الجيل الثالث من المضافات: داعش يعتمد على مضافات آنية – متنقلة في تنفيذ التفجيرات

ظهر في العمليات الأخيرة التي نفذها تنظيم داعش في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد ومحافظات أخرى أسلوب جديد لم يعتمده سابقا إذ كانت عملياته تعتمد على انطلاق السيارات المفخخة او الانتحاريين او زارعي العبوات من المضافات الثابتة إلى الأماكن المستهدفة اما العمليات الأخيرة فاستخدم فيها المضافات المتنقلة.

ما يميز الأسلوب الجديد هو أن هذه المضافات باتت مجرد محطة عبور وقتية من مضافة ثابتة سواء دائمة كانت أم مؤقتة الى مكان محدد يخطط التنظيم لاستهدافه وهذه المضافة سرعان ما تتغير بعد انتهاء العملية وقد لا يعود إليها التنظيم مجددا.

التغيير في نوعية المضافات المستخدمة في تنفيذ عمليات التفجيرات يمكن تصنيفه على أنه الجيل الثالث من هذه المضافات حيث أن التصنيفات الرسمية لها كانت تشير الى وجود جيلين الأول بدأ العمل به من عام 2009 وحتى حزيران (يونيو) 2014 بينما بدأ العمل بالجيل الثاني بعد هذا التاريخ وحتى قبل أسابيع قليلة حيث شرع التنظيم بالعمل بالجيل الجديد من المضافات.

تمثل الجيل الأول بكون المضافات التي يعتمد عليها التنظيم هي مضافات ثابتة من حيث المكان وهي دائمة أو مؤقتة من ناحية الزمان وأمثلتها البيوت المأهولة من قبل الخلايا النائمة أو الحواضن أو البيوت التي يستأجرها التنظيم لفترة محددة لتكون سكنا مؤقتا لعائلات منفذي التفجيرات بهدف ابعاد النظر عنها لتتركها هذه العائلات بعد أن تنفذ العملية فضلا عن المباني المتروكة وغيرها وهذا الأسلوب كان شائع الاستخدام في مناطق عدة من العاصمة وبقية المحافظات.

أما الجيل الثاني من المضافات فبدأ العمل به بعد سيطرة التنظيم على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى وتحديدا في الفترة التي أطلقت فيها القوات العراقية عمليات التحرير حيث بات التنظيم يعتمد على المضافات المخفية تحت الأرض كالأنفاق والخنادق والأوكار والتي تدعم بالخيم التي تستخدم لمبيت المنفذين ليلا وهذا الأسلوب تم اعتماده في المناطق التي توصف بأنها رخوة أمنيا ومن بينها مناطق حزام بغداد أي مناطق محيط العاصمة والتي شهدت تضييقا أمنيا على هذا النوع من المضافات.

جاء الجيل الثالث ليعكس تطورا في عمل المضافات فهو لا يعتمد على مكان ثابت لها ولا يستخدمها سوى لفترة محدودة جدا وهذا ما يجعلها فعالة جدا على اعتبار أنها لا تشخص من قبل العناصر الاستخبارية مسبقا ولا تترك دليلا على عملها لاحقا.

تم تشخيص هذا الجيل من المضافات بعد تفجيرات السنك ومدينة الصدر ومناطق شرقي العاصمة بغداد لاسيما مع إفادة السكان المحليين وعناصر الاستخبارات بأن منفذي هذه التفجيرات هم من خارج المناطق التي وقعت فيها التفجيرات بالاستدلال بعدم معرفتهم بجغرافيتها فمنفذ تفجير سوق جميلة بمدينة الصدر مثلا استفسر أكثر من مرة عن مدخل السوق الذي لا يجهله أحد من سكان مدينة الصدر قبل أن يفجر سيارته المفخخة في مخرج السوق.

كما أن إفادة المسؤولين الأمنيين في قواطع العمليات التي تقع فيها التفجيرات كانت تشير إلى أن السيارة المفخخة توجهت الى مكان معين بعد دخولها مدينة الصدر قبل التوجه الى مكان التفجير المحدد وهو ما يفسر بعض الامور ومن بينها احتمالية قيام أحد عناصر تنظيم داعش بإيصال السيارة الى مكان محدد ليتسلمها منفذ التفجير ويقوم بدوره بإيصالها إلى المكان المستهدف.

ويرشح المسؤولون الأمنيون أماكن عدة لهذه المضافات كالمحال التجارية أو مناطق تصليح السيارات أو الأسواق والتي تترك عندها السيارة من قبل العنصر الأول ليتسلمها العنصر الثاني فالمنفذون هم غالبا من خارج المناطق التي تنفذ فيها التفجيرات وهم بحاجة الى من يوصلهم الى مكان التفجير ويوصل أدوات التفجير إليهم.

“داعش في إصداره الأخير أوضح أنه بات يعتمد على تجنيد الانتحاريين من الأطفال والمراهقين دون سن الـ18 في مناطق سيطرته فقط وهذا ما يشير إلى تراجعه في تجنيد الانتحاريين” .. يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف.

كما أن المراقبين للشأن الأمني في العراق يشيرون بدورهم إلى خلل في منظومة الأمن في العاصمة بغداد وبقية المحافظات وهذا الخلل لا يزال يحول دون كشف جميع المحاولات برغم إعلان القوات الأمنية العراقية أنها أحبطت أكثر من محاولة لإحداث تفجير بسيارة مفخخة أو عبوة ناسفة وغيرها.

“القوات الأمنية العراقية إلى الآن لم تستطع أن تفك شفرة تنقل هذه الجماعات وأماكن وجودهم وهوياتهم المزورة وأشياء أخرى”.. يقول هشام الهاشمي الباحث في شؤون الجماعات المسلحة.

غير أن القوات الأمنية العراقية يبدو أنها بدأت تتأقلم مع هذا الأسلوب لاسيما وأنها غيرت كثيرا من الإجراءات الأمنية المتبعة في مناطق العاصمة وبمحافظات أخرى كتقليل عدد نقاط التفتيش والمرابطات وغيرها.

مخاطر الجيل الثالث من المضافات تتلخص بكونها صعبة الكشف لكن إيجابياتها وفقا للمختصين تتجسد بكونها انعكاسا واضحا لتراجع قدرات التنظيم في إيجاد مضافات من الجيلين السابقين وهو مؤشر إيجابي على أن التنظيم ربما لن يكون قادرا على إحداث التفجيرات في المستقبل القريب.

إبراهيم صالح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here