وردة من سانتا مونيـكا

وردة من سانتا مونيكا
(ذكريات من الماضي البعيد)
بهجت عباس
كان ذلك عام 1962 عندما حصل على زمالة من خدمة التبادل الجامعي الألماني
Deutscher Akademischer Austausch’s Dienst (DAAD) فكانت نقطة التحول في حياته.
فوطئت قدماه أرض ألمانيا أول مرة قبل 48 سنة قادماً من بلد يختلف تماماً . ذهل وأخذه الطرب ، فقد كانت هذه الأمنية تعيش في ذهنه اعواماً طوالاً ، وهو يعرف أن الحياة قصيرة فما يذهب يوم من أيام الشباب لا يعود ولا يُعـوّض . ثم إنَّ الإنسان يعيش مرة واحدة ، فلم لا يمتصّ رحيق الحياة ، إن عرضت له الفرصة قبل أنْ بهِن العظم منه ويشتعل الرأس شيباً ! الفرصة لا تأتي إلا مرة واحدة ، وقد تأتي مَنْ تفوتـه تلك الفرصة فرصة أخرى وقد يفـوِّتها أيضاً وعندها سيكون الغباء الذي لا يُحسَد عليه ! كان أول ما سمعه في البارات والمراقص وأماكن الطرب أغنيتين أعجبتاه ، كانتا ذواتيْ لحن جميل وفْقَ مزاجه وهواه . أولاهما :
Heisser Sand und ein verlorenes Land
Und ein Leben im Gefahr.
رمل حارّ وأرض ضائعة
وحياة في خطر!
وثانيتهما :
Eine Rose aus Santa Monika
وردة من سانتا مونيكا
أين تقع سانتا مونيكا؟ في أقصى الغرب ، في كاليفورنيا! هذا خيال ، بل محال إنْ ظنَّ أنه سيراها ، هكذا قال في نفسه ، ولماذا يزورها ؟ ولماذا يحلم بها؟ التساؤلات كانت تدور في ذهنه، ففي الحياة ما هـو أهمّ وأجمل . شغله لحن الأغنية وموسيقاها والصوت الجميل الذي تبيّـن له بعد مدة أّنّه صوت إسرائيلي لمغنية قدمت إلى ألمانيا من إسرائيل واندمجت في شعبها وغنت بلغتهم ، وهي المغنية والممثلة الإسرائيلية كارميلا كورين المولودة في تل أبيب باسم (ني بيزمان) في 1938. هذه المغنية كسبت قلوب الألمان بصوتها ولكنتها ، واليهود بارعون في أساليب كسب محبة الآخرين بالتمثيل و الغناء و الرقص والفنون والعلوم ، فلماذا ليس الأعراب؟ كانت أمنيتها أن تكون راقصة ولكن حادثاً أصابها فأعاقها عن الرقص فاتجهت إلى الغناء . وبعد أن كسبت شهرة في ألمانيا وأدت مهمتها ذهبت إلى أمريكا لتعيش في ميامي (فلوريدا) حتّى الآن . فلماذا لا يفعل العرب وهم أكثر عدداً ومالاً وولداً؟ أهـو الأنفة ، الكبرياء، الجهل أم عدم القابلية على الإنسجام والإندماج؟ عرف أنّ الوسيلة لتعاطف شعب مع أفراد يعيشون بين ظهرانيهم هو الإندماج. الأغنية ذكرت وردة من سانتا مونيكا ، فتساءل أين تقع هذه المدينة ذات الاسم الساحر؟ ولما بحث عنها وجدهاا تقع على خليج سانتا مونيكا في كاليفورنيا غرب مدينة لوس أنجليس التي تحيطها من ثلاث جهات ، فكان حلماً أن ينعم بزيارتها لبعدها عن ألمانيا وعن وطنه الأم ، العراق ولقصوره المادّي . ولكن ، وبعد مرور 47 سنة على سماع الأغنية وجد نفسه في هذه المدينة الجميلة التي تقع على البحر الباسيفيك ، يتجول في شوارعها ومخازنها ويتناول الغداء في أحد مطاعمها ويشاهد الناس تسبح في البحر وهم في شهرديسمبر! أما كيف حدث هذا ؟ فلذا قصة أخرى .
الأغنية بالعربية
وردة من سانتا مونيكا
أخذها بحار معه بعيداً في البحر المترامي الأطراف
وردة من سانتا مونيكا
كلَّ يوم تقول له عـدْ إلى البيت رجاءّ .

أحبّـها كثيراً وحملتْ خاتمَـه،
وجعلتـه سعيداً،
كانت فاتنةً ذات جسد ممتلئ حيوية،
ولكن الفراق جاء في ليل.

وردة من سانتا مونيكا
أخذها بحار معه بعيداً في البحر المترامي الأطراف
وردة من سانتا مونيكا
كلَّ يوم تقول له عـدْ إلى البيت رجاءّ .

أخذت تفرّط أوراق وردة وتقول في الوقت ذاته ؛
سأنتظرك ، سأبقى وفيّـة لك .

وردة من سانتا مونيكا
أخذها بحار معه بعيداً في البحر المترامي الأطراف
وردة من سانتا مونيكا
كلَّ يوم تقول له عـدْ إلى البيت رجاءّ .

أواخر ديسمبر 2009
———————————————–
لسماع الأغنية يرجى النقر على هذا الرابط:

الأغنية بالألمانية
Eine Rose aus Santa Monica
nahm ein Matrose mit aufs weite Meer hinaus,
eine Rose aus Santa Monica
sagt ihm tagtäglich bitte komm nach Haus.

Er liebte sie sehr und sie trug seinen Ring,
denn sie hatte ihn glücklich gemacht,
sie war wunderschön und ein blutjunges Ding,
doch der Abschied der kam über Nacht.

Eine Rose aus Santa Monica
nahm ein Matrose mit aufs weite Meer hinaus,
eine Rose aus Santa Monica
sagt ihm tagtäglich bitte komm nach Haus.

Sie brach eine Rose und sagte dabei,
ich will auf Dich warten ich bleibe Dir treu.

Eine Rose aus Santa Monica
nahm ein Matrose mit aufs weite Meer hinaus,
eine Rose aus Santa Monica
sagt ihm tagtäglich bitte komm nach Haus.

ساحل سانتا مونيكا – ديسمبر 2009
*********************************************************
شكري وامتناني للأخ المهندس جعفر رضا زميل الصِّبا لتزويدي بالأغنية كتابة وهو من عاش ذلك العهد الجميل أيضاً.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here