في قرية محررة.. “ماكو حمير للبيع” لهذا السبب

منذ انطلاق عمليات القوات العراقية لاستعادة الجانب الغربي للموصل قبل أكثر من شهرين، انقطعت المياه بالكامل عن قرية الصيرمون المحررة وثلاث قرى أخرى مجاورة بسبب تضرر الشبكة الكهربائية التي كانت تزود محطة التكرير بالكهرباء وسرقة المولد الكهربائي التابع لمحطة التكرير، حسب مختار القرية أحمد فتى أحمد.

وترفع الطفلة مريم التي غطت شعرها بمنديل أزرق سروالها الزهري بينما تتقدم في الماء برفقة والدها الخمسيني المريض، على خطى رفيقتها رقية للوصول إلى جزيرة صغيرة في وسط النهر.

ويوضح غانم سلطان (35 عاما) أن “المياه على الشاطئ (لنهر دجلة) المحاذي للقرية ضحلة، وتلك التي أمام الجزيرة أكثر نظافة نسبيا”.

“ماكو حمير للبيع”

وأصبحت طريق النهر اليوم تعج بالمارة، بشرا… وحيوانات. وقفز سعر الحمار أو الجحش من 200 ألف دينار قبل شهرين إلى 500 ألف اليوم. “وماكو حمير للبيع”، أي لا حمير للبيع، كما يقول حسين محمد إبراهيم (47 عاما)، لأن من لديه دابة في قرية الصيرمون يعتبر اليوم محظوظا.

ويشير إبراهيم بسبابته إلى حمار صغير يشق طريقه صعودا وعلى ظهره قارورتان ضخمتان معبأتان بالمياه وخلفه جحش وحصان ينقلان أحمالا مماثلة.

ولا يعاني سكان الصيرمون والجوار من انقطاع المياه فحسب، بل الكهرباء مقطوعة أيضا والخدمات الأساسية معدومة.

وتكاد هذه القرى أن تكون معزولة عن العالم، تجوبها آليات القوات الحكومية القادمة من خارجها. لكن المنطقة عسكرية ولا يمكن لأي سيارة مدنية أن تعبرها “ولا حتى سيارات المنظمات الإغاثية”، حسب ابراهيم.

وفرضت القوات الحكومية في المناطق المحررة غرب الموصل حظرا على سير السيارات المدنية خشية من المسلحين الانتحاريين والسيارات المفخخة، لذلك، يقوم الجيش في الصيرمون وغيرها من القرى بإيصال مياه الشرب إلى السكان بواسطة صهاريج، ويوزع عليهم مواد غذائية.

ويبلغ عدد أهالي الصيرمون والجوار حوالي 2500 شخص.

حالات تسمم كل يوم

ويقول المختار أحمد إن “مياه النهر ليست صالحة للشرب ولدينا حالات تسمم كل يوم. أما عن حالات الإسهال فحدّث ولا حرج”.

ويرى أن “الحل بسيط”، مناشدا “كل من بإمكانه مساعدتنا أن يفعل، سواء عبر توفير مولد كهرباء لمحطة التكرير أو عبر ربط القرية بمحطة اللزاقة الكهربائية التي تبعد ستة كيلومترات تقريبا”.

ويقول أبو محمد (سبعيني)، وقد بدا عليه التأثر، “حتى قبل ستين عاما، لم تكن حالنا هكذا. لقد عدنا إلى الوراء عشرات السنوات”.

في المخيمات التي تستضيف نازحين في محيط الموصل، الحصول على الماء ليس سهلا أيضا، ولا تكفي قناني المياه الموزعة حاجات النازحين الذين بلغ عددهم أكثر من 400 ألف، أما المياه التي يتم استقدامها بالصهاريج، فلا تخضع لأي تكرير.

في مخيم حمام العليل، أحد أكبر المخيمات في المنطقة، يملأ ياسر أحمد غالون ماء من خزان مشترك.

ويقول رب العائلة البالغ من العمر 37 عاما: “يعطوننا عبوات مياه، لكنها لا تكفينا للشرب وللطبخ، لذلك نستخدم هذه المياه بعد تصفيتها وغليها”.

مع ذلك، لا ينوي ياسر العودة إلى حي المأمون في القسم الغربي من الموصل الذي انسحب منه التنظيم، لأن “الناس فيه يشربون الماء من آبار ملوثة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here