أموال القذافي في جيب عزت الشابندر

سليم الحسني

في العام ١٩٨٣ ترك المعارض العراقي عبد الأمير علوان إيران، ليقيم في سوريا، ويباشر هناك عمله في نشاط معارض مستقل، وكان علوان قد قام بأدوار خطرة في المجال الجهادي، بما في ذلك قيامه بالتفاوض مع مجموعة (قاسملو) الكردية التي اختطفت المجاهدين البطلين الشيخ جميل الربيعي والحاج حسن الساعدي، في المناطق الكردية المحاذية للعراق. وكانت زياراته تجري أحياناً بتكليف مباشر من الراحل الكبير الشيخ محمد مهدي الآصفي طاب ثراه الذي كان يبذل مساعيه المتواصلة لتحرير الشيخ الربيعي والحاج الساعدي. وقد تعرض عبد الأمير علوان في إحدى زياراته لتلك المنطقة الى خطر الاختطاف من قبل عصابات (قاسملو) في فخ نصبوه له قرب المكان المتفق عليه للتفاوض. كما كان له دوره في انقاذ حياة المستشار الإعلامي السابق في وزارة الداخلية إبراهيم العبادي من تلك العصابات، إضافة الى انقاذ حياة عدد من العراقيين من الجماعات الكردية المسلحة التي كانت تسيطر على تلك المناطق.

وجد عبد الأمير علوان، أن عمل المعارضة من إيران محاط بقيود كثيرة، فاختار سوريا حيث يمكن الانفتاح فيها على مختلف الأطراف. وبالفعل استطاع ان يؤسس تشكيلاً جديداً، وان ينسق مع أطراف المعارضة ويسجل حضوره في الساحة.

في عام ١٩٨٤ اضطر عزت الشابندر الى الهرب من إيران بسبب ملاحقته قانونياً، وراح يبحث عن طرف ينظوي تحت لوائه، وقد وجد في حزب الدعوة سوراً مغلقاً بوجهه لمعرفتهم بشخصيته المتقلبة وعدم الوثوق به وبمواقفه.

استغل عزت الشابندر علاقته السابقة مع عبد الأمير علوان، فانتمى الى تشكيله الجديد، وكان هذا الانتماء مجرد محطة عبور لمستقبله الشخصي. وكان علوان قد اقام علاقاته مثل بقية أطراف المعارضة مع رئيس جهاز المخابرات السورية (أبو وائل) المسؤول الأول عن الملف العراقي وذلك قبل سفره من ايران، حيث حمل رسالة توصية اليه من السفير السوري في طهران (الفريق إبراهيم يونس) الصديق الشخصي للرئيس الراحل حافظ الأسد. فاستغل عزت الشابندر ذلك، وبذل كل جهوده لإقناع عبد الأمير علوان باصطحابه معه للقاء (أبو وائل) وبعد عدة لقاءات نسج الشابندر شبكة علاقاته من وراء ظهر رفيقه الذي قدم له هذه الخدمة بدافع العمل المعارض.

اكتشف عبد الأمير علوان أن عزت الشابندر لا يمكن الوثوق به، وأنه خلافاً لما يظهره في كلامه وحواراته مع رجال المعارضة، فأن له شخصية ثانية غاطسة في أعماقه، فبدأ بتجميع الوثائق عنه ورصد تحركاته، بينما يظن عزت الشابندر انه يخدع عبد الأمير علوان.

من خلال العلاقات المخابراتية، حصل عزت الشابندر ومع عدة اشخاص على عرض لزيارة ليبيا ولقاء العقيد القذافي (ربما أتحدث عنهم في وقت آخر). وحين فاتح الشابندر عبد الأمير علوان بالانضمام الى الوفد، رفض بشدة، معتبراً ان العلاقة مع القذافي محاطة بالشبهات والمحاذير، خلافاً لما تقدمه الحكومة السورية للمعارضة العراقية من دعم وتسهيلات ضد نظام صدام، أما القذافي فهو رجل يشتري الرجال لصالحه ويوظفهم لأعماله المخابراتية.

بعد عودة المجموعة من ليبيا، كانوا يحملون حوالة مالية بقيمة (مليون ومائتي ألف دولار أميركي) يجري استلامها من أحد البنوك الدولية في بيروت.

انتشر الخبر في أوساط المعارضة العراقية، لذلك حين توجهوا الى بيروت وتعرضت سيارتهم الى حدث مروري، فأصيب (عزت) بكسور في ساقيه، اطلق العراقيون مزحتهم أن هذا ما يصنعه المال الحرام بأصحابه.

بعد استلام المبلغ الكبير آنذاك، دب الخلاف فيما بينهم حول الحصص، وكان عزت يريد أن يضمن لنفسه الحصة الأكبر، فتم تقسيم الغنيمة على خلاف حاد بينهم، ولكن عزت حقق ما أراد. وبذلك استطاع أن يتخذ من ذلك المال نقطة انطلاق لشراء بعض الأفراد ورشوة بعض رجال المخابرات السورية، وكذلك المتاجرة في الممنوعات مثل تهريب الذهب والدولارات والجوازات المسروقة من لبنان.

كانت مشكلة عزت الشابندر التي تثير قلقه، وجود عبد الأمير علوان الذي يعرف عنه الكثير، ويحتفظ بالكثير من الوثائق ضده. فلجأ الشابندر الى إغراء شابين عراقيين بمبلغ مالي، على أن يقوما باقتحام شقة علوان في دمشق في فترة خروجه منها، والحصول على الوثائق.

شعر أحد الشابين بتأنيب الضمير، فقد كان عبد الأمير علوان قد وفر له الخدمات من قبل، فأخبره بعملية السطو وموعدها، مما جعله ينصب كميناً للشخص الآخر حيث تظاهر بأنه خارج الشقة، وحين دخل اليها العميل المأجور وراح يفتش عن الوثائق، فاجأه عبد الأمير علوان، فاعترف بأنه مدفوع من عزت الشابندر مما تسبب بفضيحة إضافية لفضائحه الكثيرة.

للحديث بقية

لإستلام مقالاتي على قناة تليغرام اضغط على الرابط التالي: https://telegram.me/saleemalhasani

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here