سِهام المظلوم في الهدف

لؤي الموسوي

المظلوم لن يهدأ ابدا لأنه صاحب حق قد ظلمه الاخرون فسلبوه منه و قضيته عادلة متصلة بالسماء يرابط لها ويراهن عليها، ويربط مستقبله ومستقبل وطنه بهذه القضية المحورية في حياته، يعلم أن الموت في سبيل الله شرف ومنزلة عظيمة لا يقل عنها الحياة في سبيلها أو الحبس من أجلها فكلٌ رباط وجهاد.
الظالم لن يهنأ فدعوات المظلومين له بالمرصاد ترفع للسماء كالشرارة ليس بينها وبين الله حجاب يقول صلى الله عليه وآله:( اتقوا دعوة المظلوم، وإن كان كافراً ).

شدد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مبيناً على أن دعوة المظلوم مستجابة ولو بعد حين، (وعزَّتي وجَلالِي لَأنْصُرَنَّكِ ولَوْ بعدَ حِينٍ ) كما في الحديث القدسي.
فيا ابن آدم إياك والظُلم فإن الظُلم ظلمات يوم القيامة وليأتين أناس يوم القيامة بحسنات كأمثال الجبال فما يزال يؤخذ منهم حتى يبقى الواحد منهم مفلسًا ثم يسحب إلى النار سواء كان عالمًا أو متعلمًا، قاضيًا أو متقاضيًا، حاكمًا أو محكومًا، فلا يغرنك تقلب الذين ظلموا في البلاد علوًا وتكبرًا وإفساداً في الارض، ولا يغرنك حلم الله على الظالم فإنه يُمهل ولا يُهمل حتى إذا أخذه لم يفلته فإن الأحوال بيد الله ومقاليد الأمور له جل وعلا، إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون يمهد لدينه ويغرس لدعوته ويحفظ أولياءه وينصر جنوده فيد الله تعمل في الخفاء.
يا إبن آدم لايغرنك منصبك وجاهك وسلطانك الزائل، فإين الملوك والطغاة رحلوا ولم يخلفوا سوى الذِكرى النتنة بمجرد ذكرهم تأبى الانوف ان تستنشق رائحتهم العفنة، وليراجع كل منا نفسه لأن الظُلم على انواع، ربما يكون بكلمة أو نظرة أو ظن سيء أو مجاملة باطلة أو خذلان للحق وأهله، أو دناوة نفس أو ركون إلى ظالم أو خوف من غير الله أو شهادة زور أو حكم باطل جائر أو إيذاء في نفس أو عرض أو مال أو عافية، أو تقييد حرية أو شماتة في مؤمن أو سعادة في معصية أو علوًا لباطل أو قسوة في غير موضعها أو حُجة باطلة وتدليس في المواقف والآراء وتحكم الأهواء، لم يقتصر على هذا فحسب، فسفك الدم الحرام أو تمثيل بشخص حيًا أو ميتًا أو إخفاء حقيقة أو نشر كذب أو إشاعة أو جدال في باطل أو قلب للحقيقة. واعلم أن الله محيط بالعباد: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}.
يقول جان جاك روسو: “حين أرى الظُلم في هذا العالم، أسلي نفسي بالتفكير في أن هناك جهنم تنتظر الظالمين”.
ان يوم العدل على الظالم اشد من يوم الجور على المظلوم،

حينها تنتهي وتزول السطوة والقوة والجبروت والفرعنة، ويتحول المشهد للخوف الشديد والرعب البالغ المهول تنخلع فيه القلوب ولا تغمض فيه العيون ولا تطرف لهم أبصار، وتنكس فيه الرؤوس ذليلي الحال بين يدي العزيز القهار {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ . مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here