العمال العراقيون يحتفلون بعيدهم ﻷول مرة وحزبهم مجاز

دكتور/ علي الخالدي

منذ تكون الطبقة العاملة العراقية ونشوء حزبها الطليعي الحزب الشيوعي العراقي دأبت على اﻹحتفال بعيدها بشكل سري، ذلك لكون الحكومات التي توالت على العراق منذ تأسيس الدولة العراقية، كانت تخشى صوت العمال ، حيث كانت الدول اﻷمبريالية توعز لعملاءها بوضع العراقيل أمام إحداث تنظيمات عمالية ، ناهيك عن خشيتها من نشاط حزبها الطليعي الحزب الشيوعي في صفوفها ، وكل مأ اتذكره بعد تعرفي على نضاﻻتها المطلبية المرتبطة بمصالح الشعب والوطن ، كل ما أتذكره في هذا اليوم أنه أستلم عدة جكليتات ، فيها بعض شعارات العيد ، ومنذ ذلك التاريخ ، بدأء أسم ﻷول من آيار تتضح لي أهميته للعمال، يحتفلون به بمستوى اﻷعياد الدينية والوطنية ، وبرزت لي عظمة هذا العيد بشكل أكثر بعد ثورة تموز المجيدة ، حيث إتخذت طابع رسمي ، ولن أنسى كيفية إحتفال الطبقة العاملة العراقية بعيدها في عام 1959 ، حيث كل ما أتذكره ، هو أن أخوتي وأقربائي قادوني الى منطقة التجمع ، وهناك بتنا في الشارع لننطلق في اﻷول من آيار في مسيرة جماهيرية أرعبت الدول الرأسمالية وخصوصا بريطانيا ، حيث كتب سفيرها في بغداد لحكومته ، بأن الخطر اﻷحمر بدأء يلوح في العراق ، وبعد المظاهرة بدأت تحاك المؤمرات على ثورة تموز ﻹجهاضها ونجحت الرجعية وادشركات النفطية مع الطابور الخامس فإغتالتها، ولم تسنطع الطبقة العاملة التي أخذت على حين غرة رغم مقاومتها للإنقلابيين أن تنقذها ، كاان ذلك على ما أتذكر أول إحتفال لطبقتنا العاملة وحزبها غير مجاز، واليوم تحتفل بعيدها وحزبها يتمتع بإجازة العمل بين الجماهير، واﻷمل يحدوها بأن يكون هذا اليوم عيدين عيد اﻷول من آيار، وعيد نيل إجازة العمل للحزب بعد أن بلغ شيخوخته لكنه يبقى بها شابا ، رغم ما قدمة في سبيل رفعت الوطن وعزته ، اﻵﻻف من الضحايا في عهود مختلفة ، فهل لها أن تكتمل فرحتها الثالثة بوحدتها ورص صفوفها في هذا العام أيظا . سائرة موحدة نحو تحقيق مطاليبها العادلة في تنظيم نفسها وتعزيز مكانتها من أجل حياة حرة كريمة في مجتمع مدني ديمقراطي تسوده العدالة اﻹجتماعية ، ليضاف عيد ثالث لعيديها السابقين ، ومؤشرات إنتصار جيشتا الباسل مرسومة على وجوه المحتفلين به في مسيرتهم الجماهيرية في اﻷول من آيار القادم

كيف جاء هذا العيد ليصبح عيدا عالميا يحتفل به عمال العالم ، يحدوه اﻷمل أن يسود بلدانهم السلم والعدل والحرية ، وهنا ﻻبد لنا من إستذكار من ساهم صنع هذا العيد ، ليصبح عيدا للطبقة العاملة في كل العالم .

قام عمال مدينة شيكاغو بأمريكا بتنظيم إضراب سنة 1886 ، طالبوا فيه بتحديد ساعات العمل ب ثمانية ساعات في اليوم . بداء

اﻷضراب يوم 1 آيار وإستمر 4 أيام ، بنجاح وشكل سلمي

يوم 4 آيار، طالب العمال بعقد إجتماع ، ولبت السلطات المعنية طلبهم . حضر اﻷجتماع عمدة شيكاغو ، إستمع العمال لمطالب زعمائهم في أجواء سلمية وبهدوء , في ساعات محددة تعطي لصاحب العمل حقه وتعطي العمال حقهم في الراحة بعد العمل .

بعد فترة قصيرة من الوقت نهض عمدة نيويورك وغادر المكان ، ولم تمضي دقائق، فؤجي العمال برجال الشرطة وهم يفضون اﻹجتماع بالقوة ، في أجواء تصايح العمال، لماذا منحتمونا رخصة عقد اﻹجتماع ، وتريدون الآن فضه بالقوة ، ووسط هياج المجتمعين هذا ، إنفجرت قنبلة لا أحد يعرف من أين جاءت .

بعد 11 سنة ، أكْتشف ان البوليس هو من فجر هذه القنبلة ، وبنفس الوقت هو من أطلق أسلحته الحية على المجتمعين ، وهو من بادر بإستعمال القوة المفرطة لتفريقهم ، قابضا على البعض منهم . في اليوم التالي أتهم العمال بالتخريب والفوضى . وخرجت معظم الصحف المملوكة ﻷصحاب المصانع ورؤوس اﻷموال بمنشيتات تحرض على العمال وتدعو الحكومة لمعاقبة من يقف وراء تحرك العمال وتنظيماتهم النقابية . بينما ساد السخط الشعبي شوارع نيويورك والمدن اﻷمريكية عل إفشال اﻹجتماع وإعتقال زعماء العمال . في تلك اﻷجواء المشحونة بالسخط الشعبي ، حوكم زعماء العمال بمجكمة صورية أصدرت أبشع اﻷحكام في تاريخ القضاء اﻷمريكي ، فقد لفقت الحكومة للعمال المقبوض عليهم تهمة تفجير القنبلة ، وصدر الحكم بإعدام سبعة من زعماء العمال ، ونفذوا حكم اﻷعدام شنقا في أربعة عمال ، وإنتحر عامل ، في نفس الوقت الذي كان الجلاد ينفذ حكم اﻷعدام ، كانت زوجة أوجست سبايز أحد العمال الذين يشنقون ، تقراء خطابا كتبه زوجها ﻷبنه الصغير .

ولدي العزيز ، عندما تكبر وتصبح شابا ، وتحقق أمنية عمري ، ستعرف لماذا أشنق ، ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أنني بريء ، وأموت من أجل قضية شريفة ، ولهذا لا أخاف الموت ، وعندما تكبر ستفتخر بأبيك ، وتحكي قصته ﻷصدقائك . وبعد 11 عام كان مدير البوليس قد خرج على المعاش ودخل في مرض الموت ، فتحرك ضميره وإعترف بالحقيقة قائلا ، إن البوليس هو من رمى القنبلة ، وهو الذي لفق التهمة للعمال ، وبعد إعترافه هذا . دعى شعب الويلايات المتحدة وعمال العالم ، بالمطالبة ,والضغط على الحكومة اﻷمريكية بإعادة المحكمة وتثبيت براءة العمال ، ومن ذلك التاريخ وتلك المحاكمة الصورية التي إستجابت لأصحاب العمل فأصدر أحكاما لصالحهم ، وغدرت بحقوق الشغيلة ، فأصبحت قاعدة تسير عليها أغلب الحكومات المعادية لمصالح الطبقة العاملة ، تقربإعتبار اﻷول من آيار عيدا عالميا للعمال في العالم ، أما جيم الصغير فقد رفع رأسه بين زملاءه ، ونشر خطاب أبيه

ليكن اﻷول من أيارهذا العام عيد تكتمل به فرحة الطبقة العاملة العراقية ، وباعث خير ومحبة نحو غد مشرق تنسى به كل ما حل بنا من مآسي وويلات ، ونتطلع إلى المستقبل الزاهر وجيع اﻷيدي تساهم بتبليط طريق بناء عراق ديمقراطي فيدرالي مدني ، وبروح المحبة والتسامح الوطني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here