معوقات العملية التشريعية في العراق

مسلم الشافعي

التغير السياسي الذي شهده العراق عام 2003، فتح الباب على مصراعيه أمام مجموعة من المعوقات والتحديات، جاعلا من مجلس النواب العراقي ودوره التشريعي على المحك، من خلال هذه التحديات والصراعات والمعوقات، علينا أن نطرح عددا من التساؤلات ذات الصلة بماضي وحاضر هذه التشريعات العراقية الراهنة وما هو سبب إخفاقها في بعض القوانين وتأخير تقريرها.

 

ومن تلك التساؤلات : هل المعوقات التي تشهدها العملية التشريعية حاليا في العراق،تكمن في العقبات الموجودة اصلا في التشريعات ما قبل سقوط النظام عام 2003؟ أم أن تقصير مجلس النواب،وعدم التفاته إلى آثار تلك التشريعات وبقائها دون علاج بصورة متدرجة ومتكررة وحسب ألأولوية، هو السبب في تنامي تلك المعوقات؟ أو أن التعددية السياسية أو التوافقات السياسية أصبحت العامل الأكبر في تدني مستوى الناتج التشريعي كما ونوعا ؟

 

العراق لم يكن بعيدا عن معوقات التشريع السليم والتحديات، نتيجة الصراعات السياسية، والاحزاب التي هيمنت كل الهيمنة على العملية السياسية، وجعلتها تتحكم بها وكأنها وفق رغبات شخصية وطموحات، اما توافق على اقرارها القوانين التي تتحق مصالحهم الشخصية، وإذا وجدت أن تلك القوانين لم تتدخل ضمن خزائنهم الشخصية، رفعوا أصواتهم ونددوا بأنها ليس في وقتها، وعرقلوا سير تلك القوانين، وحتى وان كانت تلك القوانين والتشريعات تحقق مصالح الشعب.

           

أن أمعان النظر في العملية التشريعية العراقية ما بعد 2003، يتضح أنها تعاني من البطأ في حسم قوانين مركزية في استقرار العراق، ومستقبله على الصعيد السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي كافة،وغيره من القوانين التي بقت إلى وقتنا الحاضر، لم تقر من قبل مجلس النواب العراقي،  وهذا ما أدى إلى عدم أقرار هذه القوانين .

 

 من المهم إن عدم سير القوانين وعرقلتها، يكمن عادة في غياب سياسية تشريعية مستقرة، لم تكن وفق منهاج منطقي وواقعي يتناسب والتحديات التي يواجهها العراق،فمجلس النواب العراقي تصدى ” من الناحية التشريعية ” لقضايا وان كانت لأول مرة، إلا أنها لم تكن أهم من غيرها، وهناك قوانين تضمن حقوق الشعب العراقي اغفل عنها مجلس النواب العراقي، إضافة إلى ذلك لاحظنا تركيز مجلس النواب على طلبات الجمهور، ومتابعتها، وتلبيتها، وهذا كله من أجل الدعاية الانتخابية المزورة وفق نفوسهم ورغباتهم الشخصية، وقت الانتخابات كل واحد منهم ظهر برنامجه الانتخابي، كلها مواعيد مغرية، أهم بكثير من دورهم التشريعي، وإصدار القوانين المعطلة التي تخدم أبنائه وشعبه .

 

إضافة إلى ذلك ضعف خبرة أعضاء مجلس النواب في صياغة مقترحات القوانين،وهذا يؤثر سلبا على تشريع تلك القوانين، وهذا ما يزيد الأمر تعقيدا، وبالتالي عدم صياغة تلك القوانين بحرفية ودقة عالية، ويضع النواب في مواقف محرجة من خلال طرح قوانين غير مصاغة بصورة صحيحة، إضافة لعدم دراسة مسبباتها جيدا.

 

ارتفاع نسبة تغيب مجلس النواب عن جلسات المجلس، وان التغيب يؤثر على الإدارة التشريعية، وهذا مخالف للقانون، ولو شاهدنا تغيب أعضاء مجلس النواب العراقي بصورة متكررة،ولم يتم محاسبتهم، أو أتخاذ أجراءات بحقهم، مما يجعل اطلاع أعضاء مجلس النواب على تلك التشريعات ضعيفة جدا، ويمثل في نفس الوقت إخفاقا إدارة العملية التشريعية .

         

تلاحظون في الآونة الأخيرة بالنسبة لأعضاء مجلس النواب انشغالهم بتبادل ملفات الفساد، وهذا بالتأكيد تعتبر مرحلة تهدد كيان مجلس النواب العراقي، وبالتالي يكون مصدرا للتشكيك بنواب المجلس وعدم قدرتهم على أداء العملية التشريعية بنجاح، ويكون عملية سير القوانين بطيئة ولا تصل إلى النتيجة المحمودة، من خلال ألتسقيط فيما بينهم .

 

 

يجب على مجلس النواب العراقي استخدام التقنية التشريعية، في صياغة النصوص، مع مراعاة الآليات والضوابط  في إعداد مشروعات القوانين، وكذلك دراسة القوانين بدقة من اجل اكتساب الخبرة الوافية في تشريعها ، وكذلك الابتعاد عن الغرائز والمصالح الشخصية، وإصدار القوانين التي تخدم الشعب العراقي وتضمن حقوقهم، ويحاسب كل من ثبت إدانته بملفات الفساد لاينال الجزاء القانوني بحقه. وبهذا نستطيع ان نبني عراق، مزدهر، ومستقر،يضمن للشعب العراقي الحقوق والواجبات .  

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here