حين يتكلم الموت ويستمع الجسد

قيس النجم

عام ثالث على الأبواب، ومصاريع النصر تفتح أقفالها، بعد أن إستباح الظلام والتكفير مدننا الآمنة، ففي (العاشر من حزيران 2014)، عاث الإرهابيون في الأرض الفساد، حين دخلوا على أهلها وهم غافلون، وإستباحوا دماء شباب بعمر الزهور، في مجزرة يندى لها جبين الإنسانية، آلا وهي مجزرة العصر في سبايكر، التي تسبب بها بعض المتآمرين، حيث تباكوا على النظام المقبور، أو ممَنْ حلموا بالمنصب والسلطة، تحت وصاية ولي الأمر والحماية من قبل المتسلطين.

إن العصابات الإجرامية الداعشية، إستطاعت أن ترسم لها صورة مرعبة في إعلامهم الكاذب، حتى أوهمتهم  بأنها إعصار سيجتاح العراق كله، وبغض النظر عن الأسباب، فقد حضرت العناية الإلهية لهذه المحنة، حين صدرت فتوى الجهاد الكفائي، من قبل المرجع الديني الأعلى، السيد علي السيستاني (دامت بركاته) إذ كان الجيش العراقي يعاني ما يعاني، فكانت الفتوى مفتاح الإنتصار، ثم أن الزحف المليوني لأبناء الجنوب والوسط أعلن الولاء لمرجعيته، للدفاع عن الأرض، والعرض، والمقدسات.

رسم أبناء الحشد الشعبي المقدس، لوحة العطاء والفداء لعراقنا الجريح، فإمتزجت دماء العراقيين من كل المكونات، شيعة، وسنة، ومسيحيون ومسلمون، عرباً وكرداً، وشبك، وصائبة، وإيزيدين، وتركمان، فكتبت مدونة الموت أسماء طاهرة، خلدت مع أنصار الحسين، إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، عندئذ تكلم الموت وإستمع الجسد، فهؤلاء الأحرار الواهبون الحياة للباقين، يشعرون بإرتياح كبير، فهم لجموا الأحقاد، ومنحوا أجسادهم لأجل الأرض والعرض، وأثبتوا للعالم أن الفتوى العظيمة باتت وطناً، يسع جميع الطوائف مؤطرة بالأماني الوطنية الصادقة.

إمتلأت صفحات التاريخ بجيل جهادي أسطوري، رغم تراكم الحزن والأسى، لكن أصحاب العقيدة الحسينية، شقوا خطاهم بثقة راسخة، وتوكل مطلق على مَنْ أنعم علينا، بمرجعية النجف الأشراف، التي لولا كلمة سبقت من ربك، لما حصل ما حصل الآن من تحرير، مع وجود  بعض الحشود الحمقاء المنعزلة عن هويتها العراقية، خططت بخبث للنيل من حشد المرجعية المقدس، وتشويه إنتصاراته، لكن هذا الجمع المبارك كان على مستوى الاستجابة، فباع الغالي والنفيس من أجل راية العراق الواحد، وأسقط جميع المؤامرات التي سعت لتقسيمه.

إن إقرار قانون الحشد الشعبي، ما هو إلا نصر أخر، يضاف لإنتصارات القوى الوطنية التي حاربت، وناضلت، وجاهدت في أطار تلبية نداء المرجعية الرشيدة، وهذه الحوزة المقدسة هي مَنْ وحدت الكلمة، ورصت الصفوف لمواجهة الإرهاب والتطرف، لذا باتت المرجعية نهراً لا ينضب من العطاء المستمر، وحتى الآن تمد أرضنا بالوقود الجهادي، لإستمرار زخم الإنتصارات المتحققة في الميدان، كما أمدت أياديها الجزيلة للنازحين، والهاربين من بطش الدواعش، فكانوا نعم السند لأهاليهم في المناطق المحررة، وإنتشرت قوافل المساعدات الطبية والغذائية، التي تتقدمها لافتات وتوصيات مرجعيتنا الرشيدة، معلنة للعالم أجمع أن العراق قد يمرض، لكنه لا يموت أبداً.

ختاماً: ستبقى فتوى الجهاد شعار العصر، ورمز الوئام، والسلام، والتسامح، نعم أنها بحق محطة عظيمة، ستتأملها الأجيال حتى يوم يبعثون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here