صموئيل بيكيت بقي كاتبا أيرلنديا و ليس كاثولكيا أو بروستانتىيا

صموئيل بيكيت بقي كاتبا أيرلنديا و ليس كاثولكيا أو بروستانتىيا

استمرت الصراعات الطائفية في ايرلندة لسنوات طويلة ، و ذلك ضمن تخندقات و اصطفافات حادة ، حيث وجد عديد من كتاب أيرلنديين أنفسهم غير منتمين ، بل و غرباء بين الخندقين المذهبيين المتصارعين دمويا ، فرفضوا الانحياز الضيق لإحدى الطوائف ، بحكم تساميهم على الطائفية والانحياز المذهبي ، وهم كانوا أصلا مدفوعين بهواجسهم الإبداعية ذات الانتماء العريض للإنسانية جمعاء ، وفوق التخندق الطائفي أو المذهبي أو الديني ، ناهيك عن القومي ..
فغادر الروائي المجدد وصاحب الرواية الشهيرة ” يولسيس ” جيمس جويس إلى الولايات المتحدة ، بينما غادر الروائي و الكاتب المسرحي و صاحب مسرحية ” في انتظار غودو ” الشهيرة ، و الحاصل على جائزة نوبل للأداب صمائيل بيكيت إلى باريس هربا من ذلك الوجه الطائفي الخانق و المقرف و المقيت ..
فالكاتب المبدع الحقيقي لا يمكن أن ينحاز دينيا أو مذهبيا أو حتى قوميا ضمن انتماء ضيق لفئة من الناس ضد فئة آخرى ، وأن كان ذلك لا يعني السكوت عن الظلم و الاعتداء الإجرامي بحق الآخرين ورفع الصوت استنكارا و إدانة .
لذا فكان من الطبيعي أن يحصل صموئيل بيكيت على جائزة نوبل للأداب ، بحكم كونه كاتبا عالميا ومن حيث أن أعماله الإبداعية تناولت محنة الوجود الإنساني بكل شمولية و اتساع عالميين تشمل البشرية جمعاء وليست طائفة ايرلندية معينة !!..
هذا دون أن نتحدث عن الكتّاب و الشعراء اللبنانيين أبان الحرب الأهلية اللبنانية الذين تساموا هم أيضا على الانحيازات االطائفية فتمسكوا بهويتهم الوطنية اللبنانية بديلا عن الهوية الطائفية الضيقة والمقيتة ..
أما ” الكويتبيين ” الصغار من ذوي الأفق المقعر و المجوّف والمخيلة المثقلة بالخزعبلات و الخرافات ( ممن أفرزتهم بل وتقيأتهم ماكنة التقنية الإعلامية الإلكترونية الحالية ــ مثلما كل من هب و دب ــ أن يشخطوا و يصبحوا ” كتّابا ” ؟!!) فليس من عجب أن يصبحوا ــ بكل سهولة وبساطة ــ طائفيين بل و متخندقين طائفيا ، وفوق ذلك إن يطالبوا الأخرين أن يصبحوا مثلهم كذلك ليصطفوا معهم في حروبهم الإعلامية البائسة والمثيرة للملل والضجر والقرف
بسبب كثرة و شدة التكرار و الإعادة ، وضمن نفس العناوين و المعاني و الكلمات !!..
ناهيك عن جدب وفقر المخيلة القاحلة لديهم .

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here