملة عن خطط التطوير التي تسعى المحافظة الى إنجازها في الأيام القليلة المقبلة، مشيرا الى ان اللجنة تعمل بالتنسيق مع الحكومة المحلية في ذي قار ووزارة النقل بهدف تسريع الإجراءات وعدم السماح للروتين المتبع في بعض الدوائر بتأخير وصول تلك الخدمات الى المطار” .
ولفت الدخيلي إلى “الاتفاق المبرم مع وزارة الداخلية وقيادة شرطة المحافظة على افتتاح مكتب خاص بالجوازات في المطار ودراسة كيفية تأمين الحماية اللازمة للمواطنين من خلال اضافة عناصر أمنية جديدة وتسيير دوريات متنقلة لحمايتهم” .
مسح من المخلفات الحربية
وفي اطار استكمال جميع الجوانب المتعلقة بعملية انشاء هذا المطار، كشف مدير دائرة بيئة محافظة ذي قار محسن عزيز في حديث صحفي: “عن شروع ملاكات دوائر الدفاع المدني والبلديات والبلدية بالمرحلة الثانية من مشروع رفع وإزالة المخلفات الحربية غير المنفلقة من ارض مطار الناصرية المدني والتي تشكل نسبتها المتبقية 10 بالمئة بعد توقف سابق على اثر عدم وجود الامكانيات اللازمة”.
وقال عزيز “ان مطار الناصرية المدني والذي هو جزء من قاعدة الامام علي الجوية سيكون جاهزا للاستثمار خلال الفترة المقبلة بعد اكمال عمليات ازالة المخلفات الحربية غير المنفلقة بسبب الحروب السابقة”.
1500 فرصة عمل جديدة
من جانبه توقع محافظ ذي قار يحيى الناصري، ان يشغل مطار الناصرية المدني مابين 1500 الى 2000 موظف وعامل في حال استكمال تنفيذه وانطلاق العمل في المطار المذكور، مؤكدا استكمال الاجراءات والمتطلبات التي تجعل من مشروع المطار يدخل حيز التنفيذ، مضيفا ان محافظة ذي قار مقبلة على انشاء مطار الناصرية المدني وهذا يتطلب تهيئة المتطلبات اللوجستية والملاكات الفنية والهندسية وشركات مختصة في مجال
الطيران المدني”.
انتعاش السياحة
ويتوقع محمد عبد الحميد مدير احدى شركات السياحة “انتعاشا كبيرا لحركة السياحة في المحافظة، ونمو هذا القطاع في القريب العاجل، لاسيما ان المحافظة واعدة من حيث الثروات الطبيعية} ، مشيرا الى ان {المحافظة تمتلك اهوارا كبيرة، وهي مناطق خلابة تجذب السائحين من مختلف بقاع العالم لاسيما انها الان مسجلة في اليونسكو كمحمية طبيعية، وكذلك فإن المحافظة تعد رابع محافظة من حيث عدد السكان في العراق، وهذا يعني ان هناك حركة سفر كثيرة جدا من والى المحافظة”.
ويتابع “كذلك فإن المحافظة تحتوي على حقول نفطية عملاقة تستثمرها ولسنوات طويلة شركات اجنبية متنوعة، وهي تقوم بنقل ملاكاتها وعمالها ومعداتها بشكل متواصل عن طريق مطارات بغداد والبصرة والنجف وحتى مطارات شمال العراق، واذا تم افتتاح المطار المدني في الناصرية، فإنه يعني استفادة هذه الشركات منه بشكل كبير مما يعطي له زخما كبيرا وسيسهم في تنشطيه كما هي مطارات المحافظات الأخرى”.
الصباح
