صحيفة أميركية: التحالف الدولي يتكتم على خسائر المدنيين خلال معركة الموصل

ترجمة: المدى

مع إحتدام القتال ضد داعش في المدن المكتظة بالسكان، يراجع الجيش الأميركي مسؤوليته فيما اذا كانت ضرباته الجوية اليومية قد تسببت دون قصد في مقتل مدنيين.
ووسط تصاعد الإنتقادات من ذوي الضحايا ومجموعات حقوق الإنسان، كشفت المراجعة ان الجيش الأميركي لم يبلغ عن 80 من ضحايا المدنيين نتيجة الضربات الجوية خلال العامين الماضيين. كما تشير تقارير مستقلة الى ان هناك عددا أكبر من الضحايا أغفلهم التحالف الدولي.
فمثلاً كشف التحالف في تقريره الذي نشر الأحد “عدم كفاية الأدلة التي تمكّنه من تحديد وجود المدنيين أو إلحاق الأذى بهم” في ضربة جوية يوم 17 كانون الثاني في العراق.
وفي نيسان زارت صحيفة التايمز الموقع في حي بيسان شرقي الموصل وشاهدت المنزل المدمر وتحدثت مع الناجين.
وقال عمر حسن ان ثمانية من أقربائه، بما فيهم أربعة من أحفاده، قتلوا في الضربة. وأضاف “نحن مستعدون للتعاون مع أي شخص يرغب بمعرفة تفاصيل الحادث. أود ان يعرف الجميع ما حصل لنا. لقد دمرت عائلتي”.
الآن يقول الجيش الأميركي ان 352 مدنياً قتلوا نتيجة الضربات الجوية للتحالف منذ بدء الحرب الجوية على داعش في آب 2014، لكن هذا العدد أيضاً أقل بكثير مما يذكره المراقبون المستقلون.
يكشف التقرير الجديد ان البنتاغون يجد صعوبةً في تحديد عدد الأبرياء الذين يسقطون في مناطق الصراع حيث تتواجد القليل من القوات الأميركية التي توجّه النيران من الخطوط الأمامية والقادة يعتمدون بدلاً من ذلك على مراقبة الطائرات بدون طيار وعلى تقارير الحلفاء.
وقال العقيد جو سكروكا، المتحدث عن الجيش الأميركي في بغداد، ان محللي القيادة إعترفوا بوجود حالات شاذة بسبب “الملل” من كثرة البيانات لعدة أشهر، وأضاف ان ذلك قادهم الى إعادة فحص 396 تقريراً عن خسائر المدنيين من أجل تحديد أية أخطاء أو ثغرات في التقارير.
وأضاف “نحاول تحسين عملية إعداد التقارير كل شهر من خلال جعلها أكثر قابلية للتنبؤ والشفافية”. وأوضح ان فريق التحالف – المكون من شخصين والذي يحقق في خسائر المدنيين نتيجة الضربات الجوية – متحفظ في تقديراته والأمر يتطلب تأكيداً من أكثر من مصدر.
ويحقق التحالف في خسائر المدنيين بناءً على تقارير من هيئة أركانه ومن وسائل الإعلام والإعلام الإجتماعي ومجموعات المراقبة الدولية والمحلية. ولا يتطلب الأمر زيارة المحققين لموقع الضربات والتحدث مع ذوي الضحايا أو شهود العيان.
ونفّذت طائرات التحالف 20205 ضربات في العراق وسوريا منذ 2014. وتصاعد عدد الضحايا المدنيين خلال الأشهر الأخيرة مع إنتقال القتال الى مناطق غربي الموصل المكتظة بالسكان حيث ترمي طائرات التحالف قنابل أكثر من أي وقت منذ بدء الحرب.
وقبل شنّ هجوم الموصل في 17 تشرين الأول، أسقط المسؤولون العراقيون منشورات من الجو وبثوا تحذيرات تلفزيونية تدعو الأهالي الى البقاء في منازلهم وعدم الهرب، ووعدتهم بأن الجيش سيحميهم، ولكن صعوبة تنفيذ عملية قصف في مثل هذه البيئة الحضرية جذبت الإهتمام الدولي خصوصا عندما قتل عدد من المدنيين في ضربة على مجموعة من المباني في حي الجديدة غربي الموصل يوم 17 آذار.ومازال البنتاغون يحقق في الحادث، لكن منتسبي الدفاع المدني العراقي المسؤولين عن إنتشال الجثث قالوا ان الضربة قتلت أكثر من 270 شخصاً.
ويعارض البنتاغون النقّاد من مجموعات حقوق الإنسان التي قالت ان آلاف المدنيين قتلوا في الحملة الجوية.
من جانبها قالت مجموعة المراقبة المستقلة “الحروب الجوية”، مقرها في لندن، وتضم كوادر من الصحفيين والباحثين، ان ما لا يقل عن 3325 مدنياً قتلوا في 566 ضربة.
وقال كريس وودز، مدير المجموعة “مازال مدنيو العراق وسوريا يدفعون ثمناً باهظاً مقابل تحريرهم”.
لكن المتحدث عن الجيش الأميركي سكروكا قال إن العدد الفعلي للضحايا من المدنيين ربما يقع بين الرقم الذي ذكره التحالف ورقم مجموعة الحروب الجوية.
وبناءً على مقابلات أجريت مع الضحايا، فان التحالف لا يخفف من عدد القتلى فحسب وانما أيضاً يتجاهل ويرفض الإدعاءات المشروعة.
وقال قادر – أحد الناجين من ضربة 17 كانون الثاني – انه مازال مستعداً لمساعدة التحالف في التحقيق، “لا أعرف ما المبرر في ضرب المنزل الذي كان يؤوي أطفالاً ونساءً. لدي شهود عيان على ان منزلي تعرّض للضرب”.
لكن سكروكا قال ان التحالف لم يعثر على قادر أو غيره من الناجين، حيث قال إن “كل ما لدينا إدعاءات، لا يوجد دليل أو وسيلة لمقابلة الضحايا”.
كما زارت صحيفة التايمز مجمعاً سكنياً في حي المحطة غربي الموصل، حيث قال ناجون ان ضربة جوية يوم 13 آذار قتلت ما لا يقل عن 21 شخصاً بما فيهم أربعة أطفال، في ثلاثة منازل تحوّلت الى كومة خرسانة متداعية.
وقال الناجون ان السلطات العراقية أو التحالف لم يتصلوا بهم وان الضربة لم تذكر في تقرير الأحد، بينما قال سكروكا ان التحالف يجري تحقيقاً فيها.
وقال شهاب أحمد، أحد الناجين من الضربة إن “منزلي تعرض للدمار نتيجة ضربة جوية ويشهد الجيران على ذلك. أطلب من التحالف ومن الولايات المتحدة إجراء تحقيق عادل في ذلك”.
كما تحدثت التايمز مع رائد محمد حسن في منزله الذي تعرض لأضرار شرقي الموصل، حيث قال ان 11 شخصاً قتلوا في ضربة جوية للتحالف يوم 21 كانون الثاني بما فيهم طفلته رانيا البالغة 10 أشهر من العمر.
وقال رائد انه سمع أصوات مقاتلي داعش قريبة قبل الضربة لكنهم هربوا، ويدعو الى إجراء تحقيق مستقل. وأضاف “نطلب من الأمم المتحدة المشاركة في التحقيق ونريد منهم الحياد والعدالة”.
قال سكروكا ان الضربة لم تذكر في تقرير الأحد لأن التحالف إستلم الإدعاء الشهر الماضي وان تقرير التايمز قال انه “ليس هناك مكان محدد أو معلومات كي نتابعها”.وتلقي القوات الأميركية اللوم على مجموعة داعش التي ملأت المباني بالمدنيين ثم وضعت قناصين على الأسطح في محاولة لإغراء الضربات الجوية والتسبب بخسائر في صفوف المدنيين.
عن: لوس أنجلوس تايمز

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here