الكل ينتقد و يعيب اصحاب ما يسمى ( الكيل بمكيالين ) او ( ازدواجية المقاييس ) في التعامل مع الأحداث و الموقف منها و هذا ( الكل ) المنتقد هو ايضآ يمارس هذا النمط المزدوج من التعامل مع الأمور التي يراها من الزاوية التي تروق له و تتوافق مع منطلقاته السياسية و تكون متوافقة مع رؤيته تلك و ان كان يقع في التناقض ذاته و ان يكيل الأتهامات للطرف الآخر بأزدواجية المعايير فأنه قد وقع في الأشكال نفسه و المطب ذاته في الموقف من الحكومات و الأنظمة السياسية .
من ابرز الدول المؤججة للصراعات و الحروب و التي تتنافس في الأستحواذ على الزعامة في المنطقة و ذلك بتصدير ازماتها الداخلية الكثيرة الى خارج الحدود و ترمي بها في ساحات البلدان الأخرى التي تصبح فيها ميادين المنازلة في تصفية حسابات الدول الدينية المتخمة بالمشاكل الجسيمة التي تعصف بالمجتمعات هناك ( أيران و السعودية ) فكانت الساحة السورية و شرارة الثورة الشعبية التي اندلعت فيها فما كان من الحكم السعودي ان اصبح المدافع و بلا هوادة عن الديمقراطية و العدالة و المساواة و التي يفتقدها هو في ( المملكة ) واعتبار تلك التظاهرات المعادية للنظام السوري و من ثم الحرب المسلحة هذه بمثابة سحب الشرعية من ذلك النظام الدكتاتوري المستبد و ما كان من الحكم السعودي ان حشد الجيوش الداخلية و الأجنبية و مكنها بالمال و السلاح اللازم لأسقاط النظام السوري الفاقد للشرعية من وجهة النظر السعودية و معها عدد من الدول الخليجية في حين كان للحكم الأيراني رؤية مغايرة تمامآ من الأحداث التي تمر بها ( سوريا ) و التي تعتقد ان النظام السوري هو الحكم الشرعي المعترف به امميآ و لديه المندوب الرسمي في الأمم المتحدة و ما تلك الفصائل المسلحة و التي تقود الحرب ضده الا مجموعات من الخارجين على القانون و المرتزقة القادمين من الخارج و ان تدخل ( أيران ) المباشر و الزج بالقوات العسكرية و عدد من الفصائل المسلحة المؤيدة لها الى جانب النظام السوري هو للدفاع عن الشرعية حسب تلك المزاعم و الأدعاآت .
كانت ( اليمن ) الساحة الجديدة للصراع بين الدولتين و التي كانت شرارة اندلاعها هي محاولة ايرانية واضحة في اشغال ( السعودية ) و تهديدها من الحدود الجنوبية بغية تخفيف الضغط السعودي القوي على النظام السوري و حلفائه و اندلعت الحرب بين الحكم اليمني و المعارضين المسلحين فكانت ( السعودية ) تساند و بشكل تدخل عسكري مباشر النظام الحاكم بأعتباره الحكم الشرعي المعترف به من قبل الأمم المتحدة و معتبرة ان المعارضين المسلحين للنظام اليمني ماهم الا مجموعات من المرتزقة و الخارجين على الدولة الشرعية و الذين يستمدون قوتهم من الدعم الخارجي المقدم بالمال و السلاح في حين كانت ( أيران ) ترى ان الحكم اليمني قد فقد شرعيته بخروج تلك المظاهرات المناهضة له و من ثم التحول الى العصيان المسلح و كان ان زجت بكل قواها دعمآ لتلك الفصائل المسلحة و التي تسعى لأسقاط النظام الحاكم في اليمن .
كانت كذلك المعايير التي تعتمدها الدول العظمى في تأييد هذا النظام الدكتاتوري او معاداة ذلك النظام الديمقراطي و حسب الحاجة و ما دعت اليه المصلحة فقد ادى التدخل الأمريكي المباشر ( الدولة الديمقراطية الكبرى ) من خلال الدعم و الأسناد المقدم لللأنقلاب العسكري الذي اطاح بالنظام الديمقراطي المنتخب في ( تشيلي ) و حكم الرئيس ( سلفادور اللندي ) في العام 1973 و بعد مرور ثلاثين عامآ اي في العام 2003 كان التدخل الأمريكي العسكري المباشر في ( العراق ) و اسقاط النظام الدكتاتوري ( حكم صدام حسين ) بعد ان استنفذت خدماته و اصبحت مضاره اكثر من فوائده و كذلك فعلت و ما تزال تعمل بقية الدول الكبرى و التي لا تكترث كثيرآ و لا تهتم من قريب او بعيد لأنماط الأنظمة المتواجدة و نوعية الحكام و مدى قبول الشعوب بهم بقدر ما تكون مصالحها هي الأساس و المنطلق في التعامل مع تلك الحكومات و ان دخلت في التناقضات و ازدواج المقاييس و الكيل بعدة مكاييل انها الاعيب السياسة و خداعها و التي لا يوجد في قواميسها مصطلحات الأخلاق و المبادئ و القيم الرفيعة انما غايتها تبرر لها الوسيلة دائمآ مهما كانت وضيعة منحطة و دنيئة .
حيدر الصراف
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط