الأنسان بين الأمس واليوم

علاء كرم الله

كثير ما يحدث وأنت تسأل أو تستفسرعن أنفجار حدث هنا أو هناك قبل ساعة أو أكثر فتسمع أكثرمن رواية ومن أناس كانو قرب الحدث أو حتى في الحدث نفسه أو من يدعون ذلك ! فهذا يقول الأنفجار كان بسبب سيارة مفخخة وآخر يقول بسبب عبوة مزروعة وثالث يقول الأنفجار حدث بسبب عبوة لاصقة مع مبالغة واضحة بالتأويل  والتهويل مهما كان الحدث صغيرا أم كبيرا والشيء نفسه يحدث عند السؤال عن أعداد الشهداء والجرحى فترى هذا يزيد عشرة والآخر ينقص خمسة وثالث يذكر أرقاما تختلف عما سمعته أصلا وكلها تختلف عما تعرضه الفضائيات من خبر عن الحدث نفسه!. وقد عاش العراقيين أجواء  الكثير من  تلك الأخبارو  الحوادث والروايات  التي جرت بالعراق من بعد سقوط النظام السابق ولحد الان في كافة الأمور السياسية والأقتصادية والأجتماعية والأمنية والعسكرية ، ونتيجة لكثرة الروايات والأخبار التي تحدثت ورويت  عن مجمل ما جرى بالعراق منذ عام 2003 ولحد الآن وتضاربها وتناقض الكثير منها جعلت  غالبية العراقيين لا يصدقون كل ما يسمعون حتى أن البعض بات لا يصدق أي شيء يسمعه!  وهذا بالتالي خلق أجواء من الريبة والشك  وعدم الثقة في أي شيء ومن أي شيء وفي كل شيء ليس بين الشعب والحكومة حسب ! بل أنعكس حتى  بين عموم المواطنين أنفسهم!. نقول أن الأنسان هو الأنسان نفسه منذ خلق الله عز وعلا البشر والحجر وأقام كل هذا الكون العظيم  الى يومنا هذا فهذا الأنسان تتنازعه وتضغط عليه الكثير من الرغبات والطبائع والصفات والغرائز والصراع  بين الخير والشر والصدق والكذب والميل الى هذا الطرف او ذاك!. وفي بلداننا العربية والأسلامية تحديدا يكون التطرف أكثر من ذلك! حيث تتحكم بالشخصية العربية والأسلامية  روح العصبية والمذهبية والدينية والقومية والعشائرية والقبلية والسياسية مهما أدعى صاحبها  بالمثالية والحياد والأستقلالية والتحضر والعلمية  في رأيه فأنه بالتالي  ينحاز الى طرف دون آخر من حيث يدري ويعلم بذلك أم لا!!، ونجد ذلك واضحا عند المؤرخين وكتاب السير ورجالات الدين تحديدا!! ونسأل هنا: هل كل ما نقله المؤرخون  وكتاب التاريخ صحيحا مئة بالمئة ويجب التسليم به؟ رغم أننا نعرف بأن الكثير من الحوادث التاريخية والخطوب التي جرت عبر الأزمان كتبت بأنتقائية ولأغراض سياسية ودينية محضة! وفيها من الدس والتلفيق والزيادة والنقصان الشيء الكثير وكلنا نعرف بأنه حتى النبي العظيم (ص) قد تجاوزوا عليه!! ونقلوا عنه أحاديث  لم يقلها أو يذكرها . فأذا كان هذا الحال حدث مع نبي الأئمة وصاحب رسالتها العظيمة ، فكيف مع بقية الحوادث وسير التاريخ؟، نعم أن هناك الكثيرمن سير التاريخ صحيحة ولا غبار عليها وتمتلك من الأدلة والوثائق والبراهين الشيء الكثير والكبير فلا أحد يستطيع نقضها أو دحضها أو التشكيك فيها ولكن بالمقابل هناك الكثير من سير التاريخ وحوادثه تفتقد الى البراهين والوثائق والأدلة مما يجعلها عرضة للتشكيك وعدم التصديق والقبول حيث أعتمدت في نقلها على السماع !، مثل قال فلان سمعت فلانا يقول عن فلان بانه حدث كذا او كذا…الخ حتى أن الكثير من رجال الدين المتنورين تصدوا لهذه الظاهرة . وكتب التاريخ وسيره مليئة بمثل هذه الروايات التي أعتمدت على النقل شفاها، وكم يأخذني العجب من الكثيرين الذين يتمسكون بذلك!. أقول نحن نعيش اليوم بعراق جديد يمر بمخاض عسير له الكثير من الأعداء في الداخل والخارج ممن يعملون لأجندات خارجية لا تريد الخير لهذا البلد أبدا  بل يعملون على تدمير نسيجه الأجتماعي والديني والقومي والطائفي وتمزيقه وبقائه مشتتا بشتى الأساليب والطرق وتصرف المليارات من الدولارات من أجل ذلك!! . أذا لماذا لا نحاول طي صفحة الماضي والكثير من ذلك الموروث والتاريخ  الديني منه تحديدا على أن نحتفظ به ! ولكن دون الرجوع أليه وتقليب صفحاته! التي تثير الكثير من البغضاء والأحقاد والفرقة بيننا !!. ونؤرخ لكتابة تاريخ جديد للعراق يجتمع فيه قادتنا السياسيين وكل الوطنيين الشرفاء ورجالات الدين على كلمة سواء لبناء عراق جديد يقوم على الأخاء والمحبة والسلام والوحدة ونبذ الفرقة والتفرقة أيا كان شكلها ولنترك جدالنا العقيم : (أنت تقول وأنا أقول، والتي خلقت لنا الكثير من الضغائن والأحقاد) ، أليس ذلك أجدى وأنفع لوطننا وشعبنا ولديننا أن كنا صادقين!.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here