13 ألف عدسة في أربيل: كاميرات المراقبة تملأ مدن إقليم كردستان

تحاول الشرطة والاسايش في إقليم كردستان أن تحذو حذو البلدان الغربية وتغطي معظم الأحياء والأماكن العامة والأسواق بكاميرات مراقبة وذلك للحفاظ على امن المدن كما تقول، فالعاصمة أربيل تضم الآن أعداداً من كاميرات المراقبة قد لا تحويها العواصم الشهيرة في العالم.

وتقول الأجهزة الأمنية إنها تستخدم نظام كاميرات المراقبة لإيجاد المجرمين ومرتكبي الأحداث الفارين، فمدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان تضم الآن ثمانية آلاف من كاميرات المراقبة كما ستنصب وزارة الداخلية قريبا خمسة آلاف أخرى.

وقال طارق نوري مدير الآسايش في أربيل لـ”نقاش”: انه “يشترط على كل من يريد أن يأخذ الموافقة لفتح مكان ما أن ينصب كاميرات مراقبة، فأصحاب المنازل أحرار في نصبها، أما الشركات والمطاعم والكازينوهات والأماكن التجارية والمشاريع السكنية يشترط عليها وضع كاميرات مراقبة”.

واوضح نوري ان العمل جار الآن في مد خطوط الانترنت تحت الارض وخط كاميرات المراقبة كما تم تحدد مواقع الكاميرات التي يبلغ عددها خمسة آلاف موقع.

وأضاف: “لقد أفادتنا كاميرات المراقبة من الناحية الأمنية كثيرا، فلا يوجد شارع لا يتم تصويره عبر اكثر من 15 كاميرا، وهناك اكثر من ثمانية آلاف كاميرا مراقبة، كما ستكون الخمسة آلاف الأخرى تابعة لوزارة الداخلية وسيتم نصبها في الشوارع الرئيسية”.

ويوجد نوعان من كاميرات المراقبة في كردستان، فبعضها يتم نصبها من قبل الأجهزة الأمنية، فيما يتم نصب البعض الآخر من قبل المواطنين أنفسهم او من قبل أصحاب الأعمال والفنادق والمجمعات السكنية الذين يجبرون على ذلك من قبل الأجهزة الأمنية.

ولا تقتصر العملية على اربيل فحسب، ففي السليمانية أيضاً تشرف الآسايش عليها وهي في توسع، وتؤيد الآسايش في السليمانية نصب كاميرات المراقبة ولكنها لا تفرضها كشرط على اصحاب الاعمال كما هو في اربيل.

وقال الرائد رزكار حمه رحيم مسؤول قسم إعلام الآسايش في السليمانية لـ “نقاش” إنهم يطلبون ممن يتوجه الى الاسايش ان يقوم بنصب الكاميرات في المنازل او الاحياء او الاسواق وذلك كاقتراح وتوجيه.

وأضاف: “كان لوجود الكاميرات تأثير كبير في كشف الجرائم، وإذا ما وصلنا الى مستوى البلدان الاخرى فأنني أتصور ان يكون لذلك تأثير كبير على انخفاض الجرائم، فقد كانت هناك حالات للتعامل بالعملات المزيفة تمكنا من كشفها عن طريق كاميرات المراقبة”.

وقد قامت شرطة المرور في الإقليم منذ أعوام بوضع كاميرات المراقبة في الشوارع والطرق من اجل تسجيل خرق القوانين ومخالفات التعليمات المرورية كما تستفيد الشرطة الآن من تسجيلات كاميرات المراقبة لكشف الأحداث والعثور على المتهمين.

وبإمكان الأجهزة الأمنية مشاهدة تسجيلات الكاميرات التي يريدونها للعثور على خيوط الجرائم، واقرب مثال على ذلك ما حدث ليلة الخامس والعشرين من كانون الاول (ديسمبر) من العام الماضي حين تمكنت شرطة اربيل من ايجاد متهم بعد ارتكابه الجريمة وذلك بعد ان دهس مواطنا بسيارته وفر هاربا.

وقال هوكر عزيز المتحدث باسم شرطة اربيل لـ”نقاش”: ان “كاميرات المراقبة ساعدت في كشف الاحداث كثيرا وساعدتنا التسجيلات الى حد كبير ولاسيما في ما يتعلق بالأحداث التي وقعت في مواقع مزدحمة”.

وأضاف: “نستخدم تسجيلات الكاميرات بأمر قضائي ونحولها الى أقراص مدمجة ونستخدمها كمواد لكشف الأحداث فهناك كاميرات مراقبة في معظم المواقع في أربيل كالمحال والاسواق والمولات”.

وكانت شرطة السليمانية بصدد وضع كاميرات المراقبة في معظم الاحياء والازقة في المدينة فضلا عن الكاميرات التي وضعها المواطنون لولا الازمة المالية التي حالت دون ذلك.

وقال سركوت احمد المتحدث باسم الشرطة في السليمانية لـ”نقاش”: لقد “بعثنا بكتاب الى المحافظة حول ضرورة ان تضم المباني الحديثة كاميرات مراقبة وطالبنا كذلك بوضع الكاميرات في الاحياء، الا ان المشروع فشل بسبب الازمة المالية، وقد خططنا لإخضاع جميع الشوارع لمراقبة الكاميرات، ومع وجود الكاميرات في معظم الشوارع كان من الضروري زيادتها”.

واوضح سركوت احمد انهم استفادوا من كاميرات المراقبة في التحقيقات ولاسيما في احداث المرور وإطلاق النار والتهجم على المنازل.

وتستورد معظم الكاميرات المستخدمة في اقليم كردستان من الصين ومع ان تجارتها كانت في ازدياد خلال الاعوام الماضية الا ان الأزمة المالية تسببت في انخفاض الطلب عليها.

فاروق محمد مواطن من السليمانية فتح منذ عام 2012 معرضا لكاميرات المراقبة في المدينة وجاءت اعوام 2013 و2014 حسب رغبته من حيث المبيعات.

وقال فاروق: “لابد للمحال والأسواق وصالونات الحلاقة والكازينوهات وجميع الأماكن التي يجب ان تأخذ موافقات من الحكومة لابد لها ان تضع كاميرات مراقبة، فوجود الكاميرات أمر طبيعي جدا إلا بالنسبة للأشخاص السيئين الذين يرتكبون جريمة ما”.

ويختلف سعر كاميرات المراقبة حسب النوعية والجودة حيث يبدأ من (25) دولارا ويصل الى (200) دولار.

وقال آمانج عبدالله وهو مواطن من أربيل بدأ ببيع كاميرات المراقبة منذ عام 2012 لـ “نقاش”: ان “الآسايش امرت بنصيب كاميرات المراقبة ما دفع بالمحال والاسواق الى ان تزيد من شرائها”.

ويتفق آمانج مع بائعي الكاميرات في السليمانية بقوله ان “نصب كاميرات المراقبة امر جيد اذ تتحكم في مراقبة معظم الأحداث”.

ولا يُعتمد في اقليم كردستان على اي نص قانوني لنصب كاميرات المراقبة كما لا تخضع العملية لمراقبة أية مؤسسة لأن برلمان كردستان معطل منذ أكثر من عام.

وكانت لجنة الداخلية والأمن في برلمان كردستان تجتمع مع وزارة الداخلية قبل تعطيل البرلمان وتتبادلان المعلومات حول الوضع الامني، ولكن لم يبق هناك اتصال بينما منذ عام.

وقال ايوب عبدالله رئيس لجنة الداخلية والأمن في برلمان كردستان لـ”نقاش”: حول ذلك “ليس لدينا اي احصاء عن عدد كاميرات المراقبة لأننا لم نجتمع مع وزارة الداخلية منذ عام ولا يوجد هناك قانون حول نصبها وانما يتم ذلك بحجة الوضع الأمني”.

وأضاف “سؤالنا يتعلق بما يجب توضيحه حول السبب وراء نصب خمسة آلاف كاميرا اخرى في اربيل، فبصورة عامة لا تخضع عملية نصبها لمراقبتنا”.

ومع ان معظم الاجهزة الامنية تقول ان كاميرات المراقبة كانت سببا وراء انخفاض نسبة الجريمة والمساهمة في ايجاد المجرمين، الا انهم لا يعرضون إحصاءات مقارنة تثبت حقيقة تلك المعلومات قبل وبعد نصب الكاميرات.

ولن يمر ازدياد كاميرات المراقبة من دون انتقادات كونها تحد من الحرية الشخصية وتخضع تحركات المواطنين للرقابة فالحديث يدور حول هذا الجدل ليس في كردستان فحسب بل في دول العالم أيضاً. ففي دول مثل بريطانيا وأميركا اللتين تضمان اعدادا كبيرة من كاميرات المراقبة يعرب الناس عن قلقهم إزاءها كونها تنتهك خصوصياتهم ولا توجد ابحاث تحسم ما اذا كان بإمكانها منع الجرائم.

وكانت كاميرات المراقبة في مدن اميركا وبريطانيا سببا في انخفاض سرقة السيارات من المرائب وانخفاض الجرائم داخل وسائل النقل وتم بواسطتها تقديم المجرمين إلى المحاكم وقد تظهر أهمية الكاميرات في الكشف عن الجناة خلال العمليات الارهابية التي شهدتها لندن عام 2005 وبوسطن في اميركا عام 2013 وفي المقابل هناك العديد من الامثلة التي تثبت أن كاميرات المراقبة لم تمنع الجرائم والهجمات وقد تكون هجمات باريس خير مثال على ذلك.

اما في كردستان فنوع الانتقادات يتعدد أكثر ولا يشمل احترام الحياة الخاصة فقط بل يتعداه الى انتقادات أخرى.

ويرى المحامي سوران محمد ان كاميرات المراقبة في الدول المتقدمة هي لحماية ارواح وحياة وامن وممتلكات جميع المواطنين اما في الاقليم فالوضع مختلف تماما اذ ان نصببها هو لحماية السلطات والمسؤولين والحؤول دون تعرض حياتهم للخطر.

واستدل سوران على حديثه بانه عندما ترتكب جريمة ضد مسؤول غالباً ما يتم اعتقال الجاني سريعا ولكن هناك العديد من الجرائم التي ترتكب من قبل المسؤولين الحزبيين المتنفذين ولاسيما جرائم القتل ولم يتم اعتقال مرتكبيها على الرغم من كشفهم عن طريق الكاميرات.

وقال سوران لـ”نقاش”: ان “نصب الكاميرات يضع حدا لحرية الفرد والجماعة خصوصا داخل الاحياء حيث يخضع جميع التصرفات والتحركات لرقابة الآخرين وقد يتم استغلال ذلك بشكل سيئ، ولا يتمتع هذا الإجراء بسند قانوني ولا يندرج تحت نص قانوني”.

ويرفض مسؤولو الآسايش في أربيل والسليمانية ذلك ويقول طارق نوري مدير الآسايش في اربيل: “لم يحد وجود كاميرات المراقبة من حريات الناس أبداً بل هي تمنع الجرائم”.

ويقول رزكار حمه رحيم مسؤول قسم الإعلام في آسايش السليمانية أيضاً “لا توجد الحرية الموجودة في أوروبا في أي مكان آخر ولكنها عبارة عن كاميرات فقط ولا يعتبر ذلك حدا للحريات الشخصية بل وسيلة لضمان الأمن والاستقرار ولا يتضارب مع الحرية”.

ومع كل ذلك يسأل من يعارضون نصب نظام كاميرات المراقبة “لماذا لم تتمكن كاميرات المراقبة من إيجاد الجناة في واحدة من جميع جرائم القتل التي تتهم السلطة بارتكابها من قتل الصحفيين وصولا إلى قتل الشخصيات؟”.

معاذ فرحان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here