الخلافات والخوف يعيقان تشكّل جبهة علمانية في كردستان

هستيار قادر

اجتمع بداية شهر نيسان (ابريل) الماضي ممثلو الأطراف الإسلامية الثلاثة في اقليم كردستان (الاتحاد الإسلامي، الجماعة الإسلامية، الحركة الإسلامية) في السليمانية وصادقوا على خارطة الطريق التي أعدوها للتقارب فيما بينهم وبذلك تم وضع الختم الأخير لتلك الأطراف على معاهدة التقارب في ما بينها إلى حد إنشاء جبهة إسلامية.

وهذه هي المرة الأولى التي تخطو فيها الأطراف الثلاثة البارزة للإسلام السياسي باتجاه إنشاء جبهة تبدأ بالعمل المشترك والقائمة الواحدة لتصل الى حد اتحاد أطرافها، وستحدد الانتخابات القادمة الحجم الحقيقي لتلك الأطراف التي تشكل الآن ربع مقاعد برلمان كردستان اذا شاركت فيها بقائمة موحدة.

اليساريون يرون ان الجبهة الإسلامية ستعرِّض فكرة العلمانية في إقليم كردستان التي يؤمنون بها للخطر لذلك يعتبرون مساعدة الاطراف التي تؤمن بحكم العلمانية أمراً مهما.

التقارب بين الأطراف الاسلامية من خشية أطراف الجبهة اليسارية في اقليم كردستان والتي لا تؤمن بالحكم الديني وتعمل على النظام العلماني لإبعاد الدين عن السلطة زاد بشكل كبير مؤخرا، ولن يكون إنشاء جبهة يسارية في مقابل الجبهة الإسلامية في اقليم كردستان أمراً سهلاً وان كانت الاطراف اليسارية تتمتع بتجربة العمل المشترك.

ويرى محسن كريم عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي الكردستاني أن إنشاء جبهة اسلامية ستشكل خطرا على اليساريين، إلا انه يرى الاجابة عن سؤال إنشاء جبهة يسارية في الاقليم أمراً صعبا باعتبار وجود خلافات بين الاطراف اليسارية واختلاف وجهات نظرهم حول الكثير من المسائل، حسب قوله.

وقال كريم لـ”نقاش”: حول ذلك “نحن كأطراف يسارية لدينا خلافات واختلافات لا يمكن إخفاؤها عن طريق إنشاء جبهة يسارية”.

وتعتبر العلاقات مع الاحزاب القوية وطريقة الحكم والتعامل مع الملفات الساخنة من ابرز نقاط الخلاف بين الأطراف اليسارية.

ويعد كل من الحزب الشيوعي الكردستاني والحزب الشيوعي العمالي وحزب كادحي كردستان من ابرز القوى اليسارية التي يجمعها عمل مشترك، إذ شكلت هذه القوى خلال الانتخابات الاخيرة لبرلمان كردستان قائمة (الحرية) التي حصلت على مقعد واحد من مجموع مقاعد برلمان كردستان البالغ عددها (111) مقعدا.

ولم يتجاوز التقارب بين اليساريين في السابق التحالف الانتخابي وتشكيل لجان عمل مشتركة ومن المحتمل انتهاء ذلك الآن أيضاً.

هيوا سيد سليم عضو الهيئة العاملة لحزب كادحي كردستان على انه كان لابد للقوى اليسارية ان تتعامل بمسؤولية مع الوضع قبل إنشاء الجبهة الاسلامية في اقليم كردستان حيث لم يكونوا كذلك وهم الآن متفرقون حسب قوله.

وقال سليم لـ”نقاش”: انه “عندما انشأ اليساريون عام 1992 لجان عمل مشتركة لم تكن بعض القوى الاسلامية الحالية موجودة لذلك يجب أن يفكر اليساريون في وضعهم لان انشاء الجبهة الإسلامية سيكون على حساب الجبهة اليسارية”.

من ابرز ما قامت به القوى اليسارية خلال الأعوام الماضية تشكيل الهيئة الاحتجاجية الشعبية التي كانت تعمل على قيادة التظاهرات ولاسيما في حدود مدينة السليمانية.

يضيف سليم: “عندما انتهت الانتخابات لم تتمكن الأطراف اليسارية التي كانت ضمن قائمة الحرية من الاستمرار في الامر وعدنا الى منازلنا وادرنا ظهرنا للعمل المشترك فيما قسمتنا الصراعات والانقسامات الحزبية”.

تاريخ القوى اليسارية كمبدأ جماهيري في إقليم كردستان يعود إلى عام 1991 عندما تم تشكيل مجلس الشورى بعد الانتفاضة الجماهيرية والذي كان يعتمد تجربة الانتخاب المباشر لاختيار ممثليهم في المدن وقد كانوا يقودون الاحتجاجات الجماهيرية، الا ان دور المجلس سرعان ما انتهى بسبب ضغوطات الأطراف السياسية القوية الاخرى.

ويرى عثمان زنداني عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني انه اذا كان تشكيل الجبهة على أساس النقاط المشتركة بين الأطراف الاسلامية فهو امر طبيعي، ولكنه يشدد على ضرورة العمل على انشاء جبهة يسارية بحيث لا تكون رد فعل لإنشاء الجبهة الاسلامية.

يقول زنداني لـ”نقاش”: انه “في حال عملت القوى اليسارية كالسابق وكانت لها أعمال مشتركة فقط ومن حين لآخر فسيقل تأثيرها على المجتمع وسيكون تشكيل القوائم المشتركة للانتخابات القادمة من الاحتمالات الواردة”.

انشأت القوى اليسارية في عام 2014 مركز العلمانية لتنظيم حملة ضد كتابة مسودة دستور اقليم كردستان على اساس الاسلام وقد جمعوا حوالي 100 ألف توقيع من اجل علمنته،ولكن انشاء الجبهة الإسلامية في اقليم كردستان شكل خطرا على فكرة العلمانية التي يسعى إليها اليساريون.

بختيار مصطفى منسق مركز سيكولار في كردستان قال إن “إنشاء الجبهة الإسلامية ستشكل خطرا على فكرة العلمانية وانهم لا يريدون العودة الى ظل نظام علماني إلا أن الأنانية الموجودة عند الأطراف السياسية في إقليم كردستان شملت الأطراف اليسارية أيضا من اجل تشكيل جبهة واحدة”.

وأضاف: “المشكلة هي أن كل طرف يرى انه الأجدر بقيادة الجبهة، ويتوجب على اليساريين ان يجمعوا معهم الاطراف التي تؤمن بنظام علماني ضمن جبهة واحدة”.

لم يستطع اليساريون في الماضي الاعتماد على القوى الأخرى المحسوبة على الجبهة العلمانية ولاسيما الحزبان الحاكمان لاعتقادهم بأنهما يعملان على كسب ود الإسلاميين، وحول ذلك يقول منسق مركز سيكولار في كردستان: “مع الاسف لقد عرفت بعض تلك القوى نفسها اثناء مناقشة مشروع دستور اقليم كردستان في البرلمان على انها علمانية في حين لم تكن تؤيد ذلك النظام بل كانت تتعامل مع القوى الإسلامية على حساب العلمانية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here