شناشيل : اختبار لوزير الداخليّة

عدنان حسين

التحقيق الذي أمر به وزير الداخلية في قضية موت صبي من أهالي الديوانية في مخفر للشرطة ببلدة الهندية (طويريج) التابعة إلى محافظة كربلاء، ليس متوقعاً أن يُسفر عن نتيجة تخالف ما أعلنته قيادة شرطة كربلاء، ذلك أنّ الوزارة ستعتمد، كما جرت العادة، ما تفيد به قيادة الشرطة.
شرطة كربلاء نفت في بيان المعلومات التي أفادت بأنّ الصبي حسين مازن ناصر (16 سنة) قد توفي بسبب تعرّضه للتعذيب في مخفر الشرطة الذي احتُجز وآخرون فيه، وقالت إنه أُصيب بـ “وعكة صحية” أثناء ذهابه إلى المغاسل أودت بحياته برغم نقله إلى المستشفى، وإنه كان يعاني من فتحة في القلب. البيان تضمّن أيضاً معلومات لا معنى لها ولا محلّ في بيان كهذا:”مصادر القيادة علمت من ذوي المجنيّ عليه بأنه قد ترك البيت منذ حوالي عشرة أيام لوجود خلافات عائلية في بيتهم متجهاً إلى جهة يجهلونها”، وأضاف أنّ الصبي احتُجز مع الآخرين لأنهم كانوا “يتسكعون” (!) في أحد شوارع بلدة الهندية وأنه لم يكن يحمل وثيقة تعريف.. هل المقصود هنا التهوين من موت الصبي بوصفه “ابناً ضالّاً” هارباً ومتسكعاً..؟!
عائلة الصبي نفت معلومات قيادة شرطة كربلاء جملة وتفصيلاً، فأحد أشقائه  قال إنّ أخاه “كان يعمل مع صديق له في أحد الفنادق بمدينة كربلاء وكان يقضي فترة استراحة مع صديق له على ضفاف نهر كربلاء عندما جاءتهم دورية من شرطة قضاء طويريج وطلبوا منهم إبراز هوياتهم الشخصية”، وإنه “بعد بقائه لمدة يومين داخل السجن توفي متأثرا بالجراح التي تعرّض لها جرّاء التعذيب الشديد”.
والد الضحية هو الآخر نفى صحة ما ورد في بيان الشرطة، وأكد تمتّع ولده بصحة جيدة قبل وفاته، وقال إنه “رياضي يلعب التايكواندو، وليست له أي مشكلة مع أحد، فضلاً عن عائلته، وذهب للعمل بموافقة ذويه وعائلته وكان يحمل معه هوية الأحوال المدنية”، وأضاف إنه “تم تشريح جثته من  دون علمي ومن دون موافقتي ،وطلبتُ الاطّلاع على الجثة لكن المسؤولين على ثلاجة الجثث منعوني وبعد البكاء والإلحاح اطّلعتُ على الجثة ووجدت عليها آثار التعذيب والدماء”، وإنّ “المستشفى أعطاني شهادة وفاة لا يوجد فيها سبب الوفاة وغير مدرج فيها أي شيء عن حالة ولدي”. وقال ايضاً إنّ أصدقاء الضحية الذين كانوا معه ساعة الاعتقال “تحدثوا لي بأن ولدي تعرّض للتعذيب الشديد من قبل أحد عناصر مكافحة الإجرام وسقط بعد ضربة قوية على الأنف فكسرته ومات من فوره بعد أن سقط مغشياً عليه”.
التجربة علّمتنا ألّا نثق بالشرطة .. هذا ناجم عن تراكم لممارسات في غاية السوء لجهاز الشرطة على مرّ العهود، فقد استُخدم للقمع أكثر ممّا لفرض القانون والنظام. الشرطة في العهد الجديد لم تختلف كثيراً عمّا كانت عليه في الماضي .. كل الوعود والتعهدات بإصلاح هذا الجهاز الحيوي لم تظهر لها آثار، كما هي الحال مع الوعود والتعهدات الأخرى بالإصلاح السياسي والإداري والاجتماعي والثقافي.
قضية الصبي حسين مازن ناصر ستكون اختباراً للوزير قاسم الأعرجي ووعوده وتعهداته.
سننظر لنرى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here