وداعاً اخي يا ابا محمد

الكاتب / عدنان المياحي

يحكى انهُ كَانت هنالك امرأة حُكم على زوجها وأبنها وأخيها بالإعدام لارتكابهم جريمةً ما،فبعث خلفها قاضي المحكمة وقال لها ان المحكمة قررت ان تُطلق سراح احدهم وعليك ان تختاري واحداً من بين هؤلاء الثّلاثة فوقع إختيارها على اخيها فسألها القاضي لماذا اخترتي اخيك ولم تختاري زوجك او أبنك فأجابته ان الزوج مُمكن ان يعوّض عَنْه بآخر وكَذَلِك الولد مُمكن ان يأتي بديله،أما الاخ لا يعوّضه شيء، لقد مضى أكثر من خمسة وثلاثون عاما على رحيل اخي الشهيد الحاج (علي) الذي أعدمه حزب البَعث الكافر ولم يُرى لجسده الطاهر اثر وفي رواية قيل انهُ تم رميه في أحواض التيزاب (اخي علي) الذي لا ،زال جُرح أعدامه وألم فراقه يسري فينا كسريان الدم في العروق وها هو الحزن و،العزاء يتجدد فينا من جديد برحيل أخي (احمد) الذي لم يمضي على وفاته سِوى ايام قلائل بعد صراع مع المرض الذي لم يمهله طويلاً حيث افجع، قلوبنا،بل افجع قلب كلًُ محب وصديق وقريب وبعيد فبرحيله ثلم في جسدنا ثلمة لا يسدها، شيء وقد أبكانا والله خبر رحيله وألم فراقه بل ابكى كل محب وصديق وكل صغيراً وكبير،اخي ابا محمد يا وجع الدنيا الذي تجسد بذلك الجسد النحيل الذي إنهكه المرض وسلب قواه ،آه يا أخي ،بألم وحزن كبيريين اتذكر تلك اللحظات التي كنت أجلس فِيهَا بجانبك وأنت تُحاول بها النهوض من سريرك ولو للحظة وَاحِدَة ،لكنك لم تكُن قادرًا على ذلك بسبب شدة المرض الذي أناخ بكلكله على جسدك النحيف وعسعس بليل آلامه ليتمكن منك كنت أراقبك وأنت في قمة الألم ألم المرض فلم أرى منك إلا مؤمناً قوياً صلباً رغم المحنة راضياً بقضاء الله وقدره صابراً محتسباً على نزول البلوى تحمد الله على كل حال ولسانك كان يلهج بذكر الله عزوجل ،وما زلت أتذكر تلك اللحظة ونحن في السيارة عائدين من المستشفى أخذت توصيني قائلا لي عدنان اذا، انا متت، فأنت من يتولا امر،دفني وانزلني الى القبر بيدك…لله درك أي قلب وهمة تحملها بين حنايا صدرك اخي العزيز إذا كنت قد رحلت عنا جسداً فانت باقٍ فينا وبيننا فكراً وإصراراً،فنم قرير العين ،عل ذلك الجسد أن تهدأ آلامه ومعاناته اخي ابا محمد،أيها الراحل عنا بلا وداع ،أيها الحنون ياقُرة العين ايها الصابر المجاهد ياأخي وأبن والدّي ،على الدنيا بعدك العفا،فقدناك ياسندنا،أمسينا،بعدك تُقلبنا الهموم والأحزان ذات اليمين وذات الشمال ،اما انت يا اخي فَقَد رحلت إلى مثواك ،الى عالمك البرزخي عالم العدالة والرحمة والرأفة واللطف والثواب وتركتنا في عالم الدنيا المُوحش تحفنا الأخطار والفتن من كل مكان ،ابا محمد رَغْم رحيلك عنا لكنك باقٍ بامتدادك أولادك محمد وعباس وياسين وعبدالله وذلفقار … باقٍ بأخلاقك ،نُم قرير العين في قبرك ياأبا محمد فأهل بيتك بين حدقات عيوننا،وتراثك سيبقى فينا نشيدا” نردده ماحيينا،ابا محمد لقد رحلت عنا ومضيت دون إستئذان تاركاً في أعيننا دموعًا لا تجف ، وفي قلوبنا حسرة ولوعة لا تمحوها السنين ، فروحك الطاهرة لا زالت ترفرف فوق رؤوسنا تواسينا ، تخفف عنا ، تسدد خطانا وتنير طريقنا الذي رسمته أنت لنا بإبتسامتك وإنسانيتك وسعيك في قضاء حوائج النَّاس، لقد عهدناك محباً للخير ، متواضعا كالسنابل الزاخرة بالقمح بسيطاً كالفقراء، مخلصا في عملك ،عظيم الهمة خرّجت من الدنيا نظيف القلب واليد واللسان لم تجني من حطامها سوى ذلك البيت البسيط ،الذي قمتُ ببناءه ،من عرق جبينك وكد يدك الحلال من خلال عملك الوظيفي الذي خدمت فيه بلدك اكثر من خمسة وثلاثون عام ،تلك الوظيفة التي أديتها بكل أمانة وشرف ونزاهه وإخلاص فأحسنت تأديها وواجبها وطالما عانيت الكثير من الظّلم من قِبل حزب البَعث المجرم ، وليس هذا فحسب بل حتى بعد سقوط المجرم صدام بقيت مستمراً بنهجك في ،الوقوف بوجه الفاسدين وسراق المال العام وتصديت لهم وقمت بتعريتهم وأديت ماعلـٰـــــــــــيك من تكليف في الامر بالمعروف والنهي عّن المُنكَر ففترى علـٰـــــــــــيك المنافقين وتآمر علـٰـــيك الفاسدين وقاموا بنقلك ومعاقبتك لكي يبعدوك عن طريقهم لكنك بقيت صامدا في وجوههم ومحاربتهم ولم تنحني امام طغيانهم وجبروتهم رغم ما لا،قيته مِنْهُم من عذابات ومحن ، كلًُ ذلك كان من اجل الدفاع عن الدين والًوطن لانك صاحب مبادئ وثوابت وقيم واخلاق ،كنت ايها الاخ تزرع قلبك في كل ميدان فينمو في قلوب محبيك وفي قلوب كل من عرفك وعاشرك ! كنت كبيرا في عطائك ، لطيفا ومخلصا في تعاملك مع الآخرين، متسامحا كريماً مع المسيئين اليك، عطوفا حنونا على الصغار مسايرا وملاطفا مع الكبار فأحبك الجميع وبادلتهم حبا بحب لذلك لم تبعد رحلتك عنا، بل ستبقى دائما ذكراك عطرة في قلوبنا سنتذكرك ايها العزيز دائما سنبقى نتذكرك في أعيادنا واحتفالاتنا وشتى مناسباتنا يا أيها القريب من القلب ..سنتذكر المروءة والشهامة وعمل الخير الذي كنت تحمّله في قلبَك ستبقى ذكراك خالدة في قلوبنا للأبد ومازالت روحك بيننا لن ننسى ذلك الوجه الطيب والابتسامة الجميلة ، لن ننساك وداعا أخى ابا محمد .. ان القلب ليحزن وان العين لتدمع ونحن لفراقك لمحزونون يا ابا محمد ولا نقول الا ما يرضُي الله تبارك وتعالى ونسأله أن يغفر لك ويرحمك ويدخلك فسيح جناته وأن يجعلك من أصحاب اليمين مع الشهداء والصديقين والصالحين وحسُن أولئك رفيقا مع اخيك الشهيد المظلوم علي وان يلهمنا الصبر والسلًوان على فقدك وفراقك اللهــــمّ .. إنّه جاء ببابك، وأناخ بجنابك، فجُد عليه بعفوك، وإكرامك، وجودك، وإحسانك والرحمة والمغفرة لجميع اموات المؤمنين والمؤمنات وشهدائنا الابرار وكل من سار على طريق الحق ونهج الهدى بمحمد وًًال محمد الطيّبين الطاهر

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here