أمسية استذكارية في برلين للشاعر والروائي الرفيق صبري هاشم

أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي ورابطة الانصار الشيوعيين في المانيا الاتحادية أمسية استذكارية للشاعر والروائي الرفيق صبري هاشم بمناسبة مرور عام على رحيله،حيث إلتأم جمع من رفاقه واصدقائه وعائلته لاستذكاره والحديث عن نتاجه الثقافي والانساني،أفتتحت الامسية من قبل عريف الحفل الرفيق سعد كولاني بقوله:

(نحن سعداء بتواجدكم معنا في هذه الاستذكارية لرفيق بصري مناضل ،مثقف واديب لامع نحتته الصعاب وعركته الحياة ، غادرنا للاسف بعجالةدون ان يكمل مشواره الانساني والثقافيخير مانستهل به هذه الامسية الوقوف دقيقة صمت استذكارا للرفيق صبري هاشم (ابو ليلى) وكل القامات الثقافية والنضالية التي غادرتنا مؤخرا واعتزازا واكباراً بشهداء العراق والحركة الوطنية.)

بعدها عرض فلم قصير عن الفقيد صبري أعدهُ الرفيق ابو عادل ..

ثم القى كلمة منظمة الحزب الرفيق سامي جواد كاظم وجاء فيها ( نلتقي اليوم لنستذكر رفيقا مناضلا ومثقفا عراقيا لامعا ،رحل عنا قبل عام وبصمت دون ان ُيكمل مشوارُه الثقافي والانساني ، برحيله فقدت البلاد احد مبدعيها ومناضليها الكثار الذين غيبهم الموت في متاهات الغربة خلال العامين المنصرميين.

لقد انحازالرفيق صبري بوعي فطري ووقت مبكر لمصالح المسحوقين والكادحين من ابناء وطنه وللفكر التقدمي والمتنور،وانخرط في بداية شبابه في النشاط الطلابي والحزبي ، حيث كان واحدا من نشطاء مدينته البصرة مدينة العمال والكادحين الامر الذي جعله لايغيب عن اعين الشرطة السرية والمخبرين حيث تعرض للملاحقة والاعتقال والتعذيب ومن ثم المغادرة القسرية لوطنه وبصرته الحبيبة )

وقرأ الرفيق النصير سعد كولاني كلمة رابطة الانصار الشيوعيين التي تضمنت:

(لقد شارك الفقيد بكل حماس هو ورفيقة دربه ام اصيل في النضال باعلى اشكاله كما يعبر عنه في المفهوم الثوري بالحركة الانصارية منذ وصولهما الى جبال كورستان من اجل خدمة اهداف شعبنا في الخلاص من الدكتاتورية وظلمها ووسائل قمعها لشعبنا واحقاق نظام يحقق فيه لشعبنا الحرية والديمقراطية والسلام ، وشارك الفقيد في اوائل المفارز التي نزلت الى دشت الموصل مع الخالدين ابو ماجد وابو نصير وغيرهم وتولى مسؤوليات عدة منها مسؤول الحسابات لقاطع بهدينان ، وشارك رفاقه الانصار في السراء والضراء وعانى ما عاناه في ظل تلك الظروف من المعاناة وشظف العيش والحرمان من ابسط المستلزمات الحياتية والجوع في كثير من الاحيان والقلق والارهاق والمخاطر الجمة في تلك الوهاد والجبال الصعبة ،. واكتسب الفقيد صداقات كثيرة في وسط الانصار لدماثة خلقه وثقافته العالية والروح الانسانية التي كانت تتملكه وتجيش في نفسه وحيث كان مرهف الحساسية وينظر لكل شيئ بمنظار خاص ويعطي له تفسيرات من منطلق ثقافته ونظرته الانسانية واحساسه العالي المرهف . )

بعدها القى رفيق ابا اصيل وصديقه الاثير الشاعر طارق سعيد الحلفي ( ابو احسان) ثلاث قصائد بعنوان ( الرحيل هو الرحيل ) التي كتبها في رثاءه

للّتي قالَت سَلاما فَوقَ سَطرٍ مِن حَريرٍ

للّتي قالت سَتَكتَبَ فَوقَهُ كُلَّ الذي اجّلتَ من آسِ الفُصولِ

عُشقَكَ المسكونُ بِالنَخلِ

خلايا القادمينَ نَحوَ اعراسِ النّهارِ

صباحِ البصرةِ العابقُ بالملحِ وخُلخالَ عدن

خُصلَةَ الماءِ التي لَوحَتَ فيها

بِمَناديلِ وداعٍ من ضّياعِ

حينما غادَرتَ خيمتَكَ الوَحيدَةِ نَحوَ ناعورِ الكويتِ

قبل ان تُطردَ من هَودَجَكَ الطّفلُ الى حبل النّزيفِ

قَبلَ ان تَجمَعَ في الواحات اصدافَ الحَديثِ

وَانحِسارَ الضَّوءِ عن سِحرِ الكَلامِ

قصبَ الهورِ الذي خَلّفتَه ذاتَ بُكاءٍ

وحشَةَ الظِّلِ بهوركي ومخاضَ الالهة

قِرطَ من احبَبتَ ذَيّاك الذي

علقتَهُ يوما على ظَهرِ البداية

فاحتوى حَجرَ المعاني

قصةُ الكمأةِ، والهُدهدُ، والوهمُ،

ارضُ اشورِ، الخُلاسيونَ،

اطيافُ الندى

قيثارُ مَديَنَ، معبدٌ الرّيح لنشوى

***

هل نسيتَ غَصَّةَ المُشمُشِ في اوَلِ قُبلَة ؟

قبلِ ان يُبْـلِغُكَ الصّمتُ بصَمتٍ

انّ نشوى سوف تغفو فَوقَ دَفتَرَكَ القديم

ربما التفَتَتَ اليكَ قصيدَةٌ النّثرِ التي لَم تَكتَمِل

او لَم تَقُلْ، عند افتِراقِ حَديثَكُما، وَداعاً

وقصيدة ( البصرة ) مدينتهما التي احباها دون حدود وقصيدة ( الطلق ) …

حينَ بِنا آنَ رَحيلٌ

في صَبوَةٍ، نَحوَ البَصرَةِ

على وَجدِ حاديَ العيسِ اتَكأنا

نَنتَظِرُ إنبِلاجَ بَهجَةٍ عَنّا تَخَلّت

في هَودَجٍ من أَسمالِ الغُربَةِ

***

البَصرَةُ نَرجِسَةٌ، إذ تَقرِبُ مِنّا 

نَتَضَوعُ ضوءاً 

لكنَّ إِلينا الطُّرُقاتُ مُتَلَكِّئَةً كانَت

ونَعيبٌ يَهطِلُ مِن ذاكِرَةِ النَّوءِ

على الأَمساءِ

أَغبِرَةٌ حُمرٌ، ومَطارِدُ صيفٍ تَتَعَقَبُها

ما أَشهَقُها!

ما اشهقُ هذي البَصرةُ حينَ تَقوم!

ثم اتى دور صديق ورفيق ابا اصيل الاديب والكاتب الرفيق النصير يحيى علوان ليقرأ نصا ادبيا كتبه في رثاءه جاء فيه :

( رُبَّ قائل يقول ، قتله الشعر..فأقول لا! لأنه بالشعر عاش أكثر، إستوطن الشعر، او ان الشعر استوطنه

سيان!فقد مانا إثنين في واحد ، حتى هجر النثر والسرد ،

ولما سافر لم يتبعه ظله، ظل مسمرا بيننا

بعد ان حملته الفراشات ، خفيفا مثلها ، الى مدارج الضياء

قضينا اعمارنا ، نراوح بين المنافي ومنبت الذكرى ،

هجرنا الاهل والصحب ،

ركبنا اليم .. أجنحة الريح، ظهور الدواب، حتى أزهر ملح الوحشة فينا ،

مثل وجع ناي ، ثقبته أصابع الخسارات

نضجت أشواقنا ونحن..غافلون!”

فإذا بالوطن يكابر ، ينافح عما صار اليه طلل، خطل وخبل

وطن حملناه غصة.. جيلين،

كوينا جراحنا باسياخ التصابر‘

تركنا الصمت معلقا في الهواء ،وحيدا..” بلا ولد ولا تلد

حتى صحت الدنيا على غيب من تهاليل واباطيل

لكننا سنظل سائرين!

فليس لنا سوى أن نسير .. أن اصبنا أو أخطأنا،

سنسير ، ونسير..؟!

اما رفيق صبري وشريك النضال في جبال كردستان النصير صباح كنجي الذي لم يسمح وضعه الصحي بالمشاركة فقد أرسل نصا قرأته الرفيقة وفاء الربيعي كما قرأت في الختام أحدى قصائد الشاعر صبري هاشم وجاء في النص الذي كتبه كنجي مايلي :

(ابو ليلى.. او ان شئتم صبري هاشم .. الذي غادر البصرة في اقصى الجنوب نحو الكويت هارباً من جحيم البعث وملاحقته .. عاد .. يا للمفارقة .. من اقصى معبر شمالي في كردستان بعد مغادرته الكويت الى اليمن ومن ثم بلاد الشام .. كان يفيض في كل لقاء بالكثير من القصص و الحكايا بأسلوبه الجميل والمؤثر بالرغم من ميله للصمت والهدوء.. كأنه كاهن مشغول البال يفكر بتقوى السماء..

لكنه حينما يشعر بأنك تصغي اليه ينفتح كالبركان .. شاكياً ..ناقداً .. متذمراً ومشفوعاً بالرعب من احتمال ضياع الحلم .. كان يرى كـ كلكامش ما لا يراه الآخرون .. حدثنا اكثر من مرة عن تجربة مرّ بها.. وتركت تأثيرها العميق في نفسه وهو الحالم بالوطن الحر والشعب السعيد مع باكورة عمله السياسي وانتسابه للحزب الشيوعي الذي سعى اليه صبري بقناعة ووعي ..

بقي صبري وفياً لقناعاته وعلاقاته الانسانية.. التي اصبحت هاجسه الكبير في سنوات الغربة التي تمحورت بقدرته على تجاوز آلامها ومعاناة المرض.. الذي لازمه واصبح يقضي الكثير من اوقاته في صالات وغرف المشافي.. التي انجز الكثير من فصول رواياته وقصائده على اسرتها يناكد المرض ويتحايل عليه .. ويسخر بوعي مما مرّ به من مواقف صعبة بتلك الروح الثورية التي لا تعرف النضوب واليأس )

أختم عريف الحفل الرفيق سعد كولاني الامسية بالقول :

( في ختام استذكاريتنا لرفيقنا الغالي الروائي والشاعر صبري هاشم نتقدم باسم منظمة الحزب الشيوعي العراقي ورابطة الانصار الشيوعيين بوافر الشكر والتقدير لكافة الرفيقات والرفاق والصديقات والاصدقاء الذين تجشموا عناء السفر بمشاركتهم لنا في هذه الاستذكارية وكذلك جميل الشكر لكل الرفيقات والرفاق الذين قدموا مساهمات استذكروا فيها رفيقهم الفقيد ،لك الخلود والذكر العطر ابا اصيل ،الى اللقاء رفاقنا واصدقائنا دمتم بخير وعافية ورافقتكم السلامة.)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here