حدثنا
يحيى بن حيان وقال: المحبة برهان السعادة , وأكليل القوة والسيادة , وبها تزدهر الأوطان , ويشعر الإنسان بقيمة الإنسان , وبالمحبة يسود الأمن والأمان , والمحبة جوهرة مخزونة , فأطلقوا درركم المكنونة , فالحياة قلادة جمان وأيقونة.
وربنا خلقنا من سلاّف المحبة , ومن صلصالٍ طاهرٍ جميل , وأجرى أنهار الوداد بين خلقه الطيبين.
“….وجعل بينكم مودةً ورحمة , إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون” الروم : 21
والمحبة نفحة نور يلقيها الله في قلوب عباده الصالحين , الذين ينيرون الأرض بوهجها الفياض وأشعتها الدافئة السنية الأضواء.
؟…وألقيت عليك محبة مني” طه: 129
والمحبة تقرن بالإيمان , فالمؤمن يحب ربه ورسله وما أنزله على الأجيال البشرية , التي تسعى كأنها أمواج النهر المتوافدة.
“…والذين آمنوا أشد حبا لله…” البقرة: 165
وفي الحديث :
“والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولا تؤمنوا حتى تحابوا“
“رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس…”
ويقول علي بن أبي طالب:
“أحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك واكره له ما تكره لها“
فالمحبة خلاصة الفضائل ومستودعها , وتبدأ بحب الخالق العظيم , والخير والعمل الذي يُسعد الإنسان , وهي حب لا محدود ولا مشروط , وتشير إلى العلاقة المعطاء الخالصة , والإرادة الضامة الماحصة , والمحبة صوت جميل , ونماء أثيل , ونداء روحٍ أصيل , فتجشموا عناء العمل بها , والتغني بألحانها والتنعم بأثمارها.
فما أعذب جداول المحبة وأرق مياه ينابيعها المتدفقة من قلوب الخلق المتصافية , فتحابوا وتراحموا إن أعظمكم إيمانا وإنتماءً لعين اليقين , هم المتحابون الخالصون في محبتهم والذين بتراحمهم وتواددهم ينعمون.
وقال يحيى بن حيان: المجتمعات المتحابة قوية والمتباغضة ضعيفة , فالمحبة إقتدار والتباغض إنكسار , والعدو الذي يريد النيل من أي مجتمع يبث فيه روح الكراهية النكراء , ليصول عليه ويقضي عليه بضربة ٍ نجلاء , وكم من الشعوب تمزقت وتفتت وتحولت إلى فرائس للمعتدين على مصيرها , والأمثلة حية في مجتمعاتنا , وعلينا أن نتدارك أوضاعنا قبل أن يمعن المفترسون بنا نهشا وتبضيعا وفرسا.
وأضاف: المحبة طاقة معروف , وإرادة تواصل إنساني وإرتقاء حضاري , تتوهج في دروب الإنسانية , وتتفاعل مفرداتها الرحبة , لتشمل معطيات الحياة كافة , وتساهم بتنويرها بالفضيلة والقدرة على الصلاح والسلام والوئام , والأخوّة والتفاني في صناعة السعادة الإجتماعية والوطنية , وإدامة ربيع البشرية الزاهي المزدهر بالآمال والتطلعات الجميلة السامية.
ومضى يحيى بن حيان قائلا: المحبة قوة التعبير عن الإنسانية , ومنتهى الإنسجام مع الرحمان الرحيم , والإدراك الحقيقي لمعاني العبودية والوحدانية , وصدق الإيمان والإنتماء إلى خالق الأكوان , العزيز المقتدر المنّان.
المحبة فيض إشراق الإنسان بقلب الإنسان , ووهج الرجاء المنير في دنياه , وبدر التآخي والتبرك بالنعمة والصفاء الخالص المنسكب بطاقة الوداد والحنان.
والمحبة جوهر العقائد السماوية ونورالأديان.
فارفعوا رايات المحبة , وشمروا عن سواعد التوادد والتراحم والتعاضد والإعتصام بمصالحكم , وبديهيات بقائكم ومنطلقات عزكم وكرامتكم , فالمجتمعات بما فيها تكون , وما يتوطنها يبني له واقعا جميلا أو تنورا تنسجر فيه , وتكون رمادا في جعبة الخسران.
“فليحب بعضكم بعضا“
و“القلب المحب يسع الدنيا“
“وبحسن المعاشرة تدوم المحبة“
فهل ستكون المحبة تاج وجودنا , وعرش مسيرتنا في مملكة الإنسان , علينا أن نتساءل قبل فوات الأوان , وقد تضابحت من حولنا الأكوان؟!!
د–صادق السامرائي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط