آراء في زمن المحظور !

آراء في زمن المحظور !

ان تبدي رأياً أو تنتقد اداء اي سياسي في زمننا هذا خاصة في الشرق الاوسط تعتبر مصيبة تصيب صاحبها كالصاعقة ، ليس من السياسي نفسه ولكن من المتملقين والانتهازيين اللذين يحيطون به وتتهم بالخيانة لتصل احياناً الى الخيانة العظمى حيث تشعر لو كان هؤلاء المتملقين بالقرب منك قد يعدموك بدم بارد .

لقد اصبحت المساحات واسعة لابداء الرأي منها مثلاً مواقع التواصل الاجتماعي او الصحف الالكترونية بالتعليق على الاخبار او المقالات او المواضيع التي تنشر في الفيس بوك وتعتقد انه يمكنك ان تبدي رأيك بحرية الى ان تجد من يراقب ما تكتبه ويبدأ بالتضييق عليك محاولاً ان يظهر انه على حق وانت تعاني من حالة الضياع وبيع الاوطان وانت بعيد عن دينك ومذهبك وقوميتك .

حالة من الفوضى والترصد والهجوم الغير مبرر من قبل هؤلاء المتملقين والانتهازيين اللذين يصفقون ويرقصون في كل زمان ومكان متلونين بشتى الالوان ، مع الدكتاتور ومع المعارضة ومع من يدفع المال وحتى مع الشيطان .

هذا لايعني ان السياسي غير مسؤول عن افعال هؤلاء المشعوذين اللذين حولة يصفقون ويدافعون عنه بغير حق وكانه اله لايمكن ان يمس بكلمة ولا يجب محاسبته ولايمكن ان يتحدث الاخرون عن سلبياته العلنية التي لاتحتاج الى التعمق والتفحص في خبايا الامور لانها ظاهرة للعيان .

لقد اصبحت الحالة وكأن هنالك رجال امن ومخابرات في هذه المواقع الالكترونية وتشعر ان عصا الديكتاتور ظاهرة للعيان وانت تتصفحها وتحاول ان تجد ما قد يفيدك او تحاول ان تكتب ما يجول بخاطرك .

هنالك ظاهرة في الفيس بوك جلبت نظري حيث ان البعض ممن كانوا ينتقدون هذا الحزب او ذاك او هذا السياسي او ذاك بدأوا يعلنون ويكتبون على صفحاتهم الخاصة بانه لايريدون ان يكتبوا خوفاً على انفسهم وعوائلهم .

في البداية تصورت انها مزحة عابرة ولكن للاسف الشديد لم اجد لديهم ذلك النشاط السابق بأبداء الرأي والحوار والمناقشة بعد ذلك بل اكتفوا ببعض الكلمات التي يمكن ان تفهم منها ان الخوف مستمر وفي نفس الوقت تشعر ان صمتهم يدمرهم وسكوتهم ينهيهم .

الظاهر في الموضوع ان كتابة التقارير التي كانت منتشرة في زمن النظام السابق مستمرة الى يومنا هذا واصبحت ظاهرة ينتفع منها هؤلاء ومن الممكن انهم توارثوها من ابائهم او اخوانهم الاكبر سناً منهم .

والمفارقة ان هؤلاء الانتهازيين والمتملقين المنتمين لهذه الاحزاب يكتبون ويهتفون بالديمقراطية وحرية الرأي والمساواة والعدل وبناء الوطن وحب الاخر وينشرون الامثال والحكم والعبارات الرنانة .

اذن لماذا تتم مصادرة حق ابداء الرأي بأسم الديمقراطية ؟؟

المشكلة تكمن في ان جميع هؤلاء تشبعوا بافكار الحاكم المستبد والحزب الواحد والظلم والقهر حاملين شعار ان لم تكن معي بالكامل فأنت ضدي .

اصبح لدينا ديكتاتوريات على مستوى الفرد المستبد ( المواطن العادي ) الذي لايمكن ان تخالفه في الرأي مهما فعل ، الذي لايمكن ان تظهر سلبياته وسلبيات الحزب الذي ينتمي اليه ، واصبحت الاحزاب فيها امثال هؤلاء والكل فرح بما لديه والوطن في خبر كان .

بقلم
جلال باقر
‎2017-‎05-‎21

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here