حكم بالحرمان من القراءة و الكتابة : قصة قصيرة

مع تقدم حشود بشرية ببطء نحو الأمام ، على شكل موجات متلاطمة و متضاربة ومتشابكة وهي مضطربة و حيرانة ، فقد جرفتني إحداها نحو منصة كان يتوسطها شخص أشبه ما يكون برئيس قضاة ، أو شيء من هذا القبيل ، فما أن لمحني حتى التفت إلى أحد الجالسين جنبه فسأله رأيه بيَّ فأجاب الآخر :…
ــ أنه شخص معصي و متمرد على طول الخط ، فلم يعر يوما أهمية لتعاليمك السمحاء ، أن لم يكن قد استخف من خلال عدم اكتراث ولا مبالاة ، ولم يكن يهمه غير القراءة والكتابة طوال حياته .. إنه أشبه ما يكون بمدمن على ذلك ..
ــ وهل هو شاعر أم كاتب أم ماذا ؟
ــ أنه شيء من هذا القبيل !..
ــ ملاعين هؤلاء ! .. أحيانا يريدون منافستي على عرشي ..
قال رئيس القضاة جبينه وهو يجعّد جبينه مستغرقا بالتفكير لحظة ، ثم تشاور معهم عن طبيعة الحكم الذي استحقه ، فاقترح الأعضاء سلقي بماء فوّار و غليان حتى تذوب الطبقة الثالثة من جلدي ، غير إن رئيس القاضي قد وجد الحكم مخففا بحق شخص أعلن العصيان ضد تعاليمه متباهيا ، علنا أحيانا ، فاقترح حرماني من متعة القراءة و الكتابة مؤكدا على أنها أقسى عقوبة على الإطلاق بالنسبة لشخص مدمن على القراءة والكتابة بههذ الصورة من إدمان قوي و هوس شديد ..
فعبثا كنت أصيح آنذاك : اسلقوني أسلقوني رجاء .. بدلا من حرماني القراءة و الكتابة
و …..
و فجأة صحوت من كابوس كان يجلس على صدري ثقيلا ومديدا !..
فتمتمت مع نفسي مذهولا :
ــ الحمد لله أنه حلم فحسب ..
وأنكببتُ على القراءة والكتابة كجائع حُرم من الأكل منذ شهور طويلة .
مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here