عقدة الموصل القديمة تهدِّد بإقالة قائد الشرطة الاتحادية وبعض ضبّاطه

بغداد/ وائل نعمة

يتوقع أن تطيح معركة الموصل القديمة – التي لم تبدأ بعد – بقيادات أمنية رفيعة في وزارة الداخلية. ومنذ اكثر من شهرين تطوق الشرطة الاتحادية المدينة القديمة، وسط الموصل، دون حسم واضح.وخلال تلك الفترة، خسرت الشرطة عددا من المقاتلين، بينهم قائدان بارزان. في هذه الاثناء أعلن جهاز مكافحة الارهاب، السبت، انتهاء مهامه في ساحل الموصل الايمن. ومن المرجح ان يشترك الجهاز مع قوات وزارة الداخلية، ضمن الخطة العسكرية الخاصة بتحرير وسط الموصل.وضاعفت قوات مكافحة الارهاب عدد الاحياء التي قامت بتحريرها في ساحل الايمن، بسبب إخفاق باقي القوات. وفي وقت مبكر من العمليات العسكرية، كان مسؤولون في الموصل دعوا الى اسناد الشرطة الاتحادية في الموصل بقطعات اخرى.وتوقع مسؤولون محليون ان تواجه قوات وزارة الداخلية مشكلة في خوض حرب شوارع لتحرير المدينة القديمة، قياسا بجهاز مكافحة الارهاب.وكان لزج قطعات من الشرطة الاتحادية، في معركة الساحل الايسر، قبل 4 أشهر، اثر بالغ بتسريع عملية التحرير.وكانت عمليات شرق الموصل آنذاك قد تعثرت على خلفية اندفاع غير محسوب قامت به الفرقة 9/جيش عراقي، للسيطرة على مستشفى السلام.وتضمنت الخطة الجديدة، وقتها، بإشراك 4 آلاف مقاتل من الشرطة الاتحادية، وانتهت بعد اسابيع بتحرير كل الساحل الايسر.بعد ذلك انتقدت اطراف في الموصل الحكومة لأنها استنسخت خطة الساحل الايسر وقامت بتطبيقها في عمليات تحرير الساحل الايمن.ونبهت تلك الاطراف الى ان الطبيعة العمرانية والكثافة السكانية في الساحل الايمن تختلف عنها في شرق الموصل. لكن رغم ذلك، وبحسب مسؤولين، فقد اصرت الحكومة على اعادة انتاج الخطة السابقة.

مأزق الشرطة الاتحادية
وقررت الحكومة اسناد مسؤولية تحرير المدينة القديمة والاحياء المحيطة بها الى الشرطة الاتحادية، والمناطق الاخرى الى جهاز مكافحة الارهاب.ويقول زهير الجبوري، عضو مجلس قضاء الموصل لـ(المدى) امس، “كان ضمن الخطة ان تساند تلك القوات، افواج من الشرطة المحلية والفرقة التاسعة المدرعة بالجيش العراقي”.وبدأت معركة تحرير الموصل، في تشرين الاول الماضي، بهجوم مجموعة اللواء معن السعدي، على محور (الجوسق)، الواقع في شرق الساحل الايمن والمحاذي لنهر دجلة.والساعدي، هو قائد العمليات الخاصة الثانية التابعة لقوات جهاز مكافحة الإرهاب في العراق.ونفذ الجهاز، مهمة اخرى في مناطق غرب الموصل، بقيادة مجموعة الفريق عبدالوهاب الساعدي. وبين هاتين المهمتين، كانت قوات الشرطة الاتحادية، بقيادة الفريق شاكر جودت قد نفذت هجوم باب الطوب في المدينة القديمة، لكنها ما زالت هناك منذ آذار الماضي.ويؤكد مصدر مطلع في نينوى ان الحكومة قررت إقالة قائد الفرقة السادسة في الشرطة الاتحادية اللواء حيدر المطوري. والاخير، كان قائدا للواء الخامس في الحشد الشعبي التابع لمنظمة بدر، التي ينتمي اليها وزير الداخلية قاسم الاعرجي.ويقول المصدر، الذي تحدث لـ(المدى) مشترطا عدم ذكر اسمه، ان “تسريبات وصلتنا من الاعرجي نفسه، بانه موافق على اقالة المطوري”. واضاف المصدر ان “وزير الداخلية يسعى الى اقالة قائد الفرقة الخامسة في الشرطة الاتحادية، تمهيدا لإقالة قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد جودت”.وتشترك الفرقتان (5 و6) بالشرطة الاتحادية، في عملية تحرير الموصل القديمة.ويعزو المصدر قرار الاقالة الى “حدوث خسائر في صفوف المقاتلين، بينهم ضابطان كبيران الاول برتبة آمر لواء، والثاني برتبة آمر فوج في الشرطة الاتحادية”.وكان وزير الداخلية، قد نعى نهاية نيسان الماضي، آمر اللواء 18 من الشرطة الاتحادية العقيد الركن خضر وادي عبد المهدي، احد ضباط الفرقة الخامسة التي يقودها الفريق الركن علي اللامي.وقتل العقيد عبدالمهدي في معارك الشرطة الاتحادية ضد تنظيم “داعش” في ساحل الموصل الايمن.وكانت انباء قد تحدثت سابقا، عن تجميد اللامي، وعدم السماح له بالعمل، على خلفية الحادث الذي اودى بحياة الضابط.

استراحة قصيرة
بدوره قال عبدالرحمن الوكاع، عضو مجلس محافظة نينوى، لـ(المدى) امس، ان “مكافحة الارهاب لن يأخذ اجازة”، متوقعا ان تشترك القوات مع الشرطة الاتحادية، للخروج من عقدة المدينة القديمة.وتضم الموصل القديمة 8 أحياء، أبرزها باب الطوب، والشعاريين، والفاروق، والسرجخانة، إلا ان بعض هذه الاحياء لايعدو كونه مجرد شوارع صغيرة.وكان مسؤولون في الموصل رجحوا اعتماد الخطة العسكرية لتحرير المدينة القديمة، على الاقتحامات الفردية لقوات النخبة واصطياد المسلحين بالداخل. لكن هذا الاجراء سيتطلب وقتا أطول مما تقدره القيادات الامنية، لاسيما مع توقع ان يزيد داعش من مقاومته بعد إحكام محاصرته.

دراجات مفخخة
ويقول عضو مجلس قضاء الموصل زهير الجبوري ان “داعش يضع الكثير من السيارات والدرجات النارية والعجلات المفخخة في الموصل القديمة”.ويضرب المسؤول المحلي مثلاً على حجم المفخخات التي يملكها التنظيم في الموصل، بالقول “في الاسبوع الاخير فجر داعش 60 دراجة نارية يقودها انتحاريون يرتدون ستراً ناسفة”.كما اشار الى انفجار في الفترة نفسها 28 سيارة ملغمة، 12 منها فقط في حاوي الكنيسة الوقع الى شمال الساحل الايمن.ويتوقع الجبوري، وهو قيادي في فصيل مسلح يرأسه اثيل النجيفي، ان تزداد “شراسة داعش” بالانتقام من الاهالي في المدينة القديمة، كما تمنى لو كانت القيادة العسكرية قد تركت مفراً للمسلحين الى الصحراء.ويرى الجبوري ان “الوقت قد فات الآن، وداعش اصبح محاصراً في المدينة القديمة، وليس امامنا غير حرب استنزاف”.وسيتعين على القوات العراقية، بحسب الضابط السابق، ان تقاتل من زقاق ومن بيت الى آخر، ومحاولة فتح ممرات آمنة لإخراج السكان.واضاف المسؤول المحلي ان “داعش سيستغل وجود السكان هناك، وسيستخدم اي ضربة عسكرية في المدينة ضد القوات العراقية ويتهمهم بانهم يقتلون شعبهم في الموصل”.وببقاء داعش محاصراً في المدينة القديمة، ستقوم السلطات المحلية بتوفير الخدمات للاحياء المحررة في شطر المدينة الغربي. وقدر ممثلون عن نينوى، حجم الدمار في ساحل الموصل الايمن، بأكثر من 70% .وحث وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف، امس الاحد، الوزارات للعمل على عودة الحياة الى المناطق الآمنة في ايمن الموصل لغرض عودة النازحين.ويقول عبدالرحمن الوكاع ان “عدد النازحين فاق الـ600 الف”، لافتا الى ان بلدية الموصل وباقي بلديات نينوى ستطلق “حملة لإعادة الخدمات”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here