لقد التبست علي الأمور، فهل من يدلني؟

داخل السومري

لقد بدأ يسايرني الشك بحقيقة أن هذا الشعب الذي انتمى اليه وبكل فخر هو حقا وريث أعظم حضارة عرفها التاريخ القديم، الا وهي حضارة وادي الرافدين العريقة. هل نحن حقا نرث حضارة سومر التي هي أول من قسم الوقت الى ساعات و دقائق وثواني، أول من اخترع العجلة التي هي أساس التقدم التكنولوجي، أول من أسس المدن وكون الحكومات، أول من أوجد الزراعة وحفر الأنهار وشق ترع الري، أول من اوجد الكتابة وبنى المدارس، أول من أنشأ التراث الأدبي-ولعل ملحمة جلجامش التي وصفها الأستاذ طه باقر بأودسى العراق الخالدة- أول من رصد السماء وحدد مواقع الكواكب السيارة، أول من وضع القوانين التي تنظم المعاملات التجارية-لعل اختامهم الأسطوانية تشهد على ذالك- أول من سلك الطرق التجارية التي اوصلتهم الى شمال الباكستان وألى شمال لبنان. أول من أوجد الميثولوجيا الدينية التي اخذت منها الأديان السماوية-اليهودية والمسيحية والأسلام-وعلى أساسها سطرت هذه الأديان رواياتها الدينية ابتداء من رواية حواء وآدم، الى اسطورة الطوفان وسفينة نوح.

لعل مقولة جورج أوريل التي تقول” الطريقة الأكثر تأثيرا لتحطيم شعب ما هو أنكار ومسح مفهوميتهم لتاريخهم” أكثر ما تنطبق على شعب وادي الرافدين المنكوب. والذي نكب هذا الشعب هو الغزو البدوي لأرض وادي الرافدين، وهذا الغزو الكارثي من قبل بدو رحل لا يعرفون أي شيء عن حضارة أو تحضر يعيشون على قتل بعضهم البعض وأكل لحوم قتلاهم، يعتبر أكبر كارثة حلت بهذا الشعب والتي يعاني منها لحد هذا اليوم وسيبقى يعاني أذا لم يستفق ويكتشف هذه الكارثة ومن كان من ورائها.

أريد أحدا ان يشير لي على شعب له حضارة كحضارة وادي الرافدين وقد تناساها وداس على معالمها كما يفعل شعب وادي الرافدين اليوم. الشعب العراقي، ومنذ أربعة عشر قرنا، فقد هويته الرافدينية ولبس ثوب البداوة بكل تخلفها وعدم انسانيتها ويتغنى ليل نهار بدين البداوة الذي فرض عليه بحد السيف، وفقدان الهوية هذا أنتج لنا هذا التشرذم الذي نعيش فيه اليوم حيث دين البداوة يحصد بأرواحنا ويدمر معالمنا الحضارية بمعاول التخلف والوحشية التي قل نظيرها في العالم.

متى الخلاص مما نحن فيه يا ورثة حضارة سومر وأكد وبابل وآشور، لقد بلغ السيل الزبى وليس هناك من ضوء في نهاية النفق المظلم الذي نسير فيه. نحن شعب جبار لا يمكن ان يقبل هذا الوضع المزري، وضع ساد فيه الفساد وحكام عينهم المحتل وجعلهم قرقوزات يحركهم بالخيوط التي يمسكونها حكام واشنطن وحكام مملكة الشر الوهابية، وسلاطين العثمنة التركية، وملالي إيران. لقد حان الأوان لهذا الشعب العظيم ان ينتفض ويرجع الى هويته الرافدينية ويرمي بثوب التخلف البدوي ويسير بركب الإنسانية المتطورة ويواكب تطورها، هذا التطور الذي حضارتنا الرافدينية بنت اسسه منذ 7000 عام مضت.

عاش العراق دوما وأبدا سومريا أكديا بابليا آشوريا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here