كركوك: النفط للديمقراطي والأمن للاتحاد.. وبغداد تتفرج

يدور نزاع سياسي حاد في محافظة كركوك بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، وبينما يعتقد الكرد أن كركوك هي مستقبل حلم الدولة الكردية المنشودة، يستمر عجز القوى السياسية الممثلة للعرب والتركمان هناك، عن تحقيق توازن في النفوذ، ويبقى الوضع على ما هو عليه.

ويرى مراقبون أن الحكومة المركزية في بغداد دورها شبه مغيب في كركوك ولا ينفذ لها قرار مصيري إلا بعد سجالات، ومن أمثلة ذلك عدم السماح بدخول “قوات دجلة” إلى كركوك في عهد المالكي حيث اكتفت كركوك عسكرياً بالفرقة 12 كقوة من الجيش العراقي منتشرة على الأرض.

ويضيف هؤلاء أن مسألة رفع العلم الكردستاني فوق المباني الحكومية في كركوك بموافقة مجلس المحافظة واعتراض بغداد التام، هو دليل آخر على ضعف تأثير الحكومة الاتحادية، فيما ان المكون الكردي له التأثير الأقوى على مفاصل الحكم في المحافظة حيث يشغل ممثلوه المناصب المهمة، مثل منصب المحافظ وأغلب القيادات الأمنية بالإضافة إلى قوات الأمن الكردية (الاسايش) التي تمتلك قيادتين منفصلتين داخل كركوك إحداها تابعة للاتحاد الوطني والأخرى للحزب الديمقراطي الكردستاني، وهما يديران ملف الإرهاب في المحافظة وتم الاعتراف بإجراءاتهما قانونياً عام 2012 كشريك لأجهزة الشرطة في كركوك.

وبالنسبة للوضع الأمني، يقول مراقبون للأوضاع في كركوك ان الاتحاد الوطني يسيطر على أغلب المفاصل الأمنية هناك، بينما يتركز نفوذ الحزب الديمقراطي على حدود كركوك المتاخمة لداعش في قضاء الحويجة وناحية الرشاد وأجزاء من داقوق متمثلا بقوات البيشمركة.

وفيما يتعلق بمسألة النفط فإن الحزب الديمقراطي يسيطر منذ حزيران عام 2014 على حقلي باي حسن وهافانا وبدأ بتصدير النفط من كركوك بشكل مستقل لكنه اتفق مع بغداد في منتصف 2015 على تقاسم الإيرادات، وهذا ما دفع الاتحاد الوطني للسيطرة على حقول “باي حسن” لتخصيص إيرادات نفطية لكركوك بشكل مستقل عن بغداد.

ومن الناحية الإدارية يسيطر الكرد على مجلس محافظة كركوك كونهم يشكلون الأغلبية في قائمة “كركوك المتآخية” بـ 26 مقعدا ، فيما للتركمان 8 مقاعد والعرب لهم 5، وبسيطرة الكرد على مجلس المحافظة فان هذا يتيح لهم تمرير أغلب القرارات التي قد يعترض عليها العرب والتركمان الذين يكتفون عادة بالمقاطعة أوعدم التصويت.

وفيما يخص المكون التركماني في كركوك فهم مقسمون إلى أحزاب وتيارات عدة من أبرزها الجبهة التركمانية التي يترأسها النائب أرشد الصالحي، وهم يشعرون بغبن صارخ من استحواذ الكرد على مقاليد السلطة في كركوك وخاصة بعد خسارتهم منصب رئيس مجلس المحافظة والذي كان يشغله النائب الحالي حسن توران .

ويعد التركمان أكثر المعترضين على السياسة الكردية في كركوك، حيث أنهم يتهمون الكرد بمحاولة تكريد المدينة والتلاعب بديمغرافيتها لصالحهم، كما يزعمون أن كركوك تركمانية ولا يحق للكرد السيطرة عليها بهذا الشكل وسط صمت الحكومة العراقية، بينما دور المكون العربي مهمش رغم أن منصب نائب المحافظ من نصيبهم منذ 2005، ولا يقوى أغلب ساستهم الظهور أمام الأعلام في كثير من الأحيان إلا للمطالبة بإستعادة الحويجة من أيدي تنظيم داعش.

وقد انحسر التمثيل النيابي للعرب في الدورة الحالية للبرلمان العراقي إلى نائبين من أصل عشرة بعد أن كان لهم أربعة في الدورة السابقة، ويعد النائب محمد تميم الذي فاز في انتخابات 2010 من أبرز ممثلي المكون العربي وذلك بسبب جرأة خطابه ضد ضعف بغداد تجاه السياسة الكردية في كركوك كما تهجم على سياسة المالكي تجاه المنتفضين في الحويجة عام 2013.

وكان مجلس محافظة كركوك صوت خلال جلسة عقدها، يوم 28 من آذار 2017، على رفع علم كردستان إلى جانب العلم العراقي في المحافظة.

واعتبر محافظ كركوك نجم الدين كريم حينها أن رفع علم كردستان إلى جانب العلم العراقي في المحافظة جاء وفق الأطر الدستورية والقانونية ولم يكن موجها ضد طرف أو مكون، مشيرا إلى أن رفع علم كردستان في المحافظة لا علاقة له بمصير كركوك السياسي.

من محمد يوسف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here