ظاهرة المتسوّلين الغجريين تسود الطرقات فـي بابل

بابل / إقبال محمد

ظاهرة التسول اصبحت من الظواهر الخطيرة على المجتمع، إذ بدأت تزداد بشكل ملحوظ وبأساليب مختلفة في الساحات العامة والتقاطعات وأسواق مدينة الحلة، التي باتت تضم العشرات من المتسولين واغلبهم من العوائل الغجرية من خارج المحافظة، حيث يتم غالباً استغلالهم من أشخاص آخرين، فضلاً عن ابتكار المتسولين أساليب وطرق جديدة لاستدرار عطف المواطنين. وأشار قائممقام مدينة الحلة صباح الفتلاوي في حديث لـ”المدى”، إلى أن “الساحات العامة والتقاطعات والاسواق في المدينة، تضم حاليا العشرات من المتسولين واغلبهم من العوائل الغجرية الذين يتم غالبا استغلالهم من أشخاص آخرين”، مبيناً أن “المتسولين بدأوا يتفننون بابتكار أساليب وطرق جديد لاستدرار عطف المواطنين مثل عدم امتلاك المال للعودة إلى مدينته أو عدم امتلاك ثمن الدواء والطعام لاطفاله”.
وأضاف الفتلاوي أن “قائممقامية مدينة الحلة لديها قاعدة بيانات متكاملة عن المتسولين تتضمن أسماءهم ومحلات سكناهم وأماكن عملهم ومن اي منطقة جاءوا منها، وقد اتخذت العديد من الإجراءات للحد من تلك الظاهرة من خلال توفير فرص عمل لهم وإدخال المتسولين من ذوي الأعمار الصغيرة إلى المدارس وتوفير السكن ومستلزمات الدراسة لهم والتعاون مع شبكة الرعاية الاجتماعية، لتخصيص رواتب لهم وقيام بعض المحسنين بتخصيص رواتب لهم”، لافتاً إلى أن “الخطوات باءت بالفشل كون المتسولين لم يلتزموا بها لأن التسول مهنة لهم و تدر عليهم أموالاً كبيرة”.
وبين الفتلاوي، أن “هذه الظاهرة تحتاج إلى وقفة جادة من الحكومة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمختصين، والى تشريع قوانين من الحكومتين الاتحادية والمحلية لإيجاد حلول سريعة لها لتأمين حياة كريمة للمتسولين”، مشيراً إلى أن “هناك فريق عمل لإيجاد حلول لظاهرة التسول يضم الدوائر ذات العلاقة وهي دوائر وزارة العدل ودائرة رعاية الأحداث ودائرة صحة بابل إضافة إلى مديريتي التربية والشرطة في بابل وممثلين عن الوقفين الشيعي والسني إلى جانب المحافظة ومجلس المحافظة و قائممقامية قضاء الحلة وجامعة بابل”.
من جانبها قالت الناشطة المدنية سوزان رزاق نهام، لـ(المدى)، إن “ظاهرة التسول ظاهرة اجتماعية سلبية تعاني منها الدول التي توجد فيها صراعات سياسية أو حروب بسبب غياب السلطات والقوانين أو كثرة الفقر بسبب إهمال الحكومات لهذه الطبقات الشبه معدمة اقتصاديا”، مبيناً أن “هناك أسباباً أخرى وجدت في الآونة الأخيرة ومن خلال عملنا كباحثين اجتماعيين وناشطين مدنيين، وخلال لقاءتنا بالمسؤولين وجدنا أن أكثر المتسولين هم من يدعي الفقر ومنهم من يدعي المرض ومنهم اطفال الشوارع حيث اعتبروها مهنة لهم بسبب مايجنونه من اموال وفيرة والحصول عليها بسهولة”.
واشارت نهام إلى أن “هناك الكثير من العوائل الغجرية التي تسكن مناطق بعيدة عن مركز المدينة استخدموا الاطفال للتسول عبر إنزال العديد منهم صباحاً امام اماكن محددة للتسول حيث يرأف بحالهم المتصدق”، مؤكدة وجود “طرق عديدة لمعالجة هذه الظاهرة السلبية وأولها محاربة الفقر، وثانيها فرض عقوبات على المتسول وتفعيل القوانين لردعهم، إما بعقوبة السجن أو بغرامة مالية”. وطالبت نهام منظمات المجتمع المدني بـ”إعداد حملات إعلامية تثقيفية في هذا المجال في مواقع تواجدهم وتخصيص برامج تلفزيونية وإذاعية تستضيف اختصاصيين بهذه الظاهرة لدراستها وإيجاد الحلول لها وبيان العقوبات التي حددها المشرع العراقي لجريمة التسول في قانون العقوبات وتوضيح أهم الآثار المترتبة على التسول”.
ودعت الناشطة المدنية إلى “اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية وضمن القوانين للحد من هذه الظاهرة الخطيرة”، مشيرة إلى أهمية “انتباه الحكومة الى هكذا فئة بتوفير المكان الآمن وتوفير لهم فرص التعليم ومن ثم إدراجهم في ورش توعوية ومهنية مثل النجارة والحدادة والخياطة، بحيث تتوفر لهم فرص عمل مع مهنة يستفيد منها كمصدر
عيش له”.
بدورها، اوضحت المتسولة سعاد كاظم (13 سنة) وهي واحدة من عشرات المتسولين نساءً ورجالا وأطفالا نراهم في الشوارع والأسواق ومواقف السيارات، لـ(المدى)، أنها و”شقيقها يتسولان لإعالة أسرتهما يعملان منذ الصباح الباكر وحتى منتصف النهار: نمد أيدينا من اجل طلب الصدقة والمعونة والحسنة ،البعض يعطف علينا والبعض الآخر يقول الله ينطيكم”، مشيرة إلى أن “العديد من صديقاتها هنّ الآن في الصف السادس الابتدائي ولكنني تركت المدرسة مجبرة لإعالة عائلتي وأتمنى العوده لها”.
أما أم حسين امرأة كبيرة السن التحفت عباءتها الممزقة قرب جسر الحلة وهي تجلس القرفصاء وأمامها صحن صغير يضع فيه المارة ما يتصدقون به وبعد جهد كبير بذلناه من اجل الحصول على تصريح قالت لـ(المدى)، “أنا أعيش وحدي بعد أن تركني أبنائي وراتب الرعاية الاجتماعية لا يسد رمقي وإيجار الغرفة الساكنة فيها و أعاني الوحدة وقلة المال ،لذا اضطررت للتسول ، لانها مهنة من لا مهنة له وأحصل يومياً على مبالغ لابأس بها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here