رئيس ديوان الوقف الشيعي والضجة المثارة

بعد ان انتشر مقطع مصور لرئيس ديوان الوقف الشيعي الحالي مجتزأ من حلقة درس دينية كان قد القاها في مناسبات سابقة، ومع هذا الصراع الاعلامي المحموم في العراق تحولت قصة تلك التصريحات الى ملف ازمة اثار حفيظة مكون اساسي واصيل من مكونات الشعب العراقي، مكون يتعرض للقمع والتهميش وهو بامس الحاجة الى تعزيز الثقة بمكانته وسط ابناء شعبه. القصة تكبر يوما بعد آخر وبيانات الاستنكار توالت من مختلف الاطراف المعنية وغير المعنية بالموضوع، عن تلك القضية وما يشابهها من قضايا تتكرر بين الحين والاخر كان اتوقف مع جملة من الملاحظات:

 

– بغض النظر عن دوافع رئيس الديوان او السياق الذي تحدث به فان ما وصل لمكون عراقي اصيل رسالة مسيئة جدا، تم تغذيتها من قبل وسائل الاعلام واصبحت قضية راي عام يصعب تجاهلها باي شكل من الاشكال، مما يتطلب موقفا جادا للمعالجة.

– بعد ما حصل من تطورات من الضروري استقالة او اقالة رئيس ديوان الوقف الشيعي بهدف الحد من اتساع نطاق الازمة، وايضا لكي تكون هذه المحطة مناسبة يتذكرها الرؤساء القادمون قبل ان يضعوا انفسهم في مواقف مشابهة، ان تفاصيل من هذا النوع تتكرر باشكال مختلفة بين الحين والاخر، على المتصدين للشأن العام ان ياخذوا بعين الاعتبار المتغيرات التي تجري حولهم وان لا نكتفي بحسن النية.

– علينا جميعا التعامل بنضج اكبر فيما يخص النصوص المتوارثة التي تنظم العلاقة بين المسلمين وابناء الديانات الاخرى. العناد والتعالي يضعنا جميعا في فوهة المدفع، من المعيب التعامل مع ابناء الوطن من منظور فقهي بحت استند الى رؤية فقهية بشرية كتبت قبل الف عام. المراجعة الشجاعة والجدل الديني قد ياخذ سياقاته العلمية ويتطلب وقتا طويلا لكن على مستوى المؤسسات الرسمية، وبالنسبة للجهات المهمة في الدولة العراقية فان الالتزام بالضوابط الوطنية قضية غير قابلة للاخذ والرد.

– ما يساهم في تعديل الكفة توجيه دعوة عاجلة لشخصيات مسيحية مهمة واستقدامها الى النجف وبغداد ولقائها بالمرجعيات الدينية والسياسية من اجل تعزيز العلاقة الطيبة بين الشيعة والمسيحيين في اطار وطني شامل ايضا.

ان الضجة المثارة من قبل ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المراقبين اضافة الى الشخصيات المهمة في المكون المسيحي سواء كانت بدوافع حسنة او لم تكن كذلك، وسواء كانت القضية تستحق ام لا فهي مناسبة مهمة لمراجعة حقوق الاقليات الاخرى في الدولة العراقية، وضرورة ضبط ايقاع العلاقة من زاوية دينية بين المسلمين وبين الاقليات الاخرى.

 

جمال الخرسان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here