أسياد البحر.. لبنانيون يغيرون الواقع بتجربة تنفع العراق
أسياد البحر.. لبنانيون يغيرون الواقع بتجربة تنفع العراق


2016-09-04 13:38:28
بغداد

تعتبر المشاريع الصغيرة فرصة للتمكين الاقتصادي للبنانيين وخاصة الريفيين والصيادين منهم، ومساحة يكملون فيها حياتهم المهنية، ويتغلبون على مصاعب جمة، ليصبحون قادرين على تأمين متطلبات أسرهم في ظل شظف العيش.

في مدينة صور على الساحل اللبناني في الضفة الشرقية للبحر المتوسط، (85 كم جنوب)، طبيعة خلابة ومدينة هادئة معظم سكانها يمتهنون الصيد، ثمة برامج تتبنها جمعية إنماء القدرات في الريف لتقوية المهمشين ومساعدتهم على رفع مستوى معيشتهم من خلال مشاريع اقتصادية واجتماعية.

وأجرى الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) جولة على أبرز مشاريع الجمعية في الجنوب اللبناني، وهي منظمة لبنانية غير حكومية ليس لها أية توجهات سياسية أو دينية، ونموذج يمكن الاستفادة من خبرته في العراق الذي يسعى لدعم المجتمعات الريفية وإعلان المزيد من المحميات طبيعية.

آمل بعد شقاء
لم يكن لدى، ماجد محمود بوّاب، الكثير من الخيارات، فهو يعاني من كساد مهنة الصيد البحري، وهكذا سيزيد العبء المادي عليه، فعائلته يلزمها الكثير لتأمين معيشة لائقة لها، لكن العمل بالجانب السياحي وتسلم قرض جعلا هناك بصيص أمل لدخل مادي إضافي يعينه ويعين عائلته.

لايشارك بوّاب مشروعه مع أحد، وهو مستقل ويشعر بالارتياح، واليوم وبعد سنوات من بدء مشروع إنماء القدرات في الريف زاد دخله في موسم السياحة، ويقول إن "الصياد من الصعب عليه امتلاك رأس مال، وجاء مشروع التنمية وأعطانا قرضاً واشتريت مركباً، وكان موسم جيد هذه السنة واستفدنا".

ويضيف بوّاب، "نحن ضمن مشروع التنمية، أساسا نعمل في مصلحة الصيد أباً عن جد، وعندما بدأ الصيد يتراجع أردنا تطوير العمل من خلال مشروع الصيد ودمجه بمشروع ثاني مثمر يجعلنا نستطيع تأمين لقمة العيش لعوائلنا"، مبينا أنه "يتطلع للتطور وليس مجرد العيش في مشروع محدود، كونه طور مصلحة كلفت مبلغاً كبيراً من لا شيء وهو مشروع مستقل تماما تمكن من الحصول عليه بمساعدة مشروع التمنية".

ويعود بوّاب للقول، إن "مهنة الصيد لن استغني عنها كونها بدمائنا، لكن عندما ينتهي الموسم السياحي الذي يمتد لنحو أربعة شهور نرجع الى المهنة الأم في موسم الشتاء بعد توقف السياحة"، مؤكدا أنه "بمجرد أصبح لديه مشروع أصبح بإمكانه التفكير بمشروع اكبر بعد الإيفاء بالقرض وبالتالي يكون هناك إنتاج أفضل".

أما رئيس نقابة الصيادين في جنوب لبنان خليل طه، فهو يندب حظ الصيادين ويقول إن "الصيد تعيس ونحن كصيادين تأثرنا منذ عام 2004 بعد حصول التسونامي في اندونيسيا حيث جاءت اسماك كاسرة غازية ونباتات سامة وحشرات قاتلة تقتل كل ثمار البحر الأبيض"، مبينا أن "جمعيات خارجية تعرض عليهم مشاريع وكلام لكن لن يستفيدوا منها شيئا".

ويشير طه الى أن "الجمعيات الداخلية وأبرزها جمعية إنماء القدرات في الريف دعمت الصيادين منذ عام 2004، حيث كانوا لا يستطيعون حتى دفع ثمن إصلاح زوارق الصيد، والجمعية أمنت الجمعية المساعدة لتوفير التصليح للزوارق، وبعد مدة أصبحت نقابة الصيادي هي التي تدفع التكاليف".

ويؤكد طه أن "الجمعية عملت مشروعا تشكر عليه، ألا وهو المشروع السكني للسواد الأعظم للصيادين، حيث تم بناء 94 شقة، وهي مبادرة ممتازة جدا لـ92 صياداً وهي ليست هينة"، مشيرا الى أن "مستوى الدخل لم يتحسن، وهو يحتاج صبراً".

ويوضح طه، أن "مدينة صور فيها 179 زورق صيد، اليوم، ويوجد فعليا ما بين 340 – 360 صياد محترف يمارسون مهنة الصيد البحري"، لافتا بالقول، إن "أغلب الصيادين يعلمون أعمالا ثنائية وليس مثل الأول، ولدينا 117 عربي 110 منهم فلسطينيون و7 سوريين مولودين في صور".

أبو فادي، صياد آخر ضاق البحر الواسع به ذرعاً وبات يعمل طاهياً في مطعم متواضع على ساحل محمية شاطئ صور، يرى أن "مهنة الصيد لم تعد تأتي همها، لذلك فهو صياد في الصباح وطباخ في الليل".

ويضيف أبو فادي بينما تبدو عليه ملامح التعب والحنين الى حياة البحر، أنه "يشيد بعمل جمعية إنماء الريف، لكن مجتمع الصيادين بحاجة الى المزيد من الدعم من أجل الحفاظ على مهنتهم من الاندثار، وذلك بسبب شح السمك في البحر وكساد الصيد الى درجة لم يعد معها الصياد قادراً بمفرده على توفير لقمة العيش لعائلته".

تجربة نافعة للعراق

جمعية إنماء القدرات في الريف تحمل رسالة مفادها تقوية المهمشين ومساعدتهم على رفع مستوى معيشتهم من خلال مشاريع تنموية اقتصادية واجتماعية، وهي منظمة لبنانية غير حكومية ليس لها أية توجهات سياسية أو دينية وتعمل حاليا في جنوب لبنان.

ولدى الجمعية عدة برامج تنمية، منها في مجال الزراعة حيث يؤمن المركز الزراعي للجنوب خدمات مختلفة لصغار المزارعين والتعاونيات الزراعية من أجل تخفيض كلفة الإنتاج وتحسينه، ويقدم البرنامج خدمات مالية موثوقة لأولئك الذين لا تتوفر لهم فرص الاستفادة من النظام المصرفي، كما وفرت قروضا لحوالي 1700 مبادرة عمل صغيرة في مناطق صور ومرجعيون وبنت جبيل وكفركلا وحاصبيا.

ووضعت الجمعية برنامج الخدمات الاجتماعية لتحسين الشروط الاجتماعية والثقافية للفئات الأكثر فقرا" في الجنوب، فضلا عن برنامج التدريب المهني الذي يهدف الى تنمية المهارات التخصصية لدى الشباب وتدريبهم على تطوير مهاراتهم الذاتية، كما يدرب البرنامج الرياضيين الصغار على تطوير مهاراتهم التقنية إضافة الى المهارات العملية الإدارية، وغالبا ما يتقدم الناجحون منهم بطلب قروض من برنامج القروض الصغيرة في الجمعية.

وبخوص إمكانية استفادة العراق من هذه التجربة يقول نائب رئيس الجمعية علي عز الدين إن "التمكين الاقتصادي هو برنامج أساسي للجمعية"، مبينا أنهم "يركزون على بناء القدرات وعدم العمل في الطريقة التقليدية".

ويوضح عز الدين، أن "الجمعية تتواصل مع المجتمع المحلي، ولا تقدم المساعدة مباشرة، بل عن طريق توفير معلومات وتوضيح خطر الممارسات الضارة التي يمكن أن تؤثر على الطبيعة، وكذلك دعم التعاون والتجمعات".

ويشير عز الدين الى أن "الجمعية تعمل على التواصل مع الوزارات المعنية والجهات الفنية وتوفير القروض الميسرة"، مؤكدا بالقول "طورنا عمل السكان المحليين وأعطيناهم مساعدة تطوير السياحة البحرية وتشجيع الاستثمار، وهذا التمكين جزء مهم من العمل، حيث أتيحت فرصة التملك لهم".

يذكر أن "جمعية إنماء القدرات في الريف" (ADR) تعمل بالشراكة مع الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، في إطار مشروع إدارة صيد الأسماك المستدام لتحسين مستوى المعيشة لمجتمع الصيادين في قضاء صور جنوب لبنان.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google