قليلا من الاحترام للنسر العراقي

لم اشاهد نسرا محلقا في سماء بلادي طيلة الخمسة سنوات التي قضيتها مع وزارة الزراعة العراقية , والتي زرت خلالها العراق شمالا وجنوبا , غربا وشرقا. لقد تعرفت انا و 99% من الشعب العراقي على النسر العراقي من خلال الشعار الجمهوري الذي اتخذته الحكومات العراقية بعد انقلاب 8 شباط عام 1963 شعارا لها , حيث اصبحنا نشاهد صورة النسر على الجانب الامامي من المنصة الخطابية لرئيس الوزراء , على العملة العراقية , وهي رمز الوطن , وعلى صدور الابطال من القوات المسلحة العراقية وهم يقاتلون عناصر داعش في الموصل بعد ان دحروهم في الرمادي والفلوجة وتكريت . واصبحنا نسمع عن النسر او الصقر من خلال وصف القوة الجوية بصقور الجو و نسور الجو “, واصبحنا نسمع بخلية الصقور “. وعليه فان النسر العراقي قد استخدم رمزا للشجاعة والاقدام والقوة و حتى العظمة , ولما لا وهو الطير الذي يحلق عاليا في سماء الله , ينهزم منه كل طير يمر به.

هذا الطير البديع , تجده مريضا , حزينا , مقهورا , جائعا , ومكبلا بالسلاسل معروضا للبيع باخس الاثمان في سوق الغزل في بغداد. في زيارتي الأخيرة الى العراق وبالتحديد الى سوق الغزل شاهدت ليس نسرا واحدا وانما مجموعة من النسور وهم مكبلون بالسلاسل ينتظرون رحمة من يشتريهم. كان منظر هذه الطيور الجميلة , العملاقة , النادرة يدعوا الى الشفقة , حيث من النظرة الأولى الى هذه الطيور ينتابك الشعور بانهم حزانا , ربما جياع , في مكان وبيئة غير بيئتهم , وانت تنظر اليهم يأخذك الشعور بان هذه الطيور ينتظرون من يخلصهم من محنة اسرهم , واطلاقهم الى سماء الله العريضة.

لقد تحيرت واصابتني الصدمة وانا انظر الى أحوال هذه الطيور العملاقة وهي تمثل العراق , قوة وعزة وهيبة لكل أطياف الشعب العراقي ,وهي مكبلة بالأصفاد . عندما قرر البرلمان العراقي ان يكون النسر شعارا للعراق , انما اعتبر هذا الحيوان هو رمز العراقيين جميعا , وعليه يجب ان لا يسمح البرلمان العراقي الاعتداء على هذا الحيوان او اهانته . هذا الحيوان يجب ان ينعم بالعناية الحكومية ومعاهد حماية الحيوان و رعايته , لا ان يترك تحت رحمة الصيادين , ومن اجل حفنة من الدنانير .

نحن الذين يعيشون في الغرب , تعودنا على احترام الطير وخاصة عندما يكون الطير يمثل شعار ولاية . ففي الولايات المتحدة الامريكية هناك طير معين ووردة معينة تمثلان شعارا كل ولاية أمريكية , هناك قوانين لحمايتها ولا تسمح للمواطنين العبث بهما . الصقر الاقرع (ليس اقرع , وانما جاء الاسم عن طريق الترجمة لاسم هذا الطير ) , يعتبر الطير لكل أمريكا , ولكن بكل تأكيد حال الصقر الأمريكي ليس حال النسر العراقي . الصقر الأمريكي ينام شبعانا مطمئنا حتى في أوقات الشتاء القاتل في ولاية الاسكا الامريكية و أجزاء من كندا , الا ان النسر العراقي ينام جائعا , خائفا , ينتظر رحمة اللهو يخلصه من محنة التكبيل .

اعلم جيدا ان حظ النسر العراقي المتعثر ليس احد هموم رئيس الوزراء حيدر العبادي ولا وزير الزراعة العراقية , ولهذا أوجه ندائي الى منظمات المجتمع المدني , جمعية حقوق الانسان , جمعية المحاميين , جمعية الزراعيين , الجمعيات الشبابية ان يقوموا بحملة توعية حول هذا الطير الجميل والذي يمثل العراق في الداخل والخارج , عسى وان يجد ندائي اذن صاغية في المنطقة الخضراء , لان ترك مصير هذا الطير بيد الصيادين وبدون قوانين تحميه سوف يقضى عليه بسرعة , ويصبح شعار العراق فارغا لا معنى له .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here