3 تشكيلات من القوات المشتركة تبدأ آخر معارك الموصل القديمة

بغداد / وائل نعمة

شرعت القوات المشتركة، أمس السبت، بمهاجمة آخر معاقل داعش في الساحل الايمن لمدينة الموصل. وشارك في العملية، التي يتوقع أن تحسم بسرعة، ثلاثة تشكيلات عسكرية.
وكانت القوات العراقية توقفت لفترة قصيرة، بعد أن أعلن جهاز مكافحة الإرهاب، انتهاء مهامه في غرب الموصل.

بالرغم من شدة الاندفاع للقوات، خلال الساعات الاولى لانطلاق العملية، لكن لايتوقع أن يكون الهجوم موجهاً الى عمق المدينة القديمة. وما تزال التقارير العسكرية تتحدث عن وجود “خطة خاصة” لتحرير الاحياء القديمة وسط الموصل، نظرا لوجود عشرات الآلاف من السكان المحاصرين. ويرجح ان تكون معركة وسط الموصل صعبة ومكلفة على المدنيين، وهذا ما دفع القيادة العسكرية، مؤخرا، الى تغيير خطتها، والطلب من سكان تلك الاحياء بالخروج. وبحسب مسؤولين محليين، فان الخروج لن يكون امر سهلاً، مع حرص داعش على الاختفاء بين المدنيين الى اطول وقت ممكن.
وكانت القيادة العسكرية قد دعت، مع بدء عمليات تحرير الموصل أواسط تشرين الاول الماضي، أهالي الموصل التزام منازلهم وعدم مغادرتها، لكنها بأغلب الاوقات لم تستطع حمايتهم، حيث قتل عما لايقل عن ألف شخص خلال الاشهر الماضية، على وفق تقديرات مسؤولين. ويتوقع ان يسفر الهجوم الاخير على آخر ثلاثة احياء شمال المدينة القديمة، بفرض حصار مشدد. لكن يخشى بالمقابل من ان يدفع الحصار مسلحي داعش الى استخدام آخر اوراقه، التي قد تكون الاسلحة الكيمياوية.
وعزز التنظيم، خلال المعارك الاخيرة، سلاحه التقليدي ليزيد من مدى الاصابات في صفوف القوات المشتركة والمدنيين، بحسب مصادر عسكرية. وعثرت قوات الرد السريع، قبل ايام، على معمل استعمله داعش لصناعة صواريخه المحملة بغازات سامة في منطقة الاقتصاديين شمال الساحل الايمن. وكانت صحيفة الإندبندنت البريطانية قد كشفت، الاسبوع الماضي، عن وثائق سرية لداعش، تؤكد اختباره اسلحة كيميائية على البشر قبل استخدامها في الهجمات. واستخدم داعش المواد الاولية لصناعة اسلحة كيماوية، من مختبرات جامعة الموصل، التي كان يسيطر عليها لأكثر من عامين.

تطويق الموصل القديمة
وتقترب القوات المشتركة الآن من عزل المدينة القديمة بشكل تام عن مدينة الموصل. وتشارك قوات مكافحة الارهاب والشرطة الاتحادية، والفرقة 9 المدرعة بالجيش، بالهجوم على آخر ثلاثة احياء تحيط المدينة من الجانب الشمالي.
ويقول حسام الدين العبار، عضو مجلس محافظة نينوى في اتصال مع (المدى) امس، ان “العملية انطلقت في فجر السبت”، متوقعاً ان تنتهي في غضون يومين.
وتهاجم القطعات العسكرية أحياء الزنجيلي، والشفاء، والصحة. ويؤكد العبار ان هذه الاحياء “تضم بين 20 الى 25 ألف نسمة، وأن داعش يمنعهم من الخروج باتجاه القوات الامنية”. ودعت القيادة العسكرية، قبل يومين من الهجوم الاخير، سكان المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة تنظيم داعش، إلى مغادرتها “على الفور” حرصا على سلامتهم.
ويعد هذا النداء تغييراً واضحاً في الخطة العسكرية، اذ كانت البيانات العسكرية السابقة تحث السكان على البقاء في منازلهم. إذ تواجه الحكومة صعوبة في إغاثة النازحين بعد ان فاقت اعدادهم الـ600 ألف شخص.
ويرجح العبار، القريب من مسرح العمليات، ان “العملية الحالية لن تستهدف عمق المدينة القديمة”، عازيا ذلك الى “ان تلك المنطقة عبارة عن احياء ملتوية تحتاج الى خطة مستقلة”.
لكن المسؤول المحلي يتوقع ان يكون الهدف من دعوة القيادة العسكرية لخروج الاهالي، هو إخلاء المدينة القديمة تمهيدا لاقتحامها.
وكان من ضمن السيناريوهات المتعددة، التي طرحت لحل عقدة المدنية القديمة، ان تضع القوات خطة لإجلاء المدنيين، واستخدام سياسة الارض المحروقة، حيث لايمكن خوض معارك في ازقة لايزيد عرضها على الـ 2.5 متر. ووجه الفريق الركن رشيد يار الله، في بيان صدر عن قيادة عمليات (قادمون يانينوى) يوم الخميس الماضي، الدعوة لسكان مناطق الزنجيلي – الصحة الأولى – باب سنجار – الشفاء – الفاروق – رأس الكور – الميدان – باب الطوب وباب جديد، للخروج من منازلهم.
وقال يار الله ان “الحكومة العراقية والقائد العام (للقوات المسلحة حيدر العبادي) حريصون عليكم ومسؤولون عن سلامتكم ومصرون على اكمال التحرير لكل شبر من أرض العراق”. وكانت القيادات العسكرية تحدثت، خلال الاسابيع الاخيرة، عن خطة لإكمال ما تبقى من مدينة الموصل قبل حلول شهر رمضان.

ضبط أسلحة كيمياوية
لكن مسؤولا محليا لا يستبعد ان يحضّر داعش لمفاجآت وصفها بـ الخطيرة، وان يلجأ لاستخدام الاسلحة الكيماوية.
ويقول زهير الجبوري، عضو مجلس قضاء الموصل في تصريح لـ(المدى) امس، انه “خلال الجولات مع قيادة مكافحة الارهاب وجدنا ان التنظيم قد طور اسلحة كثيرة، وقد يكون قد طور سلاحاً كيمياوياً كذلك”.
واضاف الجبوري ان “داعش صنّع قنابر هاون، كما طور الصواريخ العادية الى حرارية، لإحداث دمار واسع”، مشيرا الى ان التنظيم “طوّر مدى أسلحة القناص من 2 كم الى 7 كم”.
ورأى المسؤول المحلي، وهو ضابط في الجيش العراقي السابق، ان “صنع سلاح كيماوي لايكلف كثيرا، فيمكن استخدام مواد اولية متوفرة، بالاضافة الى انه استخدم مختبر جامعة الموصل لذلك الغرض”.
وكان ضابط في كتيبة الهندسة بفرقة الرد السريع قد قال لوسائل الإعلام ان قواته عثرت على مواد كيماوية خطيرة، من ضمنها مادة (الخردل السامة)، في جوامع تقع في حي الاقتصاديين غرب الموصل.
وسجلت منظمة الصليب الأحمر الدولية، بحسب الـ (بي بي سي)، أول هجوم باستخدام الأسلحة الكيميائية في آذار الماضي، إذ أطلق التنظيم قذائف هاون إصابت 12 مدنياً.
ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية، نقلا عن سكان محليين، فإن هناك 3 هجمات على الأقل شنها التنظيم باستخدام السلاح الكيماوي في نيسان الماضي.
ومؤخرا، كشفت البنتاغون ان الضربة الخاطئة في 17 آذار الماضي، في وسط الموصل، ادت الى دمار كبير بسبب وجود مواد كيماوية في المطقة. وقال تقرير الدفاع الامريكية ان “محققين عثروا على بقايا كيميائية من متفجرات استخدمها المسلحون مثل النتروغليسرين”.
ولايستبعد زهير الجبوري ان يستخدم داعش ذلك السلاح، لفك الحصار عنه في المدينة القديمة، اذ لم يعد امامه خيار آخر غير الاستمرار في القتال.
وأكد الجبوري ان “القوات الامريكية نفذت انزالا في وقت سابق في قضاء البعاج لاعتقال خبير في الصناعات الكيمياوية”، مبينا ان “الانزال العسكري، الذي لم يحدد وقته، اسفر عن اعتقال دكتور في علم الكيمياء كان يساعد داعش على انتاج صواريخ كيمياوية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here