الجامعات العراقية بوابة السياسيين نحو انتخابات 2018

قد يبدو المشهد غريباً حينما يفتح الحرم الجامعي أبوابه بوجه السياسيين فيلقون خطباً أمام الطلاب، والأغرب منه هو عدم قدرة وزارة التعليم على الوقوف بوجه المد السياسي في الجامعات لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية.

توجهت بوصلة السياسيين العراقيين هذه المرة صوب الجامعات العراقية أملا في استقطابهم وحشد التأييد لأحزاب أولئك السياسيين وقوائمهم الانتخابية التي لم تتشكل بعد، لكن التحركات بدأت مبكرا هذه المرة رغم وجود احتمال قائم بتأجيل الانتخابات مرة أخرى.

في 28 كانون الثاني (يناير) دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى إبعاد الجامعات عن الصراعات السياسية الدائرة في البلاد، وعدم توريط الطلاب في الخلافات وقال إن التعليم الجيد يكمل انتصارات العراق على الإرهاب.

وقال العبادي، في كلمة ألقاها لدى زيارته إلى جامعة واسط بمدينة الكوت العراقية “من لديه مشكلة مع رئيس الوزراء فلتكن مع رئيس الوزراء دون أن تؤثر على أمن البلد وسير المعركة ضد الإرهاب”.

علي الاديب، وزير التعليم العالي العراقي الاسبق يقول ان “الطلاب متمحورون حول شخصيات سياسية أو رموز دينية مختلفة، فلذلك عند فتح المجال للترويج السياسي او الديني تعم الفوضى والصدام وتصبح ثمة صراعات بين الطلبة”.

ويضيف إن “الدستور العراقي، وبالاخص قانون الانتخابات يمنع استغلال المؤسسات الحكومية، في كسب الاصوات الانتخابية”.

عميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين عامر الفياض تحدث لـ”نقاش” قائلا إن “الشعار الذي يؤكد بان الجامعات يجب ان تبقى دون تدخل سياسي ليس صحيحاً، وانما الصحيح يكمن في ابعاد هذه الجامعات عن التحزب السياسي وليس عن العملية السياسية برمتها”.

الفياض يشير هنا الى ان “كبار السياسيين في العالم هم نتائج مخاض الجامعات في بلدانهم، وبالتالي فان العملية السياسية في العراق تحتاج الى اقحام الطبقة التعليمية ضمن خططها المستقبلية”.

لكن الفياض ينبّه خلال حديثه بان “ظاهرة استغلال الطلاب في الجامعات وإغوائهم بوعود كاذبة من اجل انتخابهم يعد أمراً مرفوضاً، وأنه سيكون ذات تأثير سيلبي على المؤسسة التعليمية في العراق”.

عميد كلية الاعلام في جامعة بغداد هاشم حسن قال ان “معظم الكتل السياسية لا تتردد باستخدام جميع الوسائل بغض النظر عن انواعها واشكالها وحتى طرقها، لأجل كسب الانتخابات بأي ثمن كان، اذ بات اسلوبهم يخلو من المعايير الاخلاقية والادبية”.

ويضيف “دخول السياسيين الى الجامعات يعد بابا لتلوث هذا المجتمع المصغر ولابد من ابعاد المؤسسات التعليمية عن الأجواء والعملية السياسية الجارية في العراق، وهناك كتل سياسية تضغط على وزارة التعليم العالي العراقية من اجل استغلال مقاعدها الدراسية”.

في تموز (يوليو) الماضي أقال رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وزير التعليم حسين الشهرستاني بعد اتهامه بعدم قدرته على إبعاد المؤسسات التعليمية عن الضغوط السياسية، وحاول الوزير العراقي الجديد للتعليم عبد الرزاق العيسى وبعد عام من تسنمه المنصب منع التدخل السياسي الجامعات لكنه لم ينجح تماما والدليل على ذلك أن قيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق دعا في آذار (مارس) الماضي إلى تشكيل “حشد جامعي” من الطلاب.

هذه الدعوة اكدت محاولات الاحزاب لاحتواء الجامعات قبل الانتخابات إذ قال الخزعلي ان “طلبة العراق اليوم بحاجة إلى تنظيم صفوفهم لأنهم بذلك يستطيعون إسقاط أي حكومة أو نظام فاسد، ونحن اليوم بحاجة إلى أمرين لتحقيق إنجاز على المستوى الطلابي في العراق أولهما توحيد الصفوف وترتيب أوضاعنا والتعامل مع الأمر كما في معارك الحشد الشعبي العسكري، والاتفاق على رؤى وأهداف ووسائل وآليات موحدة من شأنها توحيد الجهود والطاقات الطلابية”.

حبيب الطرفي النائب عن التحالف الوطني الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي قال لـ”نقاش” إن “الوسائل التي تستعمل من قبل الكتل السياسية العراقية لحصد الأصوات الانتخابية غير مجدية، ولا تبني العراق في مرحلة ما بعد داعش”.

ويضيف ان “منظمات المتجمع المدني لابد ان يكون لها دور فعال بتوعية الطبقة الجامعية وابعادهم عن هكذا امور، فضلا عن اهمية الشباب الجامعي باعتبارهم قادة العراق المستقبليين”.

مشوار البحث عن الاصوات قبيل انتخابات المجالس المحلية في العراق، بدأته الكتل السياسية هذه المرة في الجامعات املا في كسب التأييد من شريحة لم يتمكن السياسيون من كسب ثقتها يوما.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here