صفقة برلمانية مررت قانون العفو العام واستبعدت نسختي الحكومة والقضاء
صفقة برلمانية مررت قانون العفو العام واستبعدت نسختي الحكومة والقضاء


2016-09-19 00:03:00
بغداد

مرّر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم قانون العيب المسمّى "قانون العفو العام" ، من دون أن يتوقف بحذرٍ مطلوب في مثل هذه الاحوال عند ما تضمّنه القانون من مواد تتقاطع في مبانيها ونتائجها مع ما يطالب به الرأي العام منذ سنوات عبر تظاهرات اجتاحت -لأكثر من سنة- معظم محافظات البلاد، من إصلاحٍ واجتثاثٍ لجذور الإرهاب والفساد المتصاهرين والمتغلغلين في كل منافذ اللادولة المتهرئة ، وأصبحت بما تنطوي عليه مظاهرهما ثقافة ووجهة نظر تشيعها الطبقة الحاكمة وأزلامها .

نظرة متبصّرة في القانون، الذي صوّت عليه مجلس النواب بتواطؤات لا تخفى على ذي البصيرة، تفضح ما يشي بتبادل المصالح بين قوى الفساد وظهير الإرهاب المتجذر والمتكافل والمتحول الى قوانين وتدابير وأٌطر تتحكم في كل مفصلٍ من المفاصل الحيوية التي تعبث بالمصالح الوطنية العليا وتعمّق الخراب والتدهور، وتتحول الى مصدٍّ لأيّ محاولةٍ جديّةٍ لانتشال العراقيين من المأزق الذي طوق حياتهم وسدّ منافذ الأمل في وجوههم .

وقد تكون السلطة القضائية مبرّأة هذه المرة من جريرة المسؤولية عن إمرار قانون العيب، فالوثائق بتسلسلها التاريخي ومداولاتها بين السلطات الثلاث في مراحل صياغة مشروع القانون، تبرّئ ساحة القضاء، والى حدٍ ما الحكومة، وتوجّه سهام الاتهام الصريح نحو السلطة التشريعية، بمختلف كتلها، ما لم يظهر خلاف ذلك بمواقف علنية وصريحة .

ويتجرّأ قانون "العفو العام" بصريح مواده بالتجاوز على الضمير الوطني والمصلحة الوطنية وعلى الدستور بالحكم بإفلات لصوص المال العام ورموز الفساد ومزوّري الوثائق والشهادات ومغتصبي الوظائف العامة والقتلة من الإرهابيين، فهو يكيّف قانونياً تبرئة ساحتهم كما لو أنهم لم يرتكبوا أشنع الجرائم في حق الشعب وأكثرها إيذاءً له وإضراراً في مصالحه. يكفي لصوص المال العام الآن إعادة ما سرقوه الى خزينة الدولة لإعفائهم من تبعات جرائمهم ولتشجيعهم وغيرهم على مواصلة سرقة المال العام، فعلى الدوام ثمة عفو عام كما حصل في مرات عدة سابقة! .. وحتى في مثل هذه الحالة يبقى تقدير ما سرقه الفاسد، وما قد يعيده رهن دورة فسادٍ جديدة يتشارك فيها من له دالّة على إصدار القانون ومن يتولى الضغط لتطبيقه .! والحال ذاته ينطبق على الإرهابيين، فالقانون ينصّ على إخلاء سبيل من كان إرهابياً "وليس من ينبري لكفالته بالتخلي عن انتمائه"، ما دام لم تتسنّ له الظروف للإقدام على القتل أو حالت ظروف ما عن إعاقة تفيذ جريمة القتل.

إن إمرار القانون في مجلس النواب، على قاعدة التوافقات المخلّة بين الكتل عند كل منعطفٍ، يتطلب وقفة أمام ما يواجه البلاد من مخاطر وتحديات. و"المدى" تتوجه الى أوسع أوساط الرأي العام للتصدي لهذا القانون المعيب والاحتجاج ضده والعمل عبر ما تتيحه القوانين لإعادة النظر فيه وفضح الذين كانوا وراء إقراره في مجلس النواب ويتعجلون الآن تنفيذه.

ولإلقاء الضوء على الحقائق التي يتضمنها القانون، في السياقات التي أشير اليها، تكرس قناة المدى حلقة اليوم من برنامج "ناس وحكومة" (الساعة السادسة بتوقيت بغداد) لمناقشة مواد القانون مع نخبة من المتخصصين، وبحث ما ينطوي عليه من مخاطر تكرس الفساد كقاعدة قابلة للتعامل والعفو، ومن تشجيع للنشاط الإرهابي وتعطيل آليات العدالة في الاقتصاص من مرتكبي الجرائم الخطيرة.

وستنشر صحيفة "المدى" هذه الوثائق في عدد يوم غد الثلاثاء.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google