سقيفة كردستان وعزل عادل مراد

دانا جلال
لا تأكل الثورة ابناءها الا بعد أن تتفسخ قياداتها المُصابة بضعف المناعة ضد الثروة التي تجعل من مضادة الثورة في تضاد مع رفاق الأمس، ممن يقاومون بنقائهم الثوري تجار السياسة. حقيقة بدأت تبرز بشكل أوضح بعد مرض مام جلال واختفاء دور عصاه رمزاً لسطوته وحنكته السياسية.
بعد مرض الرئيس المحبوب مام جلال شهد الاتحاد الوطني الكردستاني صراع قياداته على القيادة. غياب الشخصية الكاريزمية بين قادة الاتحاد من جهة، وهرولة الغالبية المطلقة من قادته نحو الطغمة الحاكمة (السياسية والمالية) وحواضنها الحزبية والطبقية من جهة اخرى، ادى الى ظهور تكتلات عبثية في صراعاتها، وانتهازية باصطفافها، لينتهي الأمر بسقيفة سياسية استهدفت كمقدمة لقرارات الجناح الاموي في الحزب أحد ابرز مؤسسيه وأكثرهم وضوحا في الشأن القومي والوطني وجرأةً في كشف الفساد والإفساد ونقداً لرفاقه الذين اتجهوا من الثورة الى الثروة .
سقيفة المطالبة بمحاكمة كل من عادل مراد ( ابرز مؤسسي الاتحاد الوطني الكردستاني و أمين اللجنة المركزية في الاتحاد) ولاهور الطالباني ( مسؤول جهاز الامن والمعلومات في اقليم كردستان)، وشاناز إبراهيم أحمد ( شقيقة زوجة الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني ) وانتهت بصيغة معدلة سياسياً باتفاق كل من كوسرت رسول علي، وملا بختيار، وهيرو ابراهيم احمد، وعمر فتاح، وحاكم قادر في 2-5-2017 بإبعاد عادل مراد من موقعه رئيساً للمجلس المركزي في الاتحاد الوطني الكردستاني مع استبعاد أو تأجيل محاكمة السيد لاهور الطالباني والسيدة شاناز ابراهيم أحمد لأسباب متعلقة بمراكز القرار والمال في الاتحاد الوطني.
التهمة الموجهة لعادل مراد ليست متعلقة بانه من اصحاب الملفات المتعاونين مع البعث المقبور كما هو الحال مع أحد قادة الحزب، وليست متعلقة بنزاهته وثرواته على خلاف اغلب قادة الحزب وما يملكون ما ظهر منه وما لم يظهر بعد.
عادل مراد متهم لأنه عشق قنديل المقاومة، وكتب للعمال الكردستاني، وكاتب صديقه الزعيم والمفكر اوجلان، فغضبت انقرة واتباعه الصاغرين من كرد العاصمة اربيل. متهم لأنه طالب بطرد قواعد الاحتلال التركي لأجزاء من اراضي جنوب كردستان، متهم لأنه قال بان بغداد أقرب الى اربيل من انقرة وطهران، وطالب بحوار معها لحل المشاكل. متهم لأنه فضح اكذوبة متواليات هرج الحديث عن اعلان الدولة بعد اعطاب البرلمان وخلافات واختناقات داحس وغبراء الأكراد بين احزاب جنوبهم الكردستاني التي تشهد خبرها العاجل بدفع نصف راتب من قبل نصف حكومة. متهم لأنه طالب قادة حزبه ان يتركوا التجارة أو السياسة ليفسحوا المجال للجيل الجديد. متهم لأنه كان يتحدث عن ثورة الكرد في غربي كردستان كأي مقاتل من قوات حماية الشعب الكردية، متهم لأنه طالب بإنهاء تبعية بعض قادة حزبه لحزب السلطة وعقلية زعيم القبيلة. متهم ووفق رسالة المكتب السياسي المرقمة 165 بتاريخ 4-5-2017 والتي طالبت بتشكيل لجنة تحقيق بحق المناضل عادل مراد لان تحدث عن تأثير الديمقراطي الكردستاني على بعض قادة الاتحاد الوطني في لقائهما الأخير والذي كان خارج سياق خارطة الطريق التي رسمت من قبل المجلس المركزي بعد حوارات معمقة مع كوادر وقواعد الاتحاد الوطني.
متهم لأنه طالب بمأسسة الحكم واجهزتها في كردستان، متهم لأنه طالب بالعدالة الاجتماعية وانهاء سلطة راس المال ومن يرثه على حساب ورثة الجوع من كادحي كردستان. متهم لأنه طالب بتأسيس صندوق لأموال وممتلكات حزبه و يشرف عليه اناس اكفاء نزيهون. متهم لأنه اشار الى الاجندة التركية في قتال الكرد الايزديين وقواهم الثورية في جبل سنجار.
متهم بمذهبة العلوي كما هو اهله الكورد الفيليين من قبل قادة الدواعش الكردية و بعض قادة الديمقراطي الكردستاني، ومنهم انور حاجي عثمان (وكيل وزير البيشمركة) وعارف طيفور (نائب رئيس برلمان العراق السابق) حينما استعاروا خطاب المذاهب ووصفوا عاشق قنديل والكادحين في بغداد واربيل بجريمة الانتماء للمذهب الشيعي.
سقيفة سياسية وبامتياز أبعدَ عادل مراد من قيادة الاتحاد الوطني الذي أسسه مع مام جلال ورفاقه الاخرين، سقيفة لم ولن تبعده عن النضال والارتباط بالجماهير الحالمة والكادحة لان السقيفة الاولى وان قسمت المجتمع الاسلامي فإنها لم تنجح بفرض الجناح الاموي.
بعد سقيفة الصاغرين وقرارها، فان الاتحاد الوطني الكردستاني يعيش ذات المأزق الذي يعاني منه الديمقراطي الكردستاني بكسب ود الكرد الايزديين بعد ان فقدوا الثقة بحزب هرب مسلحيه وسلموا سنجارهم ونسائهم للدواعش. على الاتحاد ان يتحضر لمرحلة فقدان ثقة قواعده الثورية بقيادة مقادة ومختلفة توحدت ضد مناضل فيه قزح نضال متداخل. هو المناضل الكردي الفيلي في بغداد وايلام، هو الكردستاني في قنديل وكوباني ومهاباد، هو العراقي في بغداد ويجمع صوبيهما جسر الإمام، هو الاممي في نضاله و بيروت المقاومة الفلسطينية والايرانية والايرلندية وقائمة النضال الاممي ما زالت عالقة في ذاكرة الثوار.
الوجيز في الكلام : لسان حال السقيفة وقرارها هو ( لا صوت يعلوا فوق صوت الحزب الديمقراطي الكردستاني .. عاش حزب القبيلة وقائد القبيلة ودولة القبيلة).
الوجيز2: بيعة السقيفة وملحقاتها في الطريق.
الوجيز3: الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان بحاجة الى اتحاد قبل السقيفة السياسية، بحاجة الآن الى إفتراق .. افتراق بين قواعده الثورية وقيادة مشغولة بصراعات عبثية، بعضها ذاتية والاخر منه داخلي وكثير منه اجندة الخارج الحزبي تحت راية الخوارج الكردية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here