هل تتراجع امریكا عن قرارها بتزوید الاتحاد الدیموقراطی السلاح بتنازلات اردوغان

عماد علي

يبدو ان اردوغان اليوم الثلاثاء يريد ان ينجح في اقناع ترامب على التراجع في تزويد ( په يه ده ) بالاسلحه‌ الثقيلة بكل السبل و باي ثمن كان قبل اي هدف اخر، مهما اعدوا غير ذلك من الاهداف التي عدوها، و لكن القرار الامريكي اخذ وضعه النهائي و استبقته الادارة الامريكية في حسم موقفها من هذه المسالة قبل لقاء اردوغان – ترامب، و وقعها ترامب بشكله النهائي و بصيغته المعلنة . و هذا ما يؤكد ان قرار التراجع الذي يمكن ان يصر عليه اردوغان لاخر ما يتمكن يبدو مستحيلا وفق ما هو المعروف عنه من الية اتخاذ القرارات الامريكية و كيفية اقرارها و مرورها عبر سلسلة من المحطات المختلفة الى ان تتخذ شكلها النهائي و عبر مؤسسات لا يمكن ان يدخل في عرقلة قراراتهم الامور الشخصية او الضغوطات بعيدا عن المصالح التي تعتبر هي العامل الاول و الوحيد دون اي منازع . و هذا القرار الاخير من القرارات المهمة الاستراتيجية التي لا يمكن ان ياخذ وضعه النهائي الا بدراسة معمقة كما هو المعروف عن امريكاو سياساته و قراراتها سابقا .

هذه من ناحية ممرات اتخااذ القرار و آليته و الاسباب الموجبة, و من ثم ما يمكن ان يقع و ما وراءه من النظر الى افرزاته او تاثيراته المحتملة على مجموعة من ما يمس القرار و جوانبه المتعددة، كما هو الحال من تحليل موقف الاصدقاء و المتحالفين مع امريكا و كيفية تعاملهم مع ما يُقر و موقف كل له علاقة به، و هنا يمكن ان نؤكد على ان امريكا لم تقر القرار الا بعد دراسة معمقة لاحتمالات موقف تركيا اولا و ما لديها من الحساسية ازاء الاتحاد الديموقراطي من جهة و ما يمكن ان تفكر بروسيا بعد هذه الخطوة الامريكية الاستراتيجية ثانيا، و التي بانت موقف روسيا اليوم من تصريح بوتين من انه من الضروري التعامل مع التشكيلات الكوردية السورية دون تزويدها بالسلاح، و يعتبر تعليقا واضحا و يمكن ان يعتبر معتدلا شيئا ما بعد التقارب التركي الروسي على قرار امريكا بهذا الشان. اما من الناحية الاخرى و هي الاهم في بناء الارضية و تعجين المادة التي يتم بواسطتها ما يتمخض عنها من القرارات، هو النظرة الامريكية الاستراتيجية الى المنطقة و موقف الدول الكبرى منها, و ما يهمها هو بقاء ايدي امريكا متسلطة في نهاية ما يبرز في نهاية تفاعل المعادلات المحتسبة لتلك القرارات الاستراتجية من مثيل تزويد الاسلحة للجهات و التشكيلات من غير الدول الذي يعتبر من الاسبقيات التي لم نر من مثله علنا من قبل الا قليلا .

و نحن نعلم ان القرارات ليست شخصية او يمكن ان تتغير بشكل جذري او ترد من قبل الفرد مهما كان موقعه في السلطة الامريكية، و ربما يمكن توقع الاتفاق على ما يلمس القرار دون التاثير على الجوهر وفق تعمل عليه المأسسة الامريكية التي لها اليد العليا في الاقتراح و دفع القرارات عبر الممرات و ما يدفعها في النهاية هو المصلحة الامريكية قبل اي شيء اخر .

و عليه لم يبق امام اردوغان ان يضغط بما يمكن ان يؤثر على المصالح الامريكية فقط، و هو يعلم بانه الطريق الوحيد لنجاح مهامه، و عندما نفتش عن موضوع او زاوية معينة يمكن لاردوغان ان يفعل ما بوده، لم نجد في احسن الاحوال الا ان يقنع ترامب التريث قليلا و ليس نهائيا، و هذا كاكبر احتمال ممكن، و هذا ايضا يمكن ان يكون بعيدا لمثل هذا القرار في ظل الظروف الانية للمنطقة، نظرا لما تتطلب المعركة ضد داعش انهاء الامر و الاخذ بمبادرة اعادة ترتيب المنطقة كما ينبري ترامب التاكيد عليه و ياخذ الامر بجدية و حماس اكبر من ما سبقه اوباما في التعامل مع هذه المنطقة طوال اعوام حكمه لامريكا، و كما كان وفق ما يؤمن به الحزب الديموقراطي الامريكي و سياساته اللينة . و حتما ولاسباب استراتيجية تبحثها بشكل علمي دقيق مراكز القرار الكبيرة المهمة التي لا يمكن لامريكا ان تتخذ ما تريد دون ان يكون لهؤلاء الراي الاستشاري او المخابراتي الحاسم . اما الاهم فيما يمكن ان نتخذه عاملا في امكانية اقتناع ترامب من عدمه، هو ما يدخل القرار في شانه التغيير في موازين القوى مع الدول المهتمة بهذه المنطقة و ما موجود من الصراعات الخفية وفق ما يهمهم سياسيا اقتصاديا في المدى البعيد . اننا نرى ما يجري من الاجتماعات الكبيرة لدول و تجمعات و ما تجري من دراسات و بحوث حول الطرق التي يتم فيها التعامل مع مايفيد كل طرف في السياسات العالمية الحديثة، من من مثيل اعادة بناء طريق الحرير و تجمع الاسيا الوسطى اضافة الى تكتلات متشعبة كثيرة في اركان العالم, و ما يدفع الى تعددية الاقطاب التي يفرضه الصراع العالمي و الوضع الجديد، فانه امر في غاية من التعقيد و يمكن ان يحسب لهذه القرارات من مثيل تزويد الاتحاد الديموقراطي بالسلا من زاوية تلكة الصراعات العاملةي و الماطق الحساسة و مراكز القوى التي تركز في تلك المناطق دون غيرها, وهذا يكون ضمن ما تفرضه الاستراتيجية الامريكية في هذا الشان ايضا .

اما ما لدى اردوغان للضغط على ترامب او امريكا لتراجعها، يس الا لاقدر اليسير من ما بقى من اهمية بلاده لحد الان في المنطقة، فانه ربما يمكنه ان يوعد بتعاون من اجل محاربة الارهاب و ليس له مصداقية في ذلك ايضا، نظرا لمواقفه المتناقضة سابقا في هذا الامر ايضا، اضافة الى المصالح الامريكية في بيان موقفه من روسيا و لعبه على الحبل الروسي و ترجحه بين هذا و ذاك و تغيير لونه كالحرباء من اجل تمرير ما يهمه فقط، على الرغم من تضليله في هذا ايضا، و هذا ما تعرفه امريكا قبل غيرها من خلال دراسة اردوغان شخصيا و ما فعله بسياساته الداخلية و الخارجية السابقة و ما اقدم عليه في جوانب عديدة لم يكن تركيا على هذا المنوال منذ تاسيس دولتها العلمانية بعد انهيار الامبراطورية العثمانية .

اي ما هو الواضح و الارجح لدى الجميع هو؛ عدم امكان اردوغان من اقناع ترامب على مراجعة او اعادة النظر في قرار التسليح، و عليه، و ربما من اجل ان لا يدفع امره الى مكان المعاكس لما تريد امريكا من ان تبقى فيه، ربما اقول ربما و في احسن حال ان يوعدوه بضمان امن دولته في كل الظروف في حال تزود الاتحاد الديموقراطي بالسلاح و منعهم من استخدامه بعد تحرير الرقة في احسن الاحتمالات ورودا لدى اردوغان . و الايام القاادمة تدلنا على ان المعادلات السياسية العسكرية في المنطقة تتغير بعدما انكبت ادارة ترامب بشكل جدي في امور تفصيلية كثيرة في المنطقة، و ما رافقت تحركات ادارته الغوص في امور تهم حتى المستقبل البعيد للمنطقة، و نلمس هذه الايام الاعتكاف السياسي العسكري على اتخاذ خطوات لاعادة التنظيم و ترتيب حتى البيت الداخلي لدول عديدة و في مقدمتها العراق و من ثم لاحقا سوريا، و التعامل مع دول على عكس ما كان اوباما سائرا عليه تماما .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here