الى الأمام عنوان الدرس الفرنسي الذي يجب ان نتعلمه

الى الامام  En marche   هو أسم  الحزب الذي  أسسه الرئيس المحتمل لفرنسا إيمانويل ماكرون  ابن التاسعة والثلاثين عضو الحزب الاشتراكي  سابقا  الذي فاجأ الجميع بـ صعوده نحو كرسي الرئاسة الفرنسية بهذه السرعة  .
 في السادس من ابريل عام 2016 أي قبل عام تماماً  شهدت فرنسا ولادة الحزب ‘ وفي غضون مدة وجيزة أصبح حزبا قويا تفوق على كل الاحزاب الفرنسية التقليدية  العريقة ، فقد وافق تطلعات الشعب الفرنسي، وهو حزب سياسي وسطي ليبرالي اجتماعي ، أهم ما يميز الحزب هو عدم فرض اشتراك مالي على أعضائه ، واعتماده على وسائل التواصل الاجتماعي  كـ تويتر وفيسبوك والسناب شات والانستغرام ، استطاع في فترة وجيزة ان يجمع حوالي ربع مليون عضو اغلبهم من الشباب الذي يرون في ماكرون الروح التي ستدفع فرنسا نحو الامام .
هذه التجربة الفرنسية يجب ان نتعلمها أو على الاقل نستفيد منها. كانت فرنسا على هاوية الانزلاق نحو التطرف ، وبدا صعوداً مخيفا ً لجان ماري لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية المتطرف ، صعودا يهدد القيم الفرنسية ، خصوصا بعد الاعمال. الارهابية التي طالت العاصمة باريس وبعض المدن الفرنسية  وآخرها كانت عملية ابو يوسف البلجيكي في شارع الشانزليزية قبل ايام من الانتخابات العامة ، إلا ان إصرار الفرنسيين على خيارالسلم الاجتماعي ونبذ التطرف والكراهية هو الذي انتصر وهو الذي كان وراء صعود ماكرون وحزبه الفتي ، لم ينساق الفرنسيون نحو الشعارات والدعاية الاعلامية التي هوبرت فوبيا الأجانب و  لم يشعروا بالإحباط ولم يستسلموا لليمين بل استنفروا قواهم الخيرية من اجل فرنسا ، لم يعد الحزب أعضائه بالمناصب ولم يوزع الأموال عليهم ، ولم يعتمد على شراء ذمم الاعلاميين والأقلام المعروضة للإيجار بل اكتفى بوسائل التواصل الاجتماعي  للتعريف عنه ، فهو حزب فقير ذو إمكانات مادية محدودة اعتمد على إيمان الفرنسيين بمبادئه ، ولعل اول سبب  في انتشار الحزب كان صدق وإخلاص مؤسس الحزب من اجل بلده ، فقد شعر الشعب الفرنسي بحماسه غير المزيف نحو التغيير من خلال اربعة الآف شاب  أطلقوا على انفسهم ( السائرون) .
   لم يكن  إيمانويل ماكرون سليل عائلة عريقة ولم يكن ابوه سياسي كبير ولا مرجع ديني او شيخ عشيرة  ، بل هو ابن موظف  يدعى جان ميشال ماكرون وأمه هي فرانسواز، ولم يحصل على شهادته بالواسطة او الرشوة او اشتراها من احد ً الجامعات الوهمية بل  درس في ارقى المدارس الفرنسية ، فهو اقتصادي ناجح وخريج المدرسة العليا للإدارة في ستراسبورغ أي انه لم يتكأ على الوراثة للوصول الى الزعامة ، كما انه يرفض تعيين أقارب النواب  في الوظائف العامة أو الوهمية  فهو صاحب مقترح قواعد المفاضلة الأخلاقية.
لم يتوانى عن نصرة الفقراء  فقد دافع عن رفع ضريبة السكن عن  محدودي الدخل وكبار السن ، كما أنصف المظلومين فقد صرح اثناء زيارته للجزائر ان الاستعمار الفرنسي للجزائر هو بمثابة جريمة ضد الانسانية. لم يجاهر ماكرون بتدينه ولم يرفع شعارات الفضيلة بل رفع شعار الى الامام في حملته الانتخابية فالتف حوله الكثير من الفرنسيين ، وهم قادرون على إسقاطه بالوقت الذي  يريدون ، هكذا هي الشعوب الحرة .
 فكم نحن بحاجة الى ماكرون عراقي يوقف سطوة الاحزاب الدينية ويواجه الوراثة العائلية ، وينصر الوطن .
 علاء الخطيب
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here